قرب السقاية بطريق بوجنيبة قصة قصيرة عبد الرحيم هريوى خريبكة- المغرب

 





 قرب السقاية بطريق بوجنيبة 

قصة قصيرة


عبد الرحيم هريوى 

خريبكة- المغرب


منشغل أنا الآن في ملء بيدوزات من ماء البئر في الطريق المعلوم، والرابطة بين خريبكة و بوجنيبة ،وكما يعرف أهلنا ها هنا في فيلاجنا الفوسفاطي الكبير ،أن البيدوزا ديال الماء أصبحت ب 13 درهم وكل شئ يكوي الجيب واليد في زمان الجشع لأهل المليارات بوطننا ..

وهم الذين يمتلكون كل الخيوط الخفية في التحكم في الأسعار بآسم الشركات والمقاولات الكبرى قبل القوانين والتشريعات التي لا تخرج عن الصب في بحرهم ومحيطهم الأطلسي ، وكله من روافدنا الصغرى  وأنهارنا التي جفت ويبس ترابها ،ولم يبق لنا إلا انتظار الأمر من رب السماء الذي قال في سورة الملك "﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوّٖ وَنُفُورٍ ﴾ الملك

..وصرنا وماء الروبيني يشربونه من لم يجد لبديله سبيلا..!

والناس تقهروا بشراء بيدوا ب13درهم ،كل شئ عندنا صار غاليا وكأن السميغ عندنا 10000 درهم والموظف المتوسط والبسيط راتبه الشهري يوازي جاره الشمالي في إسبانيا..!

نحن عندنا الماندا جوج دريال، والسلعة والكرا والضوء والماء والدواء والضرائب عندنا تتواجد في كل شئ حي  ..المجموع 10000درهم..ولا جيتي تفهم وتحسبها تسطا.. ونحن نصارع كي نعيش وسط اقتصاد غير مهيكل تتحكم فيه العائلات من زمان..!

- ونحن في أغنى فيلاج فوسفاطي ..!

- لنا الآبار للمحسنين..!

- لنا الهواء الملوث..!

- لنا ما ليس هو لنا..!

- لنا الوجع.. !

- ولنا الألم بالأضعاف..!

-وكل لنا الفشل ..!

-ولنا الفاشلين ..!

- ولهم ما هو لهم ..

- مكتوب في حصصهم ..!

- لهم كل شيء يستثمرونه كي يزدادوا غنا ..!

ونحن نزداد طلبا وحاجة وانتظارا بعد انتظار فيك يا وطني ..!


نعم ؛كلنا أو جلنا، نركب عرباتنا ونحمل بيدوزات من 10و5 ليتر، ونحج زرافات أمام صنابير آبار الماء، وكأننا في حرب، ونقف في طابور طويل في انتظار دورك كي تملأ ما حملته معك من بيدوزات ، والتي جمعتها من ما اقتنيته من الماء المعدني لسيدي علي وعين سايس وعين أطلس ،والحمد لله لدينا عيون من ينابيع في وطننا كثيرة ،لكن لسنا في حاجة إليها، وتركناها للباطرونا ورجالاتها كي يملؤها لنا في بيدوزات بثمن درهمين كي يبيعوها لنا ب13 درهم ،وذلك لما يدفعوه للدولة من ضرائب وما يشغلونه من يد عاملة مشكورين.. !


مجموعة من الآبار في طريق خريبكة بوجنيبة ؛ وقد يكون أصحابها الذين يريدون حرث الآخرة، وهم الذين قد فكروا في جني الحسنات من صدقة جارية، قبل فوات الأوان، قبل نزول ملك الموت سيدنا عزرائيل عليه السلام ..

- يا من ينهب من جيوب الفقراء الدريهمات وتصبح في رمشة عين مليارات،  وله عربات قطار من تلك المليارات،ولم يشبع ويطلب المزيد ..!


الماء عصب الحياة ..وما للماء من أثر في حياة بني البشر، منذ أن خلق الله الأرض، ولنا في قصة سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام، وقسمة الشرب بين السكان والناقة، ولعلها قصة بالغة الأهمية وتفيد أولي الألباب طبعا ..!


إذن نحن ها هنا قاعدون يا وطني الغالي ..!

وماء الصنبور.. والصهد يفوق درجة42

 والمسؤول يقول ما يقوله، وما ينشره للترويج من كلام معسول عن تدبير شؤون مدينتنا، وأن هناك مشاريع كبرى على الورق حتى سنة2025 ..!

الله أكبر..!!

ونحن شوارعنا وكأنها تعود للقرن 14..!

ونحن الذين نفهم في السياسة المجالية ودور شبه الإعلام المنحاز الذي يسعى لتبييض كل شيء، مهما كان لونه..

لا مستشفى جامعي ..!

ولا فنادق مصنفة..!

ولا مركب رياضي..!

ولا شركات كبرى في منطقتنا الصناعية تشغل اليد العاملة المؤهلة التي إما تحرك عبر الهجرة السرية، أو البحث لها عن شغل ببرشيد وكازا وطنجة إن وجد طبعا ..وها هنا ، غياب ما يبحث عنه الآخرون طبعا في المدن المغربية  الجميلة ..سياحية ..اقتصادية ..وفيها ما يشدك ويجعلك تقضي أيامك الاستثنائية  في أحسن الظروف والأحوال ، إن كان لديك مصروفك أو تتوجه للقروض وتساهم في تنشيط عجلة البنوك ..!


لكل ذلك؛ أقول ليست بحاضرة بل هي شبه تجمع سكاني كبير من الاسمنت المترامي الأطراف، ولا شيء غير ذلك، تتواجد على هضبة فوسفاطية ستعمر قرونا بحول الله وقوته من الزمان، وتغني بلدا بكامله، إن هم أحسنوا التصرف والتدبير،وأنا ألقبها بالمدينة الإ سمنتية بامتيازعلى الدوام ،لأن أينما وجهت وجهك تسجد مكتبا مجهزا في انتظارك، يتواجد قرب بقع مجهزة أو منازل تم الانتهاء من بنائها..!

وهو في ٱنتظارك،  في أي وقت شئت، وفكرت بأن تدفع لمدة25 سنة أي عمر إنسان، ولا بد من طرح السؤال الفلسفي والوجودي السريع عليك:

- ماذا تريد يا سيدي و يا سيدتي..؟

ويا مهاجر و يا مهاجرة..!؟!

- شقة جاهزة من النوع الرفيع..!

- بقعة مشمسة.. !

- بقعة شوكة.. !

- شقة منفردة أم مع السكان..!

- سكن اقتصادي بثمن الكراء مع ثمن الشراء..!

وقلت ما قلته من زمان..!

 وكتبت كلماتي بكل صراحة من زمان..!

 هذا سوى فيلاج كبير Un grand Village وهو عبارة عن سفينة تحمل الفوسفاط لكنها تائهة في وسط البحر تلاطمها الأمواج من كل الجهات..!

- فأين سترصو في نهاية المطاف..!؟

وكيف تؤول أحول الفيلاج الكبير..!؟

هل تصير نسخة من مدن الفحم القديمة..بعد الاستنزاف ..!؟



                               ****


كنت لوحدي أفكر..!

في عالمي الذي أصنعه كفيلسوف ..!

وانا أملأ البيدوزات واقتربت من مرحلة الانتهاء ..!

وقفت سيارة بجانب سيارتي ، لأحد الباعة المتجولين عبر الأسواق الأسبوعية، لم أهتم وأنا منهمك في شغلي ذاك، لأنه عادة ما تجد السقاية فارغة من البشر،لربما الكل قد هاجر وغير المكان، ونحن في شهر عز شهرغشت..شهر السفر والعطل.. وكل من ٱستطاع للفرارسبيلا فقد فر، لعله ينسى ما يعيشه في محيطه الجغرافي هذا ..وما يتحمله وأسرته في بيئة يجتاحها الغبار والعجاج والتلوث يخيم فوق رؤوسنا..وتغيب عن فيلاجنا الكبير الخضرة والأشجار والماء والوجه الحسن.. ويسير الفيلاج نحو الطريق المجهول، ويتكاثر فيه البناء بالليل والنهار، وشبابه يهاجر عبر ليبيا وباقي النقط السوداء للهجرة السرية.. وذاك ما يتداوله اللسان ، وتحكي الأمهات في الصالونات والحمامات للأسف الشديد..!!

- وها هنا تساءلت لكن وجدت الجواب بسرعة فائقة ..!!

وقلت مع نفسي :

- هؤلاء المنعشون العقاريون بين قوسين يبنون ويعمرون المكان ..وهذا جميل جدا طبعا..!


- لكن أين المال الذي يستطيع به ذاك المواطن والمواطنة الفقيرين شراء ذاك السكن.. بالملايين ..!؟؟بقعة ب65 مليون هل مدينتنا يأتيها السياح من نيوزيلاندا وألمانيا وإسرائيل ..!

وأين هي المعامل والشركات التي تمتص اليد العاملة من الشباب طيلة عقود وعقود من الزمن مرت وهم في الانتظار!؟!

الجواب كان للكاتب

- لا !

- لا..!

- لاشيء..!

- لكن كل أسرة لها مهاجر أو مهاجرة من البيت أو أكثر..

- كيفورنيهم طبعا..

-كيرسل ليهم العاقة..باش يشريو لخروف ديال العيد..وأدوات المدرسة..والدوا ديال لوليد والوليدة.أوباش يتكساو..أوباش يشريو المازوط الغالي إلى كانت شي طونوبيل مخليها سوكور في البلاد..وهلم جرا



                                     *****


إذن فيلاج كبير من الإسمنت والمال الكثير المستثمر في العقار.. واللعاقة تأتي طبعا من وراء البحار.. أي من فرنسا القليل ومن إسببانيا و إيطاليا الكثير.. ونبينا عليه الصلاة والسلام،..

أما مجموعة O.C.P فذاك سؤاله في غرفتي البرلمان، عند من شاخوا يمثلون الفيلاج الإسمنتي الكبير ..ولا يزورونه إلا في ربيع الانتخابات ،ويسافرون لفيلاتهم بالعاصمة في ٱنتظار نهاية ولاية وبداية ولا ية أخرى مع الزمان ،وتلك هي السياسة عندهم وعندنا وألفناها ..لا تشوبها شائبة وكما يعلمها من قرأوا الأمير ..!!


نزل الآن شيخ في عقده السادس هو وولده، وبدأ في رمي كومة من البيدوزات  والقنينات القديمة والقديمة جدا لكثرة استعمالها من الأشكال والأنواع بالقرب من السقاية،

- قال بصوت مرتفع : السلام عليكم

- أجبته في الحين :

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته

- صحح لي لا توجد تعالى..!!

- قلت :

- وهل لك من دليل من السنة النبوية

- قال :

كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد ،فدخل الأول وقال :

- السلام عليكم 

- أجابه النبي صلى الله عليه وسلم عشرة، أي حسنات

- دخل الثاني ثم الثالث وظل النبي يعدد الفضائل من الحسنات..10 و20 و30..

والحديث معروف

- قلت له : 

وهل إذا ما أضفنا" تعالى "وهو ٱسم من أسماء الله إلى تحيتك صارت بدعة يا من تبحثون عن الفتنة في كل مكان..؟!؟!

 وتمدون أيديكم بين أعشاش الشيطان..!!

- وهل أنا قد أضفت ركعة لصلاة مفروضة..؟!؟!

وذكرته بقوله تعالى :

وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها إن الله كان على كل شئ حسيبا
صدق الله العظيم 

- ذكرني  كم مرة وأنا أحاوره ..بأنه لا يجادلني.. وإنما يقول لي ما قاله من أجل التنبيه لا غير..!

- قلت له :
بهذه الأشياء فرقنا إبليس لفرق وجماعات.. وكل واحد منا يمشي مشيته ويقول للآخرين هذه هي المشية السليمة والصحيحة عن وعن وعن..!

- حتى لا تعثروا ولا تسقطوا ولا تخرجوا عن الطريق الصحيح

- لم يعجبه كلامي قط.. لأنني لم أسايره في مبتغاه..

- ورفضت إخراجه للقلم الأحمر في أول كلامه..

- ونحن ما زلنا  لم نر وجه بعضنا البعض..!

- صمتت بعدها؛ و لم أكلمه ،وتابعت ملء البيدوزات..

- ظل يقوم هو الآخر بنفس العمل

- قال : بعد  سكوت طويل 

واش تقلقت..؟!

- قلت :

ولم أتقلق..!

- لكن ليس لديه إجابة الآن ،ربما تفاجأ بردي..!

  • حملت بيدوزات ،وتوجهت صوب سيارتي..! 

  • حمل بيدوزاته وتوجه لسيارته مغادرا المكان..!

  • لم يودعني ..!

  • لم أودعه..!

  • لم أقل الله السلام عليكم بالخطأ..!

  • لم يكن جوابه جواب العلامة الفقيه بدون خطا..!

 لكنه مما لاشك فيه ، فلقد ظل يناقش مع نفسه ما قاله لي ،وهل ما قام به كانفيه صائبا أم مخطيء..!

قلت مع نفسي لعلي كنت صلدا معه، وأجبته بنوع من الغلظة لحضور إبليس اللعين ، أو لجهل الرجل في استعمال الحكمة في وقتها..!


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى