قصة قصيرة من الواقع المعيش( انا وسيارتي في هذا الصباح الخريبكي بامتياز..!!) عبد الرحيم هريوى خريبكة – المغرب




     قصة قصيرة من الواقع المعيش

( انا وسيارتي  في هذا الصباح الخريبݣي بامتياز..!!)

  

 عبد الرحيم هريوى

خريبݣة اليوم – المغرب


اليوم تأكدت بالفعل، وعرفت بأن في مدينتنا يتواجد فيها فئة من بني البشر مصنفة في خانات خاصة..

فما بالك بهؤلاء القوم ؛ لا يحترمون فيك لاسنا ولا أخلاقا ولا إنسانية، ولا هم يحزنون..!


هو نوع من بني البشر يثور و يستشيط غضبا لأتفه الأسباب، أو بدعوى أنه متعصب ..او يتعصب عليك، فكلاهما سيان، وحينما يثور في وجهك ،وأنت لم تقم بأي ردة فعل خارج حدود اللياقة و القانون والأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، أو أي عمل يمكن أن يتجاوز حريتك ،وحرية عربتك حينما تبحث لها عن مكان آمن وقانوني تتركها فيه..!

سيارتك أو نسميها عندنا نحن المغاربة بالزوجة الثانية، لأنك تنفق عليها الكثير الكثير،أي ما يفوق 6000 درهم سنويا، وهي متوقفة، لا أنت أحببت ذاك أم كرهته..يا آبن أمي ! إن أردت أن تبحث لك عن سفر مريح وبدون متاعب وأعصاب عبر وسائل النقل العمومية..!


سيارتك التي تدفع عنها من " دم جوفك " للدولة من  طابور من أصناف من الضرائب،دون إغفال للمخالفات الطرقية الصاروخية إن شدتك النشبة ، والتي لا تناسب بالمطلق مستوى الدخل الفردي للمغاربة وكان ذلك بالأمس، قبل كوفيد وحرب أوكرانيا.. أما اليوم فقد ٱزداد الطين بلة مع كوفيدالأسعار الغذائية بمئات الدراهم ،إضافة للارتفاع الصاروخي للغازوال، في عهد حكومة المال والسياسة( ليبرالية مغربية متوحشة بتميز..!؟!) والتي لاترى فينا إلا الدراهم البيضاء بالليل والنهار، والتي تجنيها بالملايير بل تحلبها حلبا سهلا من جيوبنا رغم الجفاف في كل شيء حتى في المصروف والإدخار الأسريين، والزيادات عند كل مطلع يوم عصيب ، وفي كل شئ شيء يأكل أو يشرب أو يلبس أو..!!


هي من القصص التي نعيشها يوميا، ويعيشها الكثيرون أمثالنا ،لكن تحتاج سوى للفن في لغة السرد وبحر الكتابة، والتوفر على نفسها الطويل ،كي تبدع في نصوصها، وتقدم للقارئ والقارئة، كل شيء من أوجاع وأحزان تحسها ،أو تتلقفك في شوارعنا البئيسة من أخلاق هذا الزمان العجيب في كل شيء، وخاصة حينما تجد نفسك وجها لوجه مع نوع من بني البشر لا يعرف إلا القاموس من بدي الكلام، و لغة ومعاني الشارع الساقطة ..!



ولعل قصة اليوم وما فيها؛ وما سندونه بين ثنايا هذه السطور، أي منذ البداية ،حينما أوقفت سيارتي هذا الصباح الجميل بزنقة بعيدة عن الأماكن المعروفة المكتظة والمزدحمة بالعربات لضيق شوارعنا بالمدينة المنجمية الثرية، وذلك قرب الثانوية الإعدادية الإمام مالك، بالقرب من جهة مكاتب العدول، وبشكل قانوني، فلاعلامة تذكر ولا إشارة تمنعني من الوقوف بذاك المكان، وبعد أن أحكمت إقفالها، توجهت صوب مكتبة قرب مؤسسة الشروق الخاصة بشارع بني عمير، كي أطبع بعض الأوراق لٱبني عدنان، ثم بعدها قفلت راجعا..ولم يتجاوز ذلك سوى بضعة دقائق،وأنا الآن في وجهتي صوب سيارتي المعلومة، لكي أتوجه فيما بعد لبانوراما، المكان المفضل لدي صباحا ،كي أحتسي قهوتي، إذ أثارني" المندرين الأخضر" الذي يتواجد في هذه الفترة من فصل الخريف، وما هي إلا هنيهة قصيرة ، حتى وأنا أمام شخص غريب الأطوار في كل شيء، يتلقفني بسرعة فائقة، وكأن شيئا خطيرا قد حدث في غيابي عن سيارتي.. وبسؤال غريب ومفاجئ أيضا، وفيه نبرة من التحدي ،لا أعرف كنهه ولا حقيقته..!؟!

- واش هذه سيارة تاعك ..!؟!

- أي بعدما تأكد بأنني بالفعل صاحبها، وهو يريد أن يخبرني بأنه قد عرق ونشف وغضب. في انتظاري كي يفعل معي اللازم طبعا..!

- وقد صادفته أمامي من جهة الزنقة خلف الإمام المالك التي تربط شارع الزلاقة الرئيسي..!!

- وهو الآن؛ يحاول أن يفعل أي شيء شيء، كي يخبرني بأنني وقعت في المحظور، لا لشيء؛ سوى أنني أوقفت سيارتي أمام باب أو بناية أو ملك في ملكيته.. أي مكان لا أعرفه..!

- ولم أفهم عتابه بالضبط لي بالباطل كذلك..!

ولربما أهل البادية عندنا، و الذين ما يزالون لهم من المحافظة على العادات والتقاليد والأعراف ،بأن لا يقدم زائر ولا غريب، ويدخل ديارهم إلا بعد الإخبار، وأخذ الإذن من شيخ القبيلة وزعيمها، وذاك ما لم ينتبه له الكاتب اليوم عينه، وكان عليه بأن ينتظر هذا الشخص حتى يؤذن له بالوقوف من عدمه، في وقت أنه لم يكتب أي تنبيه كما يفعله الآخرون أمام رِيدُ وَاتِهِمْ (ممنوع الوقوف وشكرا..!)) وبعدما لم يشف غليله..بدأ وقتها يصيح، وهو يقول لي بصوت مرتفع كي يسمع القريب والبعيد..!

- ممنوع الوقوف، هنا بهذا المكان يا فلان..!

- أجبته :

وهل هناك علامة تخبر بذلك يا صاح..!؟؟

- فانتفض في وجهي غاضبا، وكأني قطعت له آخر الخيوط المتبقية من إنسانيته،إن هي وجدت، ولا أظن ذلك .لما شاهدته ورأيته، وسجلته ذاكرتي اليوم.. وهو مازال يرفع صوته، وكأنه يقول لنفسه ولمن حضر، فهو شخص فوق الأعراف و القانون بكل أنواعه وأصنافه أو لا يفهم فيه أي شيء، إذ تنتهي حريتك حينها تبدأ حرية الآخرين..!!

- وللكاتب كرامته وهيبته، وأسلوبه الذكي الذي ينتقيه في كل زمان ومكان..!

- قلت له : 

نادي لنا على البوليس فورا، كي نحسم في الأمر.. ويعطى لكل ذي حق حقه ، وننهي هذه المهزلة..!؟!

-قال لي :

هي الأولى ..ولكنه اضطرب.  وشعرت بأنه يخبط خبطة عشواء الآن ..!

- مد يده لهاتفه مسرعا أمامي..وأنا أنتظر وأنظر مركزا على ألوان تتصاعد على وجهه، وبدون أن يفعل أي شيء..!

لكنه في المقابل استعمل قانونه الخاص، وقد استشاط غضبا، خاصة لما تحديته.. وبدأ في الصَبِّ كرعد عاصف، مما جاد علينا هذا الصباح من قاموسه البغيض، وبعض من أفراد عائلته يجرونه، وهم ينهون وينأون.. وبصعوبة يدفعونه للدخول لداره إن كانت هي بالفعل كذلك، وهو لم يتوقف على الظهور، بمظهر القوي المتحدي لشيخ مسن كبير مثلي، وهو العارف والعالم بأسرار بني البشر مثلي.. وتلك حقيقة مترسخة لديه في نظره طبعا.. وهو يتوجه لي بكلام من الدرجة البغيضة، بعدما أقول له ما لذ من أطيب الكلام..و بعدما شعرت بان صاحبنا ،لا يتحكم بلسانه بالمطلق، لأسباب وظروف أنا أجهلها..!

-قلت له ما قلته كي"  لا يَجْعَرَ أكثر..!! " 

-لكنه ما زال في ممشاه وخطاه، صحبة إبليس اللعين.. الذي يعينه ويساعده على ركوب رأسه، وصعود قمة الجبل في دواخله..!

- قال لي : 

أنت تعرف الله يا صاح..!

-لم ابق أعر كلامه أي ٱهتمام يذكر، ازداد منسوب قلقه، وتعصبه عنان السماء ،ولا أنا قد صاحبته في غضبه، بعدما صُمْتُ عن الكلام..!

وحاولت في آخر المطاف أن أهادنه ،لعل أعصابه تبرد بعض الشيء..!

لكن لمن كا تعاود زابورك يا داوود..!!

-قلت :

 يا الله؛ أولدي  أنا غالط اسمح لي داب …!

قال لي :

أتريد أن" تُرَطِّبَنِي بِوَلْدِي..!" أنا رنا عارف أمثالك، ولا أدري أين التقيت معك بالضبط..!؟؛

-وأنا بالفعل لم يسبق لي أن رأيت أو عرفت هذا الوجه في يوم من الأيام بالمطلق..!

-وبصعوبة كبيرة أدخلوه من الباب ،بعدما جاءت حارسة السيارات للمساعدة في مثل هذه المواقف المشهودة ،والتي كانت شاهدة على هذا السيناريو الصباحي الغريب والممتع ..!

- الكل الآن يطلب مني أن أغادر ..!

- منحت الحارسة بعض الدريهمات ،وحركت عجلات عربتي ،وأنا أقول الدعاء الذي نسيته وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره :


               اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل

                         وان أزل أو أزل

                        أو أظلم أو أظلم

                    أو أجهل او يجهل علي


ولكل ذلك؛ فكل كاتب يكتب ما يتلقفه من أحداث في واقعه المعيش، وما يحسه من ألم ومن ظلم بين كان أم خفي ، و لا مفر من التفريغ.. لأنه كلما كثرت الملابس المتسخة لربة البيت قرب آلة التصبين، كلما فكرت بجد في التخلص منها وإعادتها لحالتها الطبيعية في أقرب وقت ممكن..!!

والله يفيقنا بعيبنا قبل ما يشوفوا العادي والبادي..!!


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى