زعيم الحزب" الأخ الأكبر"صورة من صور حكم الاستبداد بأنجلترا قراءة في "رواية جورج أورويل 1984عبد الرحيم هريوى /خريبكة اليوم / المغرب
صورة من صور حكم الاستبداد بأنجلترا
"رواية جورج أورويل 1984"
**إن الأخ الأكبر موجود باعتباره قائد وحامي الثورة منذ أيامها الأولى
**من استيقظ روحيا لا يريد أن يعود إلى النوم ..!
**إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت ..جريمة الفكر هي الموت نفسه.
**سوف تكون مجوفا.سنعصرك حتى نفرغك من كل مافيك.ثم نملأك بأنفسنا
فلا رهبة إلا من شرطة الفكر..
جورج أورويل 1984"
انهيت فصول هذا النص، عبرعبورجميل و بمسافة زمنية امتدت لشهور..
إني أعتبرها بصدق من بين الروايات العالمية الرائعة و"الشقية" من صورتاريخية يتم تجسيدها كواقع في الأدب الإنساني التي قرأت؛والتي حرصت على أن أقرأهابأفكاري أولا بأول.وأن نجعل من نصها المثخن بالجروح والاضطهاد والقهر والاستبداد والديكتاتورية مرآة من حياة من تاريخ الشعب الإنجليزي،الذي تجرع كل أساليب القمع والاستبداد،إذ يحكي هذا النص مواجعه عبر فصول سردية ممتعة للغاية، تشدك لعالم الرعب الأكبرمع سلطان الأخ الأكبر
" حياة هؤلاء الناس مكرسة لهذا الصراع العالمي.لكنهم يعرفون أيضا أن من الضروري أن تستمر الحرب من غير هزيمة ومن غير نصر ..وإذا أردت أن ترى صورة للمستقبل، فتخيل حذاءً يدوس على وجه بشري..إلى الأبد..!!
- بدأت القصة فعليا في أواسط الستينات،أي في فترة التطهيرات الكبرى التي أزيح فيها إلى الأبد قادة الثورة الأصليين.لم يبق أحد منهم حتى عام1970 إلا الأخ الأكبر نفسه.أما الباقون جميعا،فكانوا في ذلك الوقت قد انكشفوا باعتبارهم خونة و معادين للثورة.كان غولدشتاين قد فر واختبأ في مكان لا يعرفه أحد.// سيكون التقدم في عالمنا تقدما صوب مزيد من الألم .زعمت الحضارات القديمة أنها كانت قائمة على الحب أو العدل.أما حضارتنا فهي قائمة على الكره.ولن يكون في عالمنا مكانا إلا لمشاعر الخوف والغضب والانتصار واحتقار الذات.و سوف ندمر كل شيء آخر كل شيء.//- الحرب هي السلم.الحرية هي العبودية .الجهل هو القوة..
قد لا يعرف القيمة الأدبية والفنية والتاريخية لهذا النص صورا غائبة وحقائق أقرب منها للخيال أكثر من الواقع من حياة بعض الشعوب و المجتمعات البشرية التي عاشت فوق هذا الكوكب إلا من انخرط حقيقة في القراءة الكبرى،للنصوص المؤسسة للفكر والوعي الشقي البشري عبر الرواية المعاصرة، انطلاقا من دون كيشوت دي لامانشا ..وراح يقول لنفسه:«جهازك العصبي أسوأ أعدائك.وقد يؤدي ما يصيبك من توتر إلى تورطك في أشياء تؤدي إلى سوء العاقبة.»
عند نهاية كل نص أدبي سواء كان ( رواية - قصة - شعر ..) فلا بد للقارئ والقارئة في النهاية المطاف بأن يخرج بانطباعات فكرية وأدبية عن ما قرأه،وكثير منا من يحاول مناقشة الأفكار والمواضيع التي أثارتها هذه النصوص التي أنهيتها في زمن خاص،سواء مع قريب أو صديق عزيز،والغاية من كل ذلك هو إعطاء النصوص الأدبية تلك المكانة التي تستحقها،من خلال ما ستقدمه للمستمع أمامنا من صورة وجمالية إن وجدت لها لذلك لاآخر كي يطلع هو أيضا عليها لقيمتها الفنية والأدبية ..
ولعل كل هذه الخطوات التي نقوم بها فيما بيننا قد فقدت اليوم للأسف ،وذلك لغياب العلاقة الحميمية مع الكتاب الورقي،في زمن هيمن فيه الPDF،وسهولة تحميل أي كتاب تختاره عبر الشبكة العنكبوتية..
وبأن يتم طرح بعض الأسئلة البديهية ،التي تفرض نفسها ،كي نسائل النص عينه من خلاله الكاتب/المؤلف/السارد/الحاكي عن بعض الحيثيات المفصلية والمثيرة المشوقة والقوية إن هي وجدت فيه،وكل ذلك يدخل في جانبه التفاعلي- الإنساني عبر الملامسة الخفية للظلال الثقافية ،والغوص في أعماقه، وما يحمله من الرسائل السياسية والاجتماعية والثقافية والابستمولوجية- المعرفية،وقد يكون لنا من بين شريط من الأسئلة :
- عن ماذا استفدنا من تلك القراءة لذاك النص .!؟
- وهل بالفعل كان يحتاج منا كل ذلك الوقت والصبر والاهتمام الكبير ..!؟
- وهل للنص بالفعل قيمته الفنية والأدبية والجمالية المنتظرة ،والتي كنا نترجى وجودها بين فصوله.!؟
- وهل تحققت لدينا تلك المتعة الأدبية في القراءة التي نبحث عنها طيلة مدة زمنية في مصاحبة للنص ذاته..!؟
- وهل تحققت لنا أشياء كثيرة غير منتظرة ظلت غائبة عنا من بعض الأفكار والأحداث التاريخية والوقائع..!؟!
- وهل استفدنا بعض الشيء من النص من حيث ما حمله من معارف وأحداث وثقافة أدبية ..!؟!
كل هذه الأسئلة،قد تبقى قيض من فيض، لكل قاريء مبتديء أو نهم للنصوص ومعاشرته الطويلة لها،مما يخلق لديه ذاك الحدس العاطفي الوجداني الأدبي في ميزان النصوص وتقييم مستواها الأدبي والفني والجمالي بعين القارئ والقارئة تحت شعار الجاحظ القارئ عدو ..
– هو أن ونستون لم يكن معتادا على الكتابة اليدوية .فباستثناء كتابة ملاحظات صغيرة ،كان يقوم عادة بإملاء كل شيء على "آلة الإملاء" وهو ما كان مستحيلا بالنسبة لما يريد فعله الآن.غمس الريشة في الحبر ثم تردد ثانية واحدة.سرت رجفة في أمعائه.لقد كانت الكتابة على الورق فعلا حاسما.
بدأ الكتابة بأحرف صغيرة متعثرة :الرابع من نيسان 1984.استند ونستون بظهره إلى الخلف .وتملكه إحساس بالعجز الكامل.فقبل كل شيء ،لم يكن يعرف على وجه اليقين أن هذا العام هو عام 1984 فعلا.لابد أنه قريب من ذلك لأن ونستون كان واثقا تماما من أنه قد بلغ التاسعة والثلاثين.وهو يعتقد أنه مولود في عام 1944 أو في عام 1945..لم يخطر في باله أبدا أنه سوف يحتاج إلى شيء ،عدا الشجاعة .أما الكتابة نفسها فسوف تكون سهلة .لم يكن عليه إلا أن ينقل إلى الورق ذلك الحوار المضطرب مع النفس المستمر من غير نهاية،الذي يجري في رأسه منذ سنوات..
لقد أمست رواية 1984 لجورج أورويل من بين النصوص الأدبية الكلاسيكية العالمية كدون كيشوت دي لامانشا وغيرها التي تعتبر المؤسسة للفكر الإنساني،وذلك لما تحمله من وقائع وأحداث وصورعن الماضي، تعاد صياغتها عبر المتخيل الأدبي،والذي أعطانا أكثر من فكرة عن مرحلة تاريخية مهمة في التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية التي عاشها الإنسان الإنجليزي من خلال مجتمع في ظل هيمنة الحزب الواحد من خلال النظام الشمولي ،في أبشع صوره من خلال تراتبية مجتمعية ظلت سائدة خلال هيمنة النخبة الرأسمالية في شكلها الإقطاعي الصرف،التي وظفت كل ثروة البلاد لصالحها في غياب أي عدالة اجتماعية،وحقوق للبروليتاريا التي تمثل العامة من الشعب صنيعة نظام مستبد يخدم أعضاء الحزب للأخ الأكبر ،من خلال أيديولوجية يتم تمريرها عبر الأجيال،كي يستمر تواجد الحزب .لقد كان يكيل الإساءات للأخ الأكبر،ويشجب دكتاتورية الحزب.كان يطالب بالسلم مع أوراسيا .وكان يدعو إلى حرية التعبير،وحرية الصحافة،وحرية اﻻجتماع،وحرية التفكير//لا توجد محاكمة في أغلب الحاﻻت..وﻻ وجود لمحاضر اﻻعتقال .يختفي الناس بكل بساطة ،خﻻل الليل دائما .يحذف اسمك من السجﻻت..وكانت الكلمة المألوفة لوصف ذلك "يتبخر"
كانت رحلة أدبية جديدة جد ممتعة مع جورج أورويل 1984 ، صحيح؛ يصدق فيه قول الكثيرين بأنه نص فريد من نوعه، وأمسى من النصوص الروائية العالمية المشهورة ،والتي تحتاج منا أن نقرأها بطريقة متأنية وبقلم ومذكرة ،لأنها حافظت على مكانتها العالمية مدى عقود طويلة، ظلت تستعاد من طرف جماهير القراء مناصفة العاشقة للنصوص التي فيها إبداع قل نظيره ،وتعالج مواضيع مشتركة للبشرية جمعاء،ويعودون إليه ككتاب تاريخي ورواية على شاكلة كتب عالمية أخرى مائة عام من العزلة غابرييل غارسيا ماركيز ،هكذا تكلم زرادشت للفيلسوف المجنون ألفريد نيتشه.
رواية كبيرة بفصولها وشخصياتها ومواضيعها وأحداثها ،وطريقة سرد أحداثها ،وتصويرها للمشاهد بكل تفاصيلها المرعبة وخاصة ما يقع للجانحين من أفراد الحزب الداخليين والخارجيين،ولنا في تعذيب بطل الرواية صحبة صديقته "ونستون وجوليا " في تصوير دقيق وبتفصيل عميق، لكل المشاهد المرعبة التي لا تتخيلها إلا في سجون الأنظمة العنصرية والصهيونية والمافيات عبر العالم"
- يقولون إن الزمن يشفي كل شيء،ويقولون إنك تستطيع أن تنسى دائما؛لكن الابتسامات والدموع ،على مر السنين.لا تزال تمزق أوتار قلبي..!
- كانت الشاشة قادرة على الإرسال والاستقبال في وقت واحد.وكانت قادرة على التقاط أي صوت صادر عن ونستون إن هو تجاوز حد الهمس المنخفض كثيرا..
- وما كان يمكن إلا التكهن بدخول شرطة الفكر على هذا الخط أو ذاك.
رواية من سيناريو لفيلم سينمائي تجسده الجملة السردية والعبارة والمشهد بلغة أدبية قوية ،مما أعطاه قوته في جميع عناصر الكتابة الروائية للنص الحديث، إنه الاستبداد في الحكم للحزب الواحد- إنها الديكتاتورية والتسلط والقمع والتحكم والقهر والهدر الإنساني بكل تجلياته الفكرية والوجودية والجسدية )
ويعود إليه الكتاب. وسيعودون إليه؛ كي يبحثوا لهم عن صور تحملها الذاكرة البشرية في عالم التسلط الأكبر.ولعلها ظلت حية؛ولم تمت جماليتها الأدبية والفنية،وللصورة السياسية التي قدمتها لمجتمع شمولي، يخضع لديكتاتورية لا حد لها لفئة باغية، تحكم باسم رئيس الحزب "الأخ الكبير..!!
هي رواية قديمة؛ لكنها ظلت حاضرة في الذاكرة العالمية للأدب الإنساني ،ولها كل الطاقة لما تحمله من صور لشعب كيف عاش؟ وكيف تجرع الاضطهاد بكل أصنافه ؟ وكيف استطاع الحزب أن يمررأفكاره في الاستبداد وطمس الهوية الإنسانية للبشر ،مستغلا حتى ميدان التربية والتعليم، وتجنيد الأجيال القادمة من فئة الأطفال عبر اللقاءات والتكوين من طرف ما يسمى بشرطة الفكر.من أجل أن يعيش إلى ما لانهاية ،كأي حكم استعماري /عسكري /استبدادي/عنصري/ "كانت تحولهم تحويلا منهجيا إلى متوحشين صغار لا سبيل إلى ضبطهم..الطفل البطل الذي يوشي بوالديه إلى شرطة الفكر..
وحتى الفطرة البشرية تم إلغائها مما فيها الغريزة الجنسية -كان الحزب يحاول قتل الغريزة الجنسية أو تشويهها أو تسفيهها وإن كان قتلها متعذرا..وكانت الرغبة الجنسية جريمة من جرائم الفكر.
وكل شئ لا يرضاه الحزب والأخ الأكبر يجب اعتباره من المحظورات ،وكان الشعب يعيش القهر بكل تجلياته ،ويصارع من أجل حاجاته اليومية.
- هنا في لندن كانت أكثرية الناس لا تحصل على طعام يكفيها منذ أن تولد حتى تموت.وما كان لدى نصف الناس أحذية يضعونها في أقدامهم.//- سكان الأحياء البائسة ،وأطفال على حافة الموت جوعا،ومعارك الشوارع،والرأسماليون في قبعاتهم الطويلة..ومخلوقات أحناها العجز تسير على أقدام لا تعرف كيف تستقر على الأرض الأمر خطير إلى حد مخيف..//- كان فيها اضطهاد مخيف،وجور،وفقر أسوأ من أي شيء يمكن تخيله.
تعتبررواية 1984 لجورج أورويل من النصوص الكلاسيكية،والتي تحكي لنا عبر سرد عميق وبتفصيل دقيق، صورا لأبطالها استطاعوا أن يبلغوا رسائل عديدة بكل حرية عن مأساة حياة عاشوها في عالم لمجتمع تحت سلطان الأخ الأكبر زعيم الحزب الحاكم والمستبد ،وبكل الأجهزة التي يوظفها في تقسيم مجتمعي يسهل عليه مراقبة كل أعدائه من داخل الحزب وخارجه وتم توظيف حتى الأطفال الصغار لمراقبة آبائهم من طرف شرطة الفكر وعبر الشاشة الكبرى و أسبوع الكراهية ،ناهيك عن اشغال الشعب بحروب لا توجد إلا في أخبارهم الرسمية والاعتقالات والتعذيب بكل أبشع صوره في القاعة 101 ولا يمكن للقارئ والقارئة أن يتلمس الحقيقة إلا من خلال قراءته
تعليقات
إرسال تعليق