القصيدة الشعرية الحديثة أمست شبيهة بالعمارة..! عبد الرحيم هريوى،
عبد الرحيم هريوى
خريبكة /المغرب
إلى رصد تطور"الشعر المنثور" في العالم العربي ابتداء من 1905 وهي السنة التي نشر فيها "أمين الريحاني" أول قصيدة في الشعر المنثور،فالنموذج التحديثي للشعر المنثور ،إعادة نظر في القصيدة
- وهل الشعر المنثور نموذج للتحديث الشعري في العالم العربي؟
- ولماذا لم يفكر المغاربة في الشعر المنثور إلا خلال الأربعينات؟
ألم يلعب الشعر المنثور دورا في تقريب الشعر من النثر ؟
- ولماذا لا يتحدث النقاد عن الشعر المنثور؟
- ولماذا لم يعد مصطلح الشعر المنثور شائعا ومتداولا؟
- وهل اختفت دلالته التي صيغ من أجلها؟
-أم أن المتخصصين لم يعودوا بحاجة إلى هذا المصطلح؟
- هي جملة من بين الأسئلة النقدية التي طرحتها المغربية حرية الخمليشي في مؤلفها الجيد والقيم
" الشعر المنثور والتحديث الشعري "
وهي أسئلة كثيرة ومتنوعة قد تصل بنا بالفعلـ إلى أن الشعر المنثور كلون شعري ليس بديلا للقصيدة العمودية التي صارت من الأدب الكلاسيكي القديم،و رغم كل ما قيل وما كتب في شأنها، فإنها ستبقى دائما كموضوعات للنقاشات والبحوث الجامعية في الدراسات الأدبية، ولكن الشعر المنثور هو جنس شعري أثبت حضوره الخاص،وشعريته بفعل الإبدالات النصية الحديدة التي عرفتها القصيدة،بفعل حركة التحديث الشعري ./.
والآن؛ وفي إطار ما تعرفه القصيدة الشعرية من تحديث وعصرنة، على صعيد عدة مستوياتها، الفنية منها والأدبية والمنهجية .. بما فيها؛ دخولها عالم القصيدة النثرية مع المجددين أمين الريحاني وأحمد زاكي أبو شادي وجبران خليل وجبران وأمير الشعراء أحمد شوقي وأحمد الصباغ المغربي ومطران خليل مطران وغيرهم, و بعدما تكون قد سجنت في قفصها الذهبي على مستوى الاهتمام بالقافية والعروض لمدة طويلة جدا في 14قرنا كاملة.. أي منذ شعراء العصور الجاهلية و ما تبعهم من عصور جديدة بعد الإسلام وٱنتشاره عبر العالم،من العصر الأموي والعباسي والأندلسي ،وما تم تأسيسه من علوم مختلفة كعلم اللغة والفقه والتفسير وعلم الدلالة..ولقد ظل هؤلاء العرب القدماء، يقولون للعالم هذا بيتنا هذا قفصنا هذه هويتنا، وهذه قصيدتنا العمودية إلى الأزل.. وهذا شعرنا الأبدي، على ذكرنا لقول الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف الذي اهتم بشؤون القصيدة بشكل كبير لفظا ومعنى وكأني به لا يعتبر مجلدات أدونيس في ثلاث أجزاء بقصيدة،ما دام الصوت المنطوق في الهواء يغلب على المنسوخ والمكتوب ويبقى للعلاقة الإنشادية أثرها على الكتابة النصية لكثير من الشعراء المغاربة اليوم..وهو يرى في القصيدة الحديثة شبيهة بالرواية اليوم أي أنها تسعى لضم كثير من المعاني والصور والأوصاف والأسئلة والحوارات والتخييل .. ،فهو يرى فيها وفي كلماتها نوعا من الرقص وليس المشي على قول حد بول فاليري أي نوع من التناسق بين اللفظ والمعنى ويعتبره جسدها الواحد المتداخل والمتناغم بشكل يجعلها وحدة متكاملة البنيان..
ويقول بان القصيدة العمودية من العصر الجاهلي صرنا بها تتعرف علينا الأمم الأخرى، وكل الثقافات والأدب العالميين ،إلا بعد القرن 19ومع ٱنتشار القصيدة الحديثة في أوروبا، و التي لا تخضع لا للعروض ولا للقافية بحيث الأدباء الأوروبيون والأمريكيون تخلصوا بالمطلق من كل شئ يجعل الكتابة الشعرية مقيدة ،وكان لا بد من نقل ما استجد من جديد في هذا العالم الغربي الجديد على عدة مستويات اجتماعية وثقافية وأدبية وفنية إلى اليوم للمجتمعات العربية..وحتى لو افترضنا اليوم بأن شاعرا من شعرائنا، أي في القرن 21 يكتب قصائده وقد يتفوق مستواها بشكل أو بآخر على أشعار المتنبي (شكسبير العرب كما لقبه عبد الفتاح كيليطو..!؟!)
- فهل يا ترى سيكون له شأن ثقافي وأدبي في مجتمعه والعالم الرقمي اليوم وهيمنة الشعر المنثور والمنثور الشعري الحديثين..!؟!
- وهل سينال شرف ما ناله شعراءنا الكبار في العصر الحديث كأحمد مطر ومحمود درويش ونزارقباني والبرغوثي وأمين الريحاني غيرهم..لا أظن،لأن العالم قد تغير وتغير معه المثقف والقارئ والكاتب والشاعر والإعلامي في زمن ما يجتاح العالم من ثورة رقمية ..!؟!
ونجد أنه ؛من خلال ما كتبته الناقدة المغربية حورية الخمليشي من مستجدات نقدية وعلمية في مجال القصيدة الحرة العربية ومنها تداخل الأسماء والمفاهيم وتشعبها في قاموس التعريف الخاص بالقصيدة الجديدة في كتابها النقدي(الشعر المنثور والتحديث الشعري) قد يعطينا نظرة متكاملة على تاريخ تجديد القصيدة الحرة بالمغرب والعالم العربي مع المجددين الأوائل للنهج والأسلوب في كتابة قصائدهم الشعرية..!
والقارئ اليوم لا يؤمن إلا بالمستحدثين للنص الشعري الحديث، أمثال محمود درويش وأحمد مطر ونزار قباني والبرغوثي وغيرهم، لأن قصائدهم لم تبق تعيش الرومنسية والمغالاة في الإحساس الوجداني والخيالي الممتد بل الشعراء أمسوا عيون مجتمعاتهم ولغتهم الثانية التي يتكلمونها بلغة الأدب وفنونه دونهم ولنا في قصيدة درويش التي ألبسها الكوفية الفلسطينية، وأمست مادة مسجلة عبر العالم بٱسمه .. ولنا كذلك في الكلام البليغ لنزار قباني حينما قال:
يا وطني الحزين حوّلتني بلحظة من شاعر يكتب الحب والحنين لشاعر يكتب بالسكين. - نزار قباني
فلم يبق للشاعر اليوم كما كان معتادا في أشياء كثيرة كان قد اعتاد عليها وألفها، وبأن يختار عنوان قصيدة ما من قصائده ثم يطلقها على ديوانه الشعري بالكامل، لأن القصيدة الشعرية الحديثة أمست شبيهة بالعمارة، وتسلقها يبقى في شكله اللولبي أي من طبقة إلى إلى أخرى حتى آخر طبقة فيها، وقد تحمل عبارة ما أو جملة معينة في الديوان وقد سارت تمثل نظرة الشاعر للعالم على حد قول الشاعر المراكشي أحمد بلحاج آية وارهام ،
تعليقات
إرسال تعليق