السيد حمان؛ والبيليكي في رحاب مقهاه الجميل /قصة قصيرة /

 



- السيد حمان؛ والبيليكي

 في رحاب مقهاه الجميل ..!!


  • قصة قصيرة .

  • ع.الرحيم هريوى

يستيقظ حمان كعادته في صباحه الباكر، وهو يسابق عقارب ساعة في يومه المشهود، والتي لا تتوقف حين يتردد في تركيز بصره عليها ،كي يعرف في أي ساعة وأي وقت هو..!؟!

وكل من يراه في غفلة منه، ومن بعيد ..وهو المشغول في رفع كمه الأيسر، ومعرفة إلى أي وقت تشير ساعته التي يكون قد ضبطها ضبط أموره اليومية كلها،والتي يقضيها أجندة مسطرة في مذكرته بهاتفه الخلوي .. إنني أراه بالصدفة كلما زرت المقهى الجميل،وهو في وسط منظر فريد من نوعه..!

أتساءل؛ كأي إنسان يبحث له في أماكن عمومية ما يثير فضوله،وما يملأ ذاكرته بالمستلحمات البشرية..!ومن يدري،لعله يجد صاحبنا ما يدونه عن مثل هكذا شخص غريب الأطوار..والذي يحج إلى المقهى الرائعة والجميلة،والمطلة بموقعها المتميز على حديقة الفردوس،بحيث تطلع عليها الشمس بأشعتها الذهبية وتعطيها ذاك الدفء والسكون المطلوبين، مع نغمات فيروز على قهوة الصباح الجميل..!؟!

أراه كعادته .. وهو يسابق زمانه.  وهو الذي  ما زالت جفونه ملتصقة، و بالكاد يستطيع فتحها ..!

ظننته في أول وهلة وأول لقاء بيننا ، بأنه من المدمنين على التدخين،قد يجد نفسه مشغولا بلفافته الصفراء الأولى وقهوته السوداء،كي يعيد لدماغه قوته ولتفكيره منطقه الطبيعي..!

-وها هي جفون عيونه، ما زالت تحمل من بقايا نومه الثقيل..! 

-وهاهو كعادته يقصد المقهى المعلوم، والتي ألفت كراسيها مكوثه الطويل، على رشفات متباعدة من كأس قهوته.. وهو في احتسائها البطئ جدا، وحتى آخر قطرة من قطراتها.. وكأنه خائف من إفراغ كأسه قبل تحقيق مراده،عن مجيئه المبكر للمقهى..!

وها هو النادل عبد الصمد الرجل الطيب والدائم الابتسامة في وجوه زبائنه، وهو في تركيزه العميق في اتجاه مكان جلوسه بعدما نظف له طاولته كعادته،ووضع له بعد ذلك قهوته المعتادة..! لكن مايثير فضول النادل هو معرفته بشخصيات جل رواد المقهى المعلوم، وذلك؛ حسب سلوكياتهم ومزاجهم وطناطنهم.. لأن الكثيرين قد تجدهم يحجون للمقهى من أجل أن يفرغوا مكبوتاتهم.. أو يتظاهرون بقوة شخصياتهم وعمق ثقافتهم ومكانتهم الاجتماعية..وما يصدر عنهم من حركات سواء منها المبهم الغامض أو منها ما هو مقصود لشئ ما في نفس يعقوب ..!

-وكم يطول مكوثهم بالمقهى المعلوم..!

-وهل يدخنون أم لا ..!

 وترى صاحبي حمان كعادته ،وفي كل صباح جديد،يتسابق كطفل صغير على لعب أخيه الذي ما زال يغط في نومه نهار أول أيام العطلة..!

ها هو الآن يحشد بالقرب منه كل الجرائد اليومية المساء والأخبار والصباح ،ومنها الظاهر والمخفي في ٱنتظار أن يطلع على كل واحدة على حدة، وعندما ينتهي يمر على الشبكات هي الأخرى ويملأها ما استطاع إلى ذلك سبيلا..والكثير من الفضوليين ينكتون عنه ..وهو ليس في هذا العالم بالمطلق، بحيث قد اتفق رهط منهم على تتبع حركاته وسكناته،وعدم الاقتراب من محيطه،وتركه لحاله يفعل ما يشاء،وإعطائه كامل الحرية و كل الوقت الطويل حتى ينتهي من ٱحتساء قهوته، وفي انتظار تنفيذ الحكم بالإفراغ من المكان المعلوم، والذي يحتله لأكثر من ساعتين بدون خجل ولا استحياء..!

-وكم من الرواد قد دخلوا بعده.. وهاهم قد غادروا ،تاركين السيد حمان منهمكا في تفكيك شفرة كلماته المتقاطعة..وهناك من بدأ يظن بأنه صار يملك له من الوقت ما يكفيه لإتمام مهمته التي من أجلها يحط رحاله في المقهى المعلوم في كل صباح باكر..وأمست تلك عادته..!

وإذ قال أحد الفضوليين، و بغصة في حلقه :

أمثال هؤلاء لا يقرأون من الجرائد اليومية إلا ما كان بالبيليكي على لسان وزير العدالة والتنمية ،ولا يملأون من الشبكات إلا ما كان بالبيليكي ..فمع من يبيع ذاك الكتبي وصاحبنا الوزاني إن تكاثر مثل هؤلاء الرهط في كل المقاهي..!


أما أنا فقد تبسمت بسمة خفيفة حينما التقطت أذني صوت كلماته المعبرة والعميقة في مدلولها ومعناها ،وقلت هي قصتي القصيرة القادمة إن شاء الله تحت عنوان

 ((حمان والبيليكي في رحاب المقهى الجميل ..!!)


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى