مسعود وعلال في الضيق..!! قصة قصيرة بقلم عبد الرحيم هريوى


 تقديم :

لما تلامسه هذه القصة القصيرة عن واقع الفقر و الفقراء كآفة اجتماعية عبر تاريخ البشرية..!
نعم يا قلمنا الكبير ؛ السعاية ..الطلبة..التسول ..لقد أمست حرفة و أصحابها منذ زمان يحصلون على رواتب ليست بقارة بل تزداد وتتحرك للأعلى،وذلك حسب عطف وكرم الناس.. لأن كثير من السعاية تراهم يبتكرون ويجددون حيلا لا حد لها، وقواميس لا تخرج عن عالم الشفقة والرحمة و دغدغة عواطف الناظرين من ما يشاهد في شوارعنا ودروبنا وأماكن تجمعاتنا، ثياب رثة وكتابات وطلبات وأمراض وأطفال صغار وهلم جرا..

لكن القصة القصيرة " مسعودة وعلال في الضيق " تحاكي آفة الفقر والفقراء كظاهرة مجتمعية سلبية تنخر المجتمع، ويتحمل عواقبها وآثارها السلبية جلها الطبقة الشعبية، وبالخصوص الطبقة المتوسطة إن هي وجدت وبقيت حية،لأنها تضطر أن تتكافل وتنوب عن الدولة في جانبها الاجتماعي، ولو بدراهم معدودة يومية تمسي ضريبة مجتمعية للفقر والتخلف، لذلك فقد حان الوقت كي تنتقل الدولة من تدبير آفة الفقر هاته،من خلال كذا مساعدات وإعانات ظرفية ومناساباتية إلى التفكير في القضاء عليها ومعالجتها من خلال مشاريع مجتمعية تساهم في توسيع الطبقة المتوسطة لتبتلع الطبقة الهشة والفقيرة ولن يكون ذلك إلا باقتصاد مهيكل ووطني ..!!
- وقفت المسكينة مسعودة في مواجهة عواصف الزمان وتقلباته الصادمة ..إني أراها اليوم؛ واقفة..شامخة .. تكابر ..تتحمل شقاء فطري في حياء ظاهري بجانب زوجها الفقير السيد علال الذي ورث الفقر أبا عن جد من قبيلة " ٱلْفُقْرَا "والاسم يحمل صيته قبل الصورة لبؤس وشقاء أهله أنفسهم..جاءت معه مسعودة في هذا اليوم الحزين على غير عادتها ..!
- كانت السماء ملبدة بغيوم دكناء، والجو على غير عادته، متقلب يوحي بكل شئ كئيب، كآبة نفوس بئيسة بالكاد قد تجد لقمة العيش في هذا الزمان العجيب والصعب الذي لا يسمع فيه أنين الفقراء إلا ربّ الفقراء..!!
- جاءت مسعودة ربة البيت التي أرغمها شبح الفقر لتخرج خارج مطبخها مكرهة.. تلك هي زوجة علال الفقير ، وقد جاءت تطوي خطواتها اليوم؛ طي الريح العاصف..وفي خاطرها كوابيس أحلام لا تنبئ بفرج قريب..!
- إنها ٱمرأة حزينة؛ حزنها يفوق الحزن نفسه..!
-مسعودة تعيش عيشة الفقر والحاجة.صبرها صبر أيوب عليه السلام ..!
- مسعودة لا حيلة لها أمام شبح قهر فوق القهر..هو شبح الفقر، وقد دخل بيتها منذ زمان، وزوجها السيد علال لا حرفة ولا صنعة له، ولا يحسن أي عمل، وهو يعيش الخوف والانطواء..
- مسعودة تلك المرأة :
المسكينة..!
الفقيرة..!
المحتاجة..!
المملقة..!
- قد سلكت كل السبل كي تحصل لها على دريهمات معدودة، قد لا تسمن ولا تغني من جوع في زمن الصعاب والضيق ..زمن الغلاء والغباء، وٱزدياد نسبة الفقر والفقراء. ولا هَمَّ للأغنياء اليوم إلا المزيد من جمع الثروة و العيش في بحبوحة عيش السعداء.. ولو كان ذاك على حساب جبين وعرق البؤساء..!
- لكن هل التاريخ نفسه؛ جعل في المال النفع كله ..!؟!
- ولو كان كذلك؛ لِمَ لَمْ ينفع قارون في زمانه.!؟!..لَمَّا جعله غاية وليس وسيلة للفضيلة والخير وإحياء الأنفس ومن أحياها بالجود والكرم والسخاء فقد أحيا الناس جميعا..
..يا بني الإنسان ..!؟!
- مسعودة؛ جاءت اليوم صحبة علال الفقير، لعلها قد تشجعه على مواجهة حياتهما الصعبة، و التي فرضت عليهما فجأة ، ولم يَحْسِبَا لها أي حساب يذكر بالأرقام..جاءت اليوم؛ من أجل الوقوف بجانبه سَنَداً ومتكأ بعد الله عز وجل في زمان كورونا الذي غير حياة بني البشر، وصار مصير الفقراء بين يدي العفاريت من الجن والتماسيح .. على حد قول العارفين بعالم السياسة بين قوسين.. !؟!
- هي أيام على بعضها البعض جد عصيبة وشاقة، تعيشها كثير من الأسر المعوزة في زمن الوباء القاتل،والذي تعطلت فيه عجلة الحياة العادية. ولا سبيل لديهم للحصول على الدرهم في أوقات الشدة إلا التفكير في طريقة من الطرق للكسب الحلال،رغم توقف شرايين الحياة.وبالكاد يحصل الفقير، المسكين،المحتاج..على ما يسد به رمقه ويعطي للأفواه الجائعة،المحيطة به،ما تنتظره من لحم وخضر وفواكه وخبز وهلم جرا .. وكل ذلك يبقى من الأحلام، لأنه يحتاج لمصاريف فوق طاقة هذه فئة من الناس، والذين لا يملكون القوت اليومي إلا بشق الأنفس،من خلال خروجهم طيلة النهار كي يزاولون عملا ما..كي يجمعون لهم من خلاله بعض الدريهمات المعدودة..فلن تكفيهم أبدا،ومتطلبات الحياة الكثيرة، مهما فكروا..ومهما دبروا..!!
- رمقت تلك المرأة المسكينة وزوجها أمام باحة المسجد العامر والكبير ،وظلت متسمرة بقرب "كروسة" تحمل سوى إناءين فقط، واحد مملوء بالحلوى الشباكية والثاني بحلوى مغربية عادية من صنع يديها..واقفة بنظرها الشارد ، وهي في ٱنتظار من سيساومها سلعتها..ولا حتى من ينظر لمكان وقوفها ..أو حتى من يحنَّ عليها وعلى بعلها ولو بالدعاء إلى الله..!المنظر جد مؤثر، وصعب ..وجد حزين..الناس في شغلهم فاكهون..المصلون يسارعون الخطى حتى لا تفوتهم صلاة العصر..وكم من عبادة تحتاج منا أن نغير أشياء كثيرة فينا حتى ننال أجرها.. ونحن في محيطنا المجتمعي نرى ما نراه من أناس لا يطلبون الناس إلحافا..!؟!
(أوهما راها واصلا ليهم لعظم، على حد قول المغاربة في مثل هذه المواقف..!!)
(وما عندهم حتى عشاء ليلة..!!)
- فهؤلاء يحتاجون من لربهم يسجدون بالليل والنهار أن يتصدقوا عليهم بصدقة تطهرهم وتزكيهم أفضل وأحسن تزكية، لأن الميت يتمنى أن يعود للحياة كي يقوم بفعل الصدقة بقيمتها عند من فضل بعضنا عن بعض في الرزق، كي يرى سبحانه وتعالى ماذا نحن فاعلون بثرواتنا التي لن تنفعنا أبدا بعد الموت، بل قد تكون علينا وبالا عظيما، إن لم نحسن التصرف في مال الله الذي أتانا إياه..!!
ويستمر الحديث بين الرجل وزوجته،في انتظار خروج هؤلاء المصلين كي تبيع لهم ما صنعت يديها لعلها تجد ما تطعم به بطون أطفالها الجائعة في شهر رمضان المبارك ..زوجها بوجه شاحب أصفر وجسم نحيف، تظهر عليه علامات الفقر والحاجة،لباس قديم بالكاد يستر حاله ..تَسَمَّرَ بجانب الكروسة..انتهت صلاة العصر، وبدأ زوار بيت الله يخرجون زرافات وفرادى..وتراهم يمرون عليهما مر الكرام..لا يهتمون بما يعرضانه من بضاعة..الناس وقد ألفوا البغرير والشيار والحلوى الشباكية وقس على ذلك..ظلا على تلك الحالة حتى ٱنفض الجمع..نظرت المرأة المسكينة لزوجها بحسرةوألم، وأومأت له بأن يدفع الكروسة نحو الأمام، لكي يعودا من حيث جاءا،وليس لهما من معيل إلا الله..المسكين علال بالكاد يدفع تلك الكروسة الخاوية على عروشها إلا من إناءين اثنين في فضاء مساحة شاسعة لكروسة طويلة..مررت عليهما بالشارع الطويل،وهما يمشيان مشية العذاب النفسي..تجاوزتهما بقلب مقبوض وحزين لحالهما البئيس ..وظلت أسئلة كثيرة تؤرق كياني ..لم أستطع مشاركتهما آلامهما والتخفيف من معاناتهما إذ ظلت صورتهما مطبوعة في أعماق كياني كلوحة أراها بدون اسم ولا تاريخ ولا عنوان..!؟!
- أوقفت دراجتي الهوائية كي أخذ نفسا، ولكي أتأمل في الحدث كفيلسوف زمانه ..تساءلت عن حالهما ،وعن حال الكثيرين من أمثال أمثال هؤلاء في مجتمع الفقر والفقراء.. وهم في وسط عواصف حياة صعبة لا تبقي ولا تذر..!؟!!؟..
- ولقد ظل الكاتب نفسه؛ يحمِّلني ما لا أحتمل من أثقال كثيرة لم أستطع حملها. ورفضت الوصف والتعبير عن أشياء أخرى تحتاج لسيناريو وتمثيل،واعتذرت له عن الغوص أكثر في غياب ذاك البديل. وقلت له نحتاج اليوم كساسة كبار لإعادة التفكير في آفة الفقر والفقراء داخل المجتمع، وننتقل من تدبير الحالة إلى القضاء عليها من خلال التفكير والتنزيل..!؟!


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى