صديق الظل الخفي ..!!! قصة قصيرة ▪️ ▪️ صديق الظل الخفي..!؟!▪️
▪️قصة قصيرة ▪️
▪️ صديق الظل الخفي..!؟!▪️
مباشرة بعد أداء صلاة العصر من يومه الخميس الماضي ، وأنا في طريقي صوب سيارتي المركونة خلف المسجد ، الذي دخلناه كي نتقرب من رب السموات والأرض ..
ونقول له مباشرة يا رب ..!
ٱنتهت الصلاة ..!
خرج المصلون ..!
وهم ينتشرون في الأرض ..!
رفعت رأسي كي أمد بصري نحو الأفق الممتد..
كي أستنشق هواء مدينتي التي أعشقها بحب..وكله بنفس عميق ..!
ولكي أعيد ترتيب أشياء كثيرة ضاغطة في دواخلي..!
فجأة بصرت ما لم أبصره عمَّا قبل .. أبصرت هيئة شيخ كبير يترآى أمام عيناي ..إنه رجل من طينة الرجال الذين صدقوا مع أنفسهم وضمائرهم والناس ..وهو الذي ما زال يتلمس عمر شباب زهور قد رحل..أراه سوى ذكرى من ذكريات عمر طويناه على عجل ..هو يراه بخلاف رؤيتي.. يراه أشبه بسراب يمشي خلف سراب هناك على وجه طريق طويل ممتد ..هناك في سماء خلاء ..رغم جسمه الهرم..وهو آلآن يعيش لربما في عقده السابع تقريبا..!؟!
- ما زلت أشك ..لقد ظننته ذاك الصديق القديم ..إن له في قلبي معزة خارقة ، لصدق مواقفه و مبادئه ..!
إنه صديق الظل ..!
صديق ورفيق وأخ عزيز..!
لقد ظل لجانبي عمرا من زمان مَرَّ يجري كالموج،إنه زمان غير هذا الزمان..حينما كان للصداقة ذوق ومعنى ..كان طعمها حلو ..وكان للجلوس فائدة ومتعة بين أحبة الفكر والعلم والثقافة وبطعمه الشاعري..!؟!
ها أنا الآن أتواجد بشارع المقاومة بالمدينة المنجمية خريبكة ..أسرد سردي على عجل ..وحينها تذكرت القاص المغربي محمد زفزاف لما قال بأن كل واحد منا تقع له قصص عديدة في حياته ..قد يحكيها..يرويها..يكتبها..ولا يحتاج إلا للرغبة وحب تدوين الحرف ..وأدوات الاشتغال ..فلا يمكن للكهربائي ولا للإسكافي أو الميكانيكي أن يزاول حرفته في غياب أدواته التي ترافقه ، يوظفها كي يتمم رحلته في عالمه الذي ٱختاره عن حب ..!؟!
ولا بد أن نتمم معكم رحلة هذه القصة لصديق الظل ،الذي تظهر صورة ظله مع طلوع الشمس،وقد يختفي حين يعم الضباب وتكفهر الأجواء، وتغيب بصمة الرجال الأوفياء لمبادئهم وقيمهم المثلى التي يحملونها كوازع يحركهم نحو ما فيه خير وسعادة الآخرين..!؟!صديقي ذاك ، شبيه بشمعة تحترق كي تضئ ظلمة الليل السرمدي. وتتاح لمن يعشق رومنسية اللحظة، رفقة الشمعة وطقوسها، وأن يكتب له ما يشاء أن يكتبه..ويعيش حينه بين جوانح عوالمه عبر خيال المتعة والفكر...!؟!
وها أنا ذا أسارع الخطى، و بكل ما أوتيت من قوة وجهد كي لا يفلت مني صديق الظل من بين يدي مرة أخرى..!
لقد فرق بيننا الزمان وكل واحد منا ٱتخذ سبيله في البحر عجبا ..!؟!
وأنا اسرع الخطى، كي أدركه قبل أن يتمم وقفته صحبة أناس يعرفونه مثلي منذ ذاك الزمان القديم..!
وهم اليوم في مثل سنه تماما ..!
هم من جيله الذي أمسى يعيش ما بعد خريف العمر ..
ولعلهم قد عمروا طويلا..طويلا..!؟!
وها أنا ؛ كما أرى نفسي بنفسي، وأنا ما زلت في طريقي صوب سيارته التي ٱمتطاها بسرعة البرق ، وحينما قابلني بوجهه وسحنته الحمراء وكأن الدم يكاد يخرج من عروق وجنتيه..أركز في وجهه النظر ..أريد أن أعيد صورته بالفيد باك ..هناك نحو الخلف ..أراه ما يزال محافظا على لياقته وحيويته رغم هرمه..!
إنه ما زال كما عرفته شابا يافعا، كله نشاط وحماس قَلَّ نظيره عند كثير من أقرانه في ذاك الزمان الغابر..!؟!
- هو ،هو.. بأناقته المعهودة وبلباسه الأنيق والجميل..!
- هو ..هو ..صديق الظل ورفيق الدرب والعمر، عشنا مع بعضنا البعض في كثير من المحطات هنا بخريبكة أوبني ملال أو الرباط أوالدار البيضاء ..!!
- سارعت أكثر من الازم..!
- وها أنا قد فاجأته ..!
- وأنا أنادي عليه بٱسم الشهرة الذي كنا نناديه به..
- الله أكبر ..واش هذا سي " حمدان "
- كم توحشنا صوتك وأيامك الحلوة أخويا العزيز..!
- ٱبتسم كم من مرة في وجهي كعربون محبة، ظلت راسخة في قلبه نحوي ونحو جل أصدقائه القدماء...!!
- وقد يكون كذلك بالفعل، لربما تفاجأ بي، وأنا الآن متواجد بالقرب منه..!!
- تساءل عن غيابي ..!!
- عن عدم تواصلنا..!!
عن كل شئ ،شئ يخصني..له لهفة ورغبة الاستفسار عني، وعن أحوالي..!؟!
- وهل ما زلت متواجدآ بالمدينة..!!
- أعاد كي يسألني مرة ثانية عن أحوالي..!؟!
-سألني عن كل شئ صغير أوكبير عن حياتي في غيبته..!؟؟
أوقفته بكل قوة.. أردت أن أظمه ..أن أصافحه ..لكن الظروف ٱستثنائية، ولا بد من شروط السلامة الصحية، فرضت علي وعلى صديق الظل، والواجب أن نلتزم بالشروط الاحترازية في زمن الوباء القاتل،كوفيد..!؟!
صديقي العزيز " حمدان " تفاجأ بوجه بدا غريبا .. وأمسى كأنه لم يراه منذ زمن بعيد..!
- زمان قد مَرَّ بيننا وطوته الأيام بسرعة..زمن ليس بالقصير..!!
لكنه للأسف ؛ظل جالسا على كرسي سيارته، ويده على المقود ..يركب سيارة جديدة ورائعة من نوع ألماني متميز مودايل "فوزفاكن" ولقد عاهدته بسيارته القديمة ،لكنه ألف تغيير أنواع سياراته كما يغير معطفه حسب تغير الأجواء والأحوال، لكنه لا يغير أشياء كثير ة عهدناها فيه، ومنها مبادئه السياسية، ومعها ٱبتسامته الدائمة.. وسريرته الدفينة..أناقة لباسه ونوع قهوته السوداء ، ومكان جلوسه بالمقهى نفسها حتى لما أغلقت أبوابها لظروف عابرة ..انتقل لمقهى جديدة ليجالس أصدقاءه الذين ألفوه وهو لا يتوقف عن النقاش والتحليل في القضايا السياسية المتشعبة، وخاصة ماله علاقة بالأحزاب الوطنية..إنه يعتبر فاعلا سياسيا ونقابيا وإطارا تربويا معروفا على صعيد الإقليم الفوسفاطي للمدينة المنجمية خريبكة ..!
- حكى لي عن أحد الأصدقاء الذي فقدناه ..!؟!
- سألني عن أحوال فلان وفلان وفلان..أسماء كثيرة مرت بيننا..
أعاد الكرة بين الحينة والأخرى كي يسألني عن أحوالي وأسرتي.. عن علاقات جديدة بالعالم الافتراضي.. !
وعن التدوين بالمواقع الاجتماعية ..!
وعن أي شئ يهمه.. عن صديق عزيز لم يسبق أن رآه مثلي منذ زمان..!
ظل يتكلم، وأنا أنصت له كحكيم من حكماء زماني ، وكما عهدته بلغته العميقة ولكنته البدوية والتي لا تخرج عن إقليمنا الفوسفاطي..من ساكنة خريبكة ووادي زم وأبي الجعد والنواحي..!لكنني شعرت به وهو يدفع بكل قواه، في محاورتي ..!
- وكأنها جبال تتزلزل من تحت قدميه..!
- وكأنني ذكرته فجأة بالماضي الدفين لأصدقائه وللتاريخ وللأحداث الكثيرة المحزن منها والمؤلم..و يكون بالكاد قد تخلص منها..!
- رأيت في وجهه ذلك الإنسان الذي يحارب نفسه بنفسه.. كي لا يعود بذاكرته إلى ما يؤلمه بالفعل..!؟!
- إنه صديق الظل حمدان ..ذاك الرجل الذي يهرب من التاريخ ،والتاريخ يطارده من كل فج عميق..!؟!
لم أتفاجأ حين لم يودعني كأي إنسان يحترم عرف وتقاليد مثل هذه اللقاءات ..حرك مفاتيح سيارته ..سمعت صوت المحرك يهدر وبدون سابق إنذار ..وبدون أن يودعني ذاك الوداع العادي،ٱندفع بسيارته إلى الأمام وكأنه يقطع مع تاريخ بالفعل ظل يؤلمه..!؟!
غادرني وغادر المكان وترك خلفه أكثر من سؤال سيبقى جوابه معلقا إلى لقاء آخر إن ما زال في العمر بقية..!؟!
تعليقات
إرسال تعليق