طفل الأمبراطور فوق الشجرة، يجسد قلم الكاتب..!! قصة قصيرة بقلم الكاتب الفوسفاطي : عبد الرحيم هريوى


طفل الأمبراطور فوق الشجرة، يجسد قلم الكاتب..!!

قصة قصيرة ..

بقلم الكاتب الفوسفاطي

عبد الرحيم  هريوى 


▪️ في ضيافة الشخصين و بدون سابق إنذار..!!



حينما يغار على عالمك الشخصي بطريقة ما، وأنت في مقهى بانوراما بخريبكة، وبالكاد تعيد ترتيب أفكارك ..!!


أنزل طه عبد الرحيم زوجته أم عدنان  عند صديقتها العزيزة أم عبد العلي بحي البلوك .. وهي عشيرة ورفيقة مسيرتها التعليمية في عالم السبورةوالطباشير وبرودة الأقسام وLa navette..وعذاب السفر الطويل مع كل الإكراهات ومنها التغييرات المستمرة في البيداغوجيات والمقررات الدراسية، و بصيغ شتى وبدون فائدة تذكر ،ومما يزيد من تأزيم الوضع التعليمي سنة بعد أخرى، لأن تعليمنا وقع له ما وقع لديننا الحنيف لما خرج لنا في هذا القرن، من نصبوا أنفسهم وصايا عليه،وصاروا يؤولون الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية تبعا لتوجهاتهم الأيديولوجية والفكرية،مما أوجد في الخطاب الديني خطابات متشددة ومتنافرة ومتصارعة، وهم الذين قد ابتعدوا عن تحكيم الأصول في القرآن والسنة، وكأن زماننا يعيد زمان المعري حينما يدون عينه أفكاره ويعطي صورا عن أهل الدين بين قوسين في زمانه في كتاب"اللزوميات..!

"الأستاذتان كانتا تدرسان بإحدى القرى المجاورة لمدينة المنجم والعمال" بشعبة عمارة" كما كان لأجدادنا القدماء بالمفاسيس يحلوا لهم تسميتها، قبل أن تتحول إلى ٱسمها الجديد حطان،رغم أن ٱسم الشعبة ما زال في الذاكرة الجماعية المشتركة لنا كجيل الستينيات ..!


وحينما أدرج مدينتي خريبكة العاصمة العالمية للفوسفاط في سردي الأدبي، فهو لا يحدث  عفويا أوبصدفة، كما قد يظن البعض، والكثير من القراء ،بل إدراجها لم يأت يوما من فراغ، فالكتاب هم عيون مدنهم ومداشرهم وقراهم ،والكتابة عندهم مثلها مثل طفل الأمبراطور الذي كان معلقا في الشجرة، وحينما خرج الأمبراطور بلباسه،قال كل من حوله بأن لباسه بهي وجميل ورائع وفيه ألوان.. لكن صرخة الطفل أعاد لغة الوصف والتعرية لطرح السؤال، وبنظرة العين الأخرى..!

 قال الطفل :

-كلا إن الأمبراطور عار..!!

فتلك هي أنواع من بين أقلام الشعراء والكتاب والأدباء من الملتزمين منهم بقضايا مجتمعاتهم، و التي تحتاج منهم دوما إلى تعرية الواقع والكشف عن العيوب. وقول الحقيقة ولا شئ غيرها ، و بكل سلبياتها ..!

  المدينة الفوسفاطية خريبكة، التي تعيش حصارا غير معلن عن ما تنتظره من تنمية اجتماعية وثقافية وسياسية، بعيدة المنال في المديين المتوسط والبعيد، على الأقل.وذلك لأسباب كثيرة..!

ولأن هناك مياه كثيرة جرت تحت الجسر في الألفية الثالثة..!

- وهي المدينة بالفعل؛ التي ما زالت تعيش زمن الحجر التنموي بطرق أخرى، رغم تخفيفه مؤخرا بسبب الكوفيد، لأن هذه المدينة ألفت الحجر قبل خروجه للوجود بما عشناه خلال مارس 2020 ..!


-أنهى طه عبد الرحيم لتوه شرب قهوته السوداء، ومعها كتابة مقالته اليوم تحت عنوان:


- لبيك للخطر حينما يناديني ..!

جبران خليل جبران

عن تلكم الغارة الجوية والبرية لجماهير casa- blanca المحسوبة على فريق الرجاء العالمي على الساكنة الفوسفاطية بخريبكة..!


- وبعدما أدى صلاة المغرب،عاد يحمل معه كاغط من الزريعة البيضاء، والتي عادة ما تتواجد بالقرب من طه عبد الرحيم ، كي يتسلى بها..وما فيها من منافع صحية..كما أنها تلهي لسانه في جحره،كي يستريح من أي لغط من القول والكلام الزائد بدون فائدة، ولا منفعة لدى سامعه،وخاصة ذاك الكلام الذي يتفوه به الشخص، وبدون  أية رغبة منه  في الحديث،في بعض المواقف وخاصة الحرجة منها..!


طه عبد الرحيم؛جلس خارج رحاب مقهى بانوراما منفردا.واتخذ له مكانا منعزلا بعيدا عن ضجيج المقاهي،وخاصة الحديث في كل شئ؛ ولا أي شئ..!وما هي إلا لحظات من السكون والهدوء والتأمل في محيطه، إذا برجل هرم قد اشتعل رأسه شيبا، يحمل في يده ملفا طبيا لعله من إحدى المستشفيات المحلية،وهو يقتحم عليه أراضيه ،وبدون أي إشعار ،وبدون أي احترام لأي حقوق لشخصية طه عبدالرحيم ثم جلس فجأة بالقرب منه، وكأنه يعرفه معرفة قديمة، وأطلق بعد ذلك عنان لسانه للشكوى عن حاله ومعاناته و..و ..و..!


قال لطه عبد الرحيم : 

- أنا كما ترى مريض بداء السكري،ولا أقوم بأي رجيم يذكر،مما أثر لي على شبكة العين اليمنى..!و

ما كان لطه عبد الرحمان إلا الدعاء له بالشفاء،وهو يتمتم، طهورا إن شاء الله..!

- تابع حديثه بشكل مستفز..!

- أنا أدخن منذ أربعين سنة، ولم أقدر على التوقف عن التدخين، وحينما أشعل لفافتي أشاهد بأم عيناي كيف يبتعد عني كثير من الناس،بسبب عدم تحمله للرائحة الكريهة للدخان المحروق..!

- وطه عبد الرحيم أرى في عينيه من بعيد وهو لحد الساعة يحسب كلماته ويعدها عدا بطيئا،وهو يقول في قرارة نفسه أي ذنب قد ٱرتكب في هذا النهار، كي يحط بجانبه شخص مثل هذا ..!!  وكي يسمعه ما لا أرغب في سماعه من الشكوى والأحزان ..!

- ويسمعه أي شئ لا يهمه لا من قريب ولا من بعيد..!

- قال له : أخي البشير رحمة الله عليه كان سليم الجسم ومعافى..وفجأة وهو يتابع فيلما قد أغمي عليه ثم حملناه بسرعة إلى الدار البيضاء،ولم نعد به إلا بعدما عرفنا بأنه سيرحل في أقرب وقت ممكن،وما أن عدنا به وأدخلناه لبيته حتى سلم روحه لباريها..!

- وسكت طه عبد الرحيم..وصمت صمت القبور ..وصاحبه قرب أذنه يحكي له ألف حكاية وحكاية،وبعدها أخرج علبة سجائره،ووضعها على الطاولة،وفوقها ولاعة صفراء،ثم أمد يده لتبدأ رحلة الحريق اللامنتهي ..!

- أشعل سيجارته  الأولى بلذة..!

- وأشعل صديقا له هو الآخر، ولربما يعرفه..ويكون قد أتى به بالقرب من طه عبد الرحيم، كي يتم به عدد الفريق المذكور ما دام أن الثلاثة سيكونون جماعة من الهرج والمرج والقول المباح ..وكان صديقه ذاك يتكلم معه بلغة الصديق الحميم و الوفي سواء عن صحته أو معارفه أو حتى وهو يشرح له قول طه عبد الرحمان عندما اشتد غضبه واستشاط  وقال له منبها بلغة موليير مثلا فرنسيا يعبر أحسن تعبير عن حاله وما أوجدته الصدف كي يعيشه الآن..

  • قال له طه عبد الرحمان:

  • Si tu fume pour le plaisir,moi je fume pour la nécessité..!!??

  • رن هاتف طه عبد الرحيم  بعدما رمقت عيناه كثيرا من الجالسين بجنبه، وقد أوقدوا نار سجائرهم.. وعم الدخان الكثيف ذاك المكان،وكأنهم في مسابقة محلية لمن يدخن أكثر من علبة من السجائر في اليوم..!؟

  • !أجاب طه عبد الرحيم زوجته أم عدنان ،والتي طلبت منه الحضور عاجلا للعودة للبيت،وحينها سمع جليسه الحوار السريع..وعلم علم اليقين بأن الأذن التي ظلت مفتوحة تسمع كل لغط ولغو هي الآن التي هي في طريقها للانسحاب ..!!

  • قال طه عبد الرحيم مستودعا الشخصين اللذين فرضا عليه بسبق الإصرار في مكان جلوسه رغم أنفه..!

  • السلام عليكم أيها الإخوان ورحمة الله تعالى وبركاته ..

  • الوداع ؛ ولا لأي لقاء يشبه هذا ..!

وهو يقول في قرارة نفسه :


▪️كم من البشر يأتيك بسيناريو لكتابة مكتملة الأوصاف،وما عليك إلا أن تعيد صياغتها بطريقة أسلوبك.. وتنفخ فيها نفخة أدبية رهيفة حتى يستسيغها القارئ وهو يتجول بين ثنايا سطورك ..!!


تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى