يحيلنا الشاعر" علال حبيبي" على وصفه للمرأة ذاك الرمز المفقود في قصيدته"رجع غزل" عبد الرحيم هريوى خريبكة- المغرب


 يحيلنا الشاعر" علال حبيبي"

على وصفه للمرأة

ذاك الرمز المفقود في قصيدته

"رجع غزل"

عبد الرحيم هريوى

خريبكة- المغرب


01// قراءة فنية وأدبية للنص الشعري 

"رَجْعُ غَزَل"ل:حبيبي علال



إن قراءة النصوص الشعرية عادة ما يكون لها طقوسا خاصة تصاحبها في لحظات عابرة،كي نقف على ما تصبو إلى تبليغه من خطابات ومعاني عميقة،فهي تحتاج من القارئ عينه،بأن يقرأ بتركيز شديد واهتمام بليغ،ولابد منه،بأن يعطي للنص المقروء فرصته ووقته الكافي كي يتجاوب معه بشكل من الأشكال..!

وإنه ليس من السهل بمكان على أي قارئ كان،بأن يفكك شفرات ورموز وتلميحات نصوص الشعراء عبر الألفاظ والكلمات المصاغة بطريقة أدبية حينا وفلسفيا حينا آخر ـ وذلك كي يعبر لنا من خلالها عن مغزى بوحه في قصيدته المعنية..!

  • ولأي جهة كذلك يوجه خطابه ذاك..!؟!؟

  • وبأي مشاعردفينة، وبوح رومنسي كان أم واقعي وخيال شاعري ممتد من واقعه أيضا..وكل شئ مجرد مكشوف وخفي يريد أن يتقاسمه الشاعر مع قرائه..!؟!؟

  • وإلى أي حد يتعرى في قصيدته أو ينكشف بٱنكشاف معانيه وألفاظه أو يختار في نصوصه بأن يتكلم من خلف عتمة الستار..!؟!؟


  • وسبق لـناقدة مغربية أن قالت في قراءاتها للنصوص، لابد أن نتفادى قدرالمستطاع بأن لا نغالي في استعمال أدوات وآليات النقد الجافة،والتي عادة ما نستعملها في ميادين البحوث والدراسات الأدبية ،والتي قد تجعل القارئ يمل ولا يتشوق لإتمام مسيرة القراءة النصية.خاصة ونحن في إطار تقديم منتوج أدبي للقارئ بطريقة وأسلوب قريبين من رغباته وميوله إلى حد ما.كي يسهل عليه مشاركتنا أطباقنا الأدبية التي نتقاسمها معه..!


ولكل ذلك؛فقد أخذت،حين قراءتي لهذا النص، للشاعر علال حبيبي تحت عنوان:("رَجْعُ غَزَل") نفسا طويلا، ووقتا و تواجدا كافيين بين ثنايا خفايا ما تحمله سطوره،من كلمات عصية على فك طلاسيم معانيها،لأنه عادة ما ألفناه يكتب بلغة فصيحة طبعا.لكن بمفردات قديمة نادرة الاستعمال و تحتاج للسان العرب،إن صح القول،كي يتم شرح معانيها،كما أن الشعراء هم من بين محترفي اللعب بالكلمات طبعا ..!


 ولكن لا بد من الغوص في الأعماق في وقت من الأوقات، كي نرى عالما آخر و نتلمسه من خلال قراءاتنا العالمة على حد قولة عبد الفتاح كيليطو، إذ لا يتمتع بمناظره الخلابة إلا من ألف الغوص،ومواجهة كل الهيجان والتقلبات الوجدانية والعاطفية،التي تحمل مشاعر الشاعر ذاتها للخوض في عالم المستحيلات،إن لم نقل أكثر..وخلقه للدهشة والقلق والسؤال لدى القارئ إن استطاع إلى ذلك سبيلا..!



ولعل العنوان نفسه "رجع غزل" يحيلنا على ذاكرة شخصية للشاعر"علال حبيبي"وهي ممتدة في العالم من الماضي البعيد،ووجدت لها فرصة سانحة كي تعاد اليوم فصول تواجدها كصور شعرية مشبعة بالحنين الدفين، والاشتياق لإعادة ترتيب صور رائعة ولحظات حميمية من الذاكرة الشخصية،في نقشه لبوح من كلمات جامحة تعيد دفء روح حياة جديدة في الماضي،تكون قد ماتت مع الزمان،كي يجعل منها الشاعر حقيقة تتملكه مشاعر ذاتية،تحمل في الفضاء والزمان والحدث المجهول لدى القارئ والمعلوم بالطبع لدى الشاعر علال حبيبي..!!


وقد نسائل الشاعر"علال حبيبي "في البداية:


  • فمن هي التي توارت..إذن في قصيدته تلك ..!؟

  • ومن هي التي اختفت كذلك ..!؟

  • ومن هي التي انتهت في زمن عشق مضى..!؟

  • ومن هي التي لازال ظِلُّها هائماً مُستديماً..!؟


هي إحالات عن صورة خفية لامرأة رائعة وجميلة ورائعة ملكت قلب وعقل الكاتب ولم يفارقه ظلها..ولقد ظلت سجينة ذاكرة العاشق الولهان، بعد عتاب ولوم الفراق ورجات الزمان، ولوعة الحنين للماضي بما يمثله للشاعر عينه..وهو يعود للطبيعة كي يقطف منها ما يشاء من أزهار وأعشاب برية في استعارة بلاغية وتشبيه مجازي كبيرين، في اللفظ والمعنى كي يعطي لأسلوب القصيدة عذوبته وجمالياته الفنية"وها هنا قال بن رشيق القيرواني: إن المعنى واللفظ كالجسد مع الروح في القصيدة الشعرية..!


وَزِّعِي حروفكِ عَبَقاً

اُنثريه عناقيدَ وجدٍ

عُرجوناً من حَلَماتِ تيهٍ

عُطورَ عُشْبٍ بَرِّيٍّ

زُهَيْراتِ دَفْلَى


 وفي سياق النص،ومع تسلسل أحداثه وتحولاته،وبشكل إبداعي جميل وأكثر من رائع، يحيلنا الشاعر"علال حبيبي" على وصفه للمرأة الرمز المفقود في قصيدته..والتي تتجسد أو يتصورها كشاعرة في قصيدته،لها القدرة على التجاوب معه..وهو يعطيها كامل حريتها في أن تستغل أكثر من مكون طبيعي كي توظفه توظيفا رومنسيا،كي تعود العلاقة القديمة بدفئها وحرارتها وقوتها ومكانتها الوجودية،والتي تستمدها من روح الطبيعة طبعا..لكن ذلك في تمازج وتناسق إبداعي أدبي و فني بين كلمات مفرداتها الشعرية.وما تستمده من الطبيعة كذلك من قوة وجمال وحياة..وهو يوصيها من خلال نوع من الاستعارة البلاغية تلك،تجعل لبوحها مكانته في أعماقه الحزينة، وبعدها يعطيها حرية الاختيار بعد صمت مطبق في حوار مع معشوقته ..

- ولها كامل الحرية في إتخاذ قرار الفرار إن شاءت ..!!

- كما لها أيضا حرية العودة والبقاء بين الأحضان إن شاءت..! 

لكن يا أَنْتِ التي وعدتِ فعودي وجودي..!

-وفي نهاية القصيدة يستعمل الشاعر ضمير المخاطبة بشكله الصريح (أَنْتِ) فلم تبق من الجنس المجهول :

- فهي قد أمست في ذهن القارئ "سيدة قصيدته بين قوسين" 

- وهي "يَرْقانَةُ الشِّعْرِ"أي الشاعرة صاحبة البوح العميق والتي تنثر كلماتها نثرا خياليا يجعله يعيش قوة بوحها لما يتضمنه من صور مختارة من حركة الطبيعية ومكوناتها..وهو يناديها (اُنثريه عناقيدَ وجدٍ..!!)

- وهي التي أَلْهَبْتِ وَقُوده

 - وهي البَرودُ لصهد إغرادي 

- وهي البَرودُ لِحرِّ الوجودِ

- وهي البَرودُ لعينٍ ودودِ-

وهي  المنى لفتح الحدودِ


ورَوْحَ تُربةٍ نَدِيَّة

بَلَّلَهَا زَخُّ الرُّضابِ

وأنْدَاءُ فَجْرٍ سَخِيَّة 

يَرْقانَةُ الشِّعْرِ أنتِ

رَفْرِفِي وهُبِّي

حَرْفُكِ

فاقِعُ رَحيقٍ

مَسيلُ رِيقٍ

رَقْرِقِي رُضاباً

من جَوْفٍ سَحِيقٍ

بريقاً وَضِيئاً

من رِفْقٍ وذَوقٍ

تَهادَيْ

مَلْمِلي الرِّيحَ ورِقِّي

صِيغِي صوتَكِ خَريراً

جَدْوِلِيهِ هَدِيراً

سيري على ضِفافِ الرُّوحِ

ودُقِّي

رَنينَ البَوْحِ

بِطَعْمِ النَّوْحِ  واللَّفْحِ

صُبِّي وِدًّا

عنيداً

أعيدي الصمتَ

وئيداً

فإن شئتِ

بالفِرار لوذي

أو

إلى خُلْدي فعودي



02// تقييم النص والشاعر


الشاعر والصديق " علال حبيبي ' حملنا معه في رحلة سفينة عشق رومنسية ..لقد ظلت معشوقته بكل أوصافها وجمالها محط سؤال وتساؤل لدى القارئ العابر والقارئ الدارس معا..

 - أشاعرة كانت هي..؟؟

- أم هي سيدة قصيدته الشعرية أم هما معا..؟؟

وخلاصة القول، و كأنني به يقول ما قاله الراحل الفنان الشعبي رويشة من خنيفرة المدينة الأطلسية في أغنية الغزل والعشق:

- أحلامي وأيامي بقات ذكريات..!

- شحال عديت من هموم ..!

..غير أنا صبار..!

- كل الليلة وانهار ..!

- يا ما سهرت أنا الشمعة والليل ..!

  

03//النص الشعري المقروء:


  "رَجْعُ غَزَل"

 ل:حبيبي علال

أبي الجعد / المغرب

***


تواريتِ

هكذا اختفيتِ

شَرَخْتِ وحدةً

وانتهيتِ

مهلا..

لازال ظِلُّكِ هائماً مُستديماً

وإذن

وَزِّعِي حروفكِ عَبَقاً

اُنثريه عناقيدَ وجدٍ

عُرجوناً من حَلَماتِ تيهٍ

عُطورَ عُشْبٍ بَرِّيٍّ

زُهَيْراتِ دَفْلَى

ورَوْحَ تُربةٍ نَدِيَّة

بَلَّلَهَا زَخُّ الرُّضابِ

وأنْدَاءُ فَجْرٍ سَخِيَّة 

يَرْقانَةُ الشِّعْرِ أنتِ

رَفْرِفِي وهُبِّي

حَرْفُكِ

فاقِعُ رَحيقٍ

مَسيلُ رِيقٍ

رَقْرِقِي رُضاباً

من جَوْفٍ سَحِيقٍ

بريقاً وَضِيئاً

من رِفْقٍ وذَوقٍ

تَهادَيْ

مَلْمِلي الرِّيحَ ورِقِّي

صِيغِي صوتَكِ خَريراً

جَدْوِلِيهِ هَدِيراً

سيري على ضِفافِ الرُّوحِ

ودُقِّي

رَنينَ البَوْحِ

بِطَعْمِ النَّوْحِ  واللَّفْحِ

صُبِّي وِدًّا

عنيداً

أعيدي الصمتَ

وئيداً

فإن شئتِ

بالفِرار لوذي

أو

إلى خُلْدي فعودي

وإنْ عدتِ فجودي

بنقع الخلود

كفاك هبوبا 

كفاك انسيابا

كفاك ارتيادا

كفاك ارتيابا

وانتِ البَرودُ لصهد إغرادي

وأنتِ البَرودُ لِحرِّ الوجودِ

وأنتِ البَرودُ لعينٍ ودودِ

وانت المنى لفتح الحدودِ

وأنتِ الصَّبَا لطمرِ الصدودِ 

ياانتِ التي قطعت مُدودي

يا أنت التي شفطت وُعودي

يا أنت التي أَلْهَبْتِ وَقُودي

يا أنت التي نَكَصْتِ فقودي

يا أنت التي وعدتِ فعودي






تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى