اللغة هي العاشقة الوحيدة التي تلهمنا وإياك..! عبد الرحيم هريوى خريبكة - المغرب
اللغة هي العاشقة الوحيدة التي تلهمنا وإياك..!
عبد الرحيم هريوى
خريبكة - المغرب
عبد الرحيم هريوى
إلى صديقي سيدي محمد القجعة
قليلون هم ..
الصامتون مثلكم سيدي محمد في زمان التهافت على كل شيء وبوثيرة عالية من الضحيج والصخب..!
و كثيرو الكلام يكتبون
لكنهم لا يكتبون أي شيء
أي شيء فيه رائحة زكية
منبعثة من أزهار المساء الجميلة
ولما سئل بيرانتشوا..
لماذا تعيش لوحدك..!؟
ولم ليس لك أصدقاء بقربك..!؟
أجاب بذكاء فوق ذكائه
أحب معاشرة الأذكياء
وأنا أحب معاشرة الأوراق مثلك سيدي محمد
وأنا أحب نفسي العميقة
خارج الفوضى والصخب والتسابق
وأنا أحب عالمي المتخيل
و أبحث عنه هناك في المستقبل
كم كان الجمال سيد موقفك وانت تنثر كلماتك نثرا متدفقا من الإبداع..!
كم كنت كبيرا
وبحق
وانت الشهم الساحر بلغتك الأدبية
أنت الذي أراك عبر كلماتك
تحلق في أجواء صمت مطبق تختارها
وتمشي فوق أتربة أرض ندية.. تعشقها
وعشقك للحرف وعوالمه..
لا هي
العشوائية تحكمه
ولا هي
الأنانية والنرجسية تمجده
الكبار
هم في سماء الحرف
قليلون
والكل يسعى
لما يسعاه طمعا في تسجيل ٱسمه
وللإنسان ما سعى
طمعا في صور تشخص حضوره
وأوسمة ونياشين للأفق تحمله
سئل العاشق للمجد في عالم الحرف
مبروك عليك جائزة الأركانة والبوكر في الشعر والأدب..!
قال والعدة على قوله لإبعاد الغرور
نعم ؛الجوائز
وجدت كي تحفزنا على المزيد من العطاء
وهي لم تكن في مخططاتي ولا في مشاريعي
ولعل الأمهات يصبن الغسيل
وتغسل أيديهن والتي لم تكن في الحسبان
كم من الكتاب والأدباء دفنوا المجد لأن المجد الحقيقي هو تدوين للحرف حينما يعيشونه بحب
وهي جراحة جسدية
وهي عمليات معقدة للذات
عبر عالم الكتابة
هو سفر طويل بدون ٱنقطاع مع الحرف إلى النهاية الحتمية..!
ولعلي أراك سيدي محمد
وانت تحمل من صوره تلك
تعيش كي تكون باللغة
لأن اللغة استثمار وفن وجمال
اللغة حياة وصناعة للنص المأمول
اللغة هي
العاشقة الوحيدة التي تلهمنا وإياك
ولعل الزواج الكاتوليكي بها
قد يريحنا
نحن نطلق جميع العاشقات.. كلهن
ونترك لنا لغتنا بين أحضاننا
و نتلمس منها الحياة المثالية
إذ نحن بحب نختارها
محمد لقعة..
إلى صديقي عبد الرحيم هريوى
بعد أن اخترقني الليل باجتياحه الطاغي، انتزعت - الكاتب والشاعر والناقد عبد الرحيم هريوى - من وسط الأيام فوجدته هادئا مطمئنا مرحا سعيدا يقطن في قلوب جلسائه ليركن في ذاكرتهم إلى الأبد.
لست أدري كيف قضيت تلك الليلة الشتائية،
صامتا وحيدا في عزلة عن العالم.
سهرت حتى منتصف الليل.
ولعلني غفوت. ولعل قطرات المطر داعبت الزجاج. ولكنني نهضت بعد الفجر. وكانت زخات المطر تتدفق.
فتحت النافذة وأصغيت.
أرعشتني نسمة باردة.
وأعادني الرذاذ إلى السرير.
نهضت مرة أخرى،
أشعلت الضوء وجلست، استبشرت بالفجر والمطر. تناولت ورقة وقلم وكتبت :
إلى صديقي عبد الرحيم هريوى.
ولم أتذكر اليوم الذي أنا فيه، فكتبت ليلة ماطرة جدا. ولكنني قبل أن أسترخي على هشيم الذكريات، فتحت مغارات الذاكرة
فتذكرت مقالتك الرائعة :
"" وسيبقى السبق لمن للحرف وجمالبته قد انتصر
الكتابة انتصار للحياة ""
لذلك،
هيأت لك في قلبي مسكنا تلجه وقت ما تشاء..
ربما عثرت علي فيك.
ربما جعلتني أغفو على ركبتي اللغة، وأركض خلف ذبذبات الحروف..!
صعب جدا أن يشكل الإنسان الجسر الحقيقي بينه وبين العالم،ذلك أن عجرفة اللغة غالبا ماتحكم علينا أن نتوقع داخل شيئيتنا الضيقة فلا ننعم بلذة السؤال ابدا. فأنت مثلا صديقي عبد الرحيم هريوى، حين تعمل على تجسيد فكرة ما في بياض اللوحة أو الورقة، فإنك تقوم بتأسيس العالم، من خلال اللغة، وعبر اللغة، من داخل وخارج اللغة، ومن تم تنطلق معاناتنا مع اللغة التي لا تطاوع رغبتنا في تفجير إحساساتنا الفاجعة.. إن اللغة هي الجسر الوحيد الذي نعبره لنأسس من خلالها هندسة الذات في مختلف تجلياتها.
لذلك...
عندما يكون القلم في زهو
يشق صدر اللغة
يأسر أبجديتها في زرائب اللغة
هكذا..
كلما اقتربنا من اللغة
تشهق داخلنا بعنف
فتنبئنا سوسنة ترقرقت
يانعة ندية،
أن الغناء غنائنا
يتردد صداه في كاتدرائيات اللغة الفاتنة.
تعليقات
إرسال تعليق