قصيدة شعر.. ورصاصات ثلاث ..!! عبد الرحيم هريوى خريبݣة اليوم المغرب
قصيدة شعر
و
رصاصات ثلاث ..!!
تلك أنامل تحمل قلما
يبدع في عالم عشق الكلمات..!
و قد خطت بمدادها الأسود
وجه ورقة بأغنى العبارات
وهناك شبح غير مرئي
يصوب مسدس بيد أخرى
يراقب الوضع عن كثب
يجاري السطور و معاني المفردات
الرصاصة الأولى ..
صوب العنوان :
(( ..الغضب الشديد آت في الطريق..!!))
يتحرك خزان الرصاصات ويحدث صوته المأذون
يطلق الطلقة .. فارغة
ويستمر الوضع وينبئ بشتى المفاجآت
مضمون القصيدة :
عن قهر وبؤس وعيش في سياسة من المفارقات ..!
الرصاصة الثانية ..
يتحرك الخزان مرة أخرى ويطلق طلقته الثانية
فارغة.. ومرت بردا وسلاما
انتهى شاعرنا من قصيدته و بدون مقدمات..!
وكتب سطورها الأخيرة بحذر
وقال الشعب بغضب :
وما ل هذه الأرض وقد أنهكت تربتها..؟!
ومال هذا الماء وقد أمسى غورا
واجهدت طاقته ..!؟
ومال هؤلاء القوم ..!
ولم يتمم جملته الأخيرة..!
الرصاصة الأخيرة ..
فانطلقت رصاصة مدوية
وحولت الورقة إلى جثة هامدة
وسال دم القصيدة على المكتب
قطرات وقطرات..!
واختفى الشاعر
ولم تبق إلا صورته المعلقة ..!
والرصاصة الأخيرة..!
ورقة مقتضبة في كتاباتك عبد الرحيم هريوى
( قصيدة شعر .... ورصاصات ثلاث )
من خلال العنوان الذي يسقط المتلقي في حبال التشويق ،شدني النص الجذاب والمثير لكونه عميق الإيحاء ،يجعلك تمتطي صهوة الخيال لتسافر عبر الزمان والمكان لما تحمله مساحة المتن الدلالية من أضواء تغرقك في مجاري المعاني بكل ألوان الطيف ،فالعنوان يفشي بما يخالج الكيان وأعماق الذات ، إنه يعبر عن تذمر المبدع حيال الواقع الملغوم . فالشاعر يتغنى نبض ما يحوم حوله وما يجري على كوكب الواقع بصياغة الترميز الذي هو الجنس الأدبي المراوغ الذي يشفي الغليل ، إنه يحاول ترجمة أوجاع ذاته وهموم مجتمعه منتشلا حروفه من رحم الكد والأحزان وضنك السهر ، لقد حاول ما أمكن ربط العلاقة الكاملة بين العمل الإبداعي والواقع بمختلف تجلياته ومظاهره المتباينة . نص يخاطب الحس وكذا العقل والوجدان بلغة المعنى معتنقا العبرة وصدق التعبير ، فالكلمات هي صدى أعماقه تدوي باحتراق ، تروم لتغير كل معتم طافح بالأسى ببلاغة تلامس الحياة مجسدة أعماق الكيان بلغة بليغة دالة ....
نعم يمكن الجزم على أن سي عبد الرحيم يترجم رؤاه بحروف مخملية رشيقة قوية الأبعاد ولو أنها تروم للترميز والإيحاء بشكل كبير ...
بحق إنها تجربة رائدة في الكتابة الرمزية ، العميقة المعنى .
نعم إن الشعر تعبير ينبع من الأعماق ، كما هو ترنيمة روحية ، وخلوة الذات وشحن داخلي ، هو منجاة من صخب الواقع المعيشي وكذا الضجيج المؤرق في زمن التفاهة ... لقد سخر الشاعر سي عبد الرحيم هريوي قلمه بلغة متدفقة تثير فضول المتلقي وتغري بقراءة ترية ، ماتعة لما تحمله من توهج ودلالات تتدفق برموز تجسد صرخات مكتومة داخلية تراقص هسيس الكلمات بالآهات وحيرة السؤال .
إن سي عبد الرحيم هريوى يعتبر من رواد الشعر الحديث ،يعتبر الشعر واقعه وعشقه اللامتناهي ، يكتب بتناسق بهيج ،تتألق جذوته الإبداعية وتجلو معاني نصوصه بالمعنى العميق . (ككل كتاباته الجميلة) . نتمنى له مسارا إبداعيا متميزا .
✓ بقلم الشاعر والناقد علال الجعدوني المغرب .
على هامش كتابة النص الشعري الحديث بلغة زمانه..
سلام الله عليك أيها الإنسان والشاعر والقارئ الذكي ..
فلربما هناك شيء قد نتشابه معا سيدي علال فيه ، ذاك الإنصات والاقتراب أكثر للنصوص ،و قد يخيل إلينا أنها مكتوبة بكتابة ما على الورق، لكننا في الحقيقة ونحن نعيش من زمان عبر تاريخ شعرنا العربي القديم والحديث على وقع وهيمنة الصوت على الكتابة ،لأننا أمة شفاهية نعتمد على القول والصوت والحفظ.. وكما مشى إليه القارئ والشاعر المغربي المجدد ،وصاحب المشروع في شأن الدراسة الأدبية لمستقبل التحديث الشعري(صلاح بوسريف) ومنها استعماله مفهوم العمل الشعري الذي نجد من بعض أسسه وركائزه مثلا عند كل من نزار قباني والبرغوثي وجبران ومحمود درويش وأحمد مطر وأحمد الريحاني وغيرهم ،لأن القصيدة الشعرية لا تتواجد اليوم في جمهورية الشعر أو في أسواق خاصة أوأمام أبواب قصور الخلفاء والأمراء ..القصيدة أمست شبيهة بنصوص فلسفية تبقى زبدة زمنها،بل صرنا نقف أمام مرايا متقابلة تعكس لنا صورة من واقع ثقافي سياسي أنثروبولوجي للمجتمعات ..
وكلما عشنا مع الكبار بوحهم كلما دخلنا لعالم الاحتراف في بناء نصوصنا وبطرق خاصة .وتحمل ثقلها ووزنها في جوفها ..وكما أن هناك عدة مستجدات في تدوين القصيدة الشعرية للنص المنثور..وأمسينا أمام السرد الشعري والسيناريو والشخصيات والفضاء والاسترجاع والحكي والصور الشعرية الجمالية واللغة ونوع الخطاب ،وكأننا أمام مرآة بلورية تتقاطع عبرها صورا متداخلة تعطي للقصيدة زينتها المثيرة من عنوان وإبداع ولفظ ومعنى وروح وبما فيها من الإيقاع والموسيقى التي لا تحدث مشيا بل رقصا كاملا على حد قول بول فاليري، ولنا في قصيدة محمود درويش ما يثير فينا رغبة الخلق والإبداع عن طريق تطوير طرقنا في كتابة شعرنا الذي يتكلم لغتنا وواقعنا وثقافتنا ومشاكلنا ورؤانا للإنسان والمجتمع والتاريخ والحاضر والمستقبل، لأن الشعر يأتي دائما من المستقبل..
ولو افترضنا أن بزغ لدينا اليوم شاعر يفوق شكسبير العرب المتنبي في ما رواه من نصوص شعرية قوية ومثيرة ولها وقعها عن قومه وحياة البيداء في ذاك الزمن الغابر..
فهل سيكون له صدى يذكر لدى مجتمعنا الرقمي الآن..؟
وهل ستكون لديه نسبة مهمة من القراء والمتابعين لنصوصه؟
لا أظن لأن زمن القصيدة العمودية قد ولى و مضى ولم يبق من عشاقه إلا بعض الدارسين وفئة قليلة مرتبطة وجدانيا بعشق قديم لتلك النصوص. وذاك ما استدل به الأستاذ الجامعي للفلسفة بالرباط موليم لعروسي في إحدى لقاءاته ..
تعليقات
إرسال تعليق