سيارة رانج روفر..ورمي الأزبال من النافذة..!نص قصصي // عبد الرحيم هريوى خريبكة اليوم الأحد // المغرب


 سيارة رانج روفر..ورمي الأزبال من

النافذة..!

نص قصصي // عبد الرحيم هريوى

خريبكة اليوم الأحد // المغرب



في مساء هذا اليوم ، أكون قد ذهبت لمحطة شال في طريق العامريات بخريبكة لغرض سأقضيه، يستلزم مني الحضور لعين المكان صحبة صديق عزيز.. !


-وبعدها فكرت مليا ، بأن أستغل الظرف كي  أتمشى بعض الشيء، عبر  المسار الطرقي المؤذي للطريق السيار خريبكة الدار البيضاء بني ملال ،والذي يمر بالقرب من مقبرة العامريات..

-وها هنا؛ فلا شيء يثيرك أكثر من  الضجيج والصخب الذي  لا يتوقف لأصوات شتي  ..!

-هناك أصوات محركات لعربات مختلفة و التي تسابق الزمن ..!

-احتكاك العجلات ودخان ٱحتراق الوقود ..في غياب ٱحترام لبعض العربات للسرعة المحددة في العلامة 60 قبل دخولها للمدينة الفوسفاطية ..! 


ظل ذهني مشتغلا كحاسوب في هذه اللحظات،وهو يعيدني للحظات حزينة..!نكون قد شيعنا فيها أكثر من صديق حميم لمتواه الأخير.وقد نزل ضيفا أبدي في عالم الصمت والسكون إلا من تغريدة لعصفور وحيد .. يبكي حاله وأحزانه على كائنات بشرية، لا تعلم أي شيء عن ما ينتظرها في أعالي السماء.. ولا في جوف ظلمات سرمدية في باطن  الأرض ..!


 وأنا أمشي بخطوات متثاقلة ..وبالكاد أحمل أثقالا مع أثقال جسمي ..!


-وها أنا الآن في طريقي تلك؛ كنت أعد خطواتي المتثاقلة عد المنهك ، و قد مرت بالقرب مني سيارة من النوع المعروف لدى المغاربة ولا يكسبه إلا أصحاب الحبة والبارود، كما يعبر عن ذلك المغاربة في مثل هكذا وصف..سيارة من نوع "رانج روفر "ويصعب حتى النطق بٱسمها ،قبل ثمنها ..سوداء اللون..!


 ولم أنتبه لها طبعا..ما دام خيالي مشغول بأشياء أخرى في المحيط نفسه، و الذي أحاول أن أكتشف مافيه ..!

وقد يتساءل القارئ :

- كيف عرفتها إن لم تكن قد أخذت بصرك وأثارك لونها وجمالها..!؟!

ربما قد يكون ذلك ممكنا في زمان قد مضى ..! أي حينما كانت الأحلام الوردية تتراءى لنا ..هناك بعيدة بعد ما بين المشرق والمغرب ، للقدرة الشرائية المتضعضعة ،وراتب الوظيفة العمومية،والذي ما فتئ يعاني من كل الضربات والزيادات المتتالية في كل مستلزمات الحياة وضرورياتها ..!


-وفجأة؛ ها أنا قد ألمحت يدا تخرج من نافذة السيارة المعلومة، وهي تمشي بسرعة جد منخفضة .. 

- فها هنا أثارني الفضول، لما تحمله ..!

-علبة بيضاء تبدو لي من بعيد، يتم رميها في الطريق.. بطريقة فيها ما فيها من السلوكيات الاجتماعية المنبوذة ..!

-العلبة تشتت..ولا أعرف ماذا تحويه بالضبط..!؟!

- ابتعدت مني السيارة الفاخرة تلك بعض الشيء ..!

- خرجت نفس اليد..!

- فعلت ما فعلته في المرة الأولى..!

- صرنا أمام علبتين ..!

- قمت بتحريك العلبة الأولى بقدمي، خوفا من المجهول طبعا.. وكان ما تحويه بقايا طعام لعل مصدره المطعم القريب من محطة شال..!

- ولعله كذلك؛ بدا لي ..والله أعلم ..!

- وما كان مني إلا أن جمعت العلبة بما فيها وأبعدتها عن وسط الطريق..!

-ولما وصلت للعلبة الثانية، وجدت البطاطس المقلية قد اتخذت لها مساحة وحيزا في المكان ..!

- وكان علي أن أكون حضاريا مع نفسي أولا، وحاولت جهد الإمكان أن أبعد ما يتم إبعاده عن عيون المارة إن هم انتبهوا كما أحسست وشعرت بشكل عفوي وتلقائي..!  ..


- وتذكرت كلمات وازنة وثقيلة ومعبرة نعزز بها نصها القصصي هذا، من مقال أكون قد قرأته عن التخلف الذي نمثله نحن الذين نقوم بهكذا سلوكيات مرفوضة ومنبوذة، إما لجهل نحمله في أدمغتنا أو لافتخار طبقي وتميز نريد أن نظهره في كل ما هو مشين ومعيب، أوكما قال الكاتب السوري خالص جلبي:


  • ويقف الإنسان حائرا يفكر في طبيعة المرض الثقافي،الذي ينتج مثل هذا الإنسان المشوه،كما يحدث في الأخطاء الجنينية.ففي الوقت الذي يتقدم العالم ،نمشي نحن إلى الخلف في أوطان تمشي على رأسها،بدون أن يشعر المواطن بالدوار


وظل ذاك المنظر المستفز يثير غضبي ويحز في صدري ،وأنا أثير سؤالي الميتافيزيقي بين سيارة فاخرة ٱسمها رانج روفر ومن يتواجد بها..وعن أي نوعية من العقليات ننافس من هم وراء البحر في ما هو حضاري وحداثي كمواطنين أذكياء..!؟!


-فكيف لأمثال هؤلاء الذين تراهم يتكلمون عن الوطنية والحداثة والحريات الفردية والجماعية والتنمية وهلم جرا..

وهم ما زالوا لم تتحرك ولو شعرة في رؤوسهم من أصحاب سيارات فاخرة مثل هذه، تجوب شوارعنا وطرقنا ٱسمها رانج روفر ولكن من يمتلكها يحتاج إلى الكثير حتى يصل للبشر الحداثي المتحضر المعتز بمدنيته و الذي صنعها،لأنه في بلدانهم لا يوسخون شوارعهم بالأزبال، وباقا السندويتشات ،بل أمثال هؤلاء وفي تحد صارخ للطبيعة الإنسانية يرمونها من نافذة سيارتهم في الطريق العمومي و على مرأى من المارة  ..

- "وعلى عينك أبن عدي..!" 


ففي أوطانهم يحترمون السرعة المحددة في أي مكان كانوا و تواجدوا ..ويتعاونون على المساهمة في تنظيف عقولهم قبل أزقتهم وشوارعهم ..!


وبحثت لي عن نهاية لقصتي هذه ..

وما وجدت لي، أبلغ كلام للمفكر والطبيب وصاحب المعرفة العميقة عينه ، إنه السوري " خالص جلبي " في عنوان الإنسان المريض


أن يتأخر الإنسان عن موعده او لا يتقن عمله أو يرمي القاذورات على الأرض مع وجود الحاوية على بعد أمتار، أو يملأ صناديق الفاكهة حشفا وسوء كيلة من الأعلى، الجيد ومن الأسفل السيىء الفاسد يعني أن هناك مرضا مستفحلا


وكان لابد علي أن أكتب الحدث في سرد قصصي، وبوعي مجتمعي لا يخلو من فائدة لكل قارئ وقارئة سيمر بين ثنايا سطورنا..!


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى