أجواء حياة بؤس وجوع..!؟!/ نص قصصي قصيرة من تخييل الكاتب/ بقلم عبد الرحيم هريوى خريبكة/ المغرب
حياة بؤس وجوع..!؟
عبد الرحيم هريوى
خريبكة/ المغرب
حمل الابن عبد العزيز الطنجرة الصغيرة، وفيها شئ من حتى.. ولقد مات سيبويه وهو يحمل في فمه شئ من حتى.. فيها شئ من الحريرة وخبزة شعير وقليل من التمر، إذ طلبت منه أمه جمعة حملها إلى بيت الجيران،حيث يقطن عمه البهلول وأمه رحمة، وبذاك الاسم اعتاد على مناداتها ومعه كل أطفال الدوار..!
البهلول رجل من طينة العصر القديم ..فتح عينيه على الفقر..وسكن معه عمرا طويلا..ظل المسكين يعيش كقهواجي متنقلا بين الأسواق الأسبوعية بالبوادي، كي يحصل له على ما يسد به رمقه من خبز و شاي .. تفاجأ عبدو برائحة الشواء الزكية، تتصاعد خيوطها في السماء وتشمها من بعيد..تعجب عبد العزيز للأمر وطرحت أمامه عدة أسئلة، وهو الذي يعرف عمه البهلول حق المعرفة ..و من أين له ثمن لحم الخروف ..!!؟؟
سارع الآن الخطى كي يعرف بسرعة ذاك السر، وينقل لأمه حقيقة دخان هذا الشواء على عجل،لكنه لما دخل البهو الكبير..إذ كنا نسميه بلغة البادية "لمراح" وجد أمه رحمة، تلك المرأة العجوز العقيم ، التي بالكاد تقوم بأشغال البيت، ومساعدة زوجها البهلول رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشانها مع تقدم العمر ..وجدها وقد وضعت منضدة قديمة متهالكة على حصير مثقوب، وأفرشة ووسائد بالية مع موروثاتهم من المنزل الحجري، الذي يحيط به حائط لسور طويل ثم بناؤه بالوحل و الحجر، و كومات من السدر"الشطب" من أجل حماية أنفسهما من كل خطر ليلي مبهم قد يداهمهما ..
كان ذاك المساء شديد الحر، لأن شهر رمضان قد جاء في عز الصيف،لكل ذلك يفضل أهل البادية استنشاق الهواء الطلق ،وخاصة من يعيشون نفحات جهنم في بيوت سقفها من القصدير وجدرانها غير مبلطة والعقرب تصول وتجول والقطط الذكية تتحمل كامل المسؤولية في مراقبة الوضع تحت ضوء القمر، وشمعة تضيء الوجوه ..!
ترآى للسيد البهلول خيال من بعيد، بعد أن نبح الكلب نبحتين ثم صمت صمت القبور،بعدما تعرف على عبد العزيز ..تقدم بعدما وسلم على أهل البيت،وبسرعة وضع ما بيديه..وتنهد تنهيدة عميقة،كلها ألم وحزن دفين ،إنه تعبير طفولي منه، لما رآه وشاهده هذا المساء ببيت عمه البهلول بأم عينيه ..وما رمقه على الطبلة من طعام نقول :
- إنه فطور لعمه البهلول وزوجته رحمة..!
إبريق شاي؛ وتكسيرة من خبز يابس، في انتظار شحمة تذوب على جمرمزهر بمجمر من طين..!!
عاد عبد العزيز أدراجه ولسانه يتمتم بكلمات وكلمات
- أي صبر هذا..!
- أي فقر هذا..!
- أي عيشة جوع تلك..!
- كل ذاك أقرب للحلم..!
- أقرب منها للخيال..!
- إنها شحمة تذوب وتذوب وتذوب..!!
وتذوب معها أيام أناس قد جبلوا على عنف الحياة..!
وهل هناك أسوأ عنف من عنف الفقر على حد قول غاندي.. !؟!؟
تعليقات
إرسال تعليق