إعادة الأسرى؛كتب كنا نتبادلها،اليوم سعر الكتاب يفوق بكثير القدرة الشرائية لدى عموم المغاربة. عبد الرحيم هريوى / خريبكة اليوم/ المغرب
إعادة الأسرى؛نعني بذلك الكتب التي كنا نتبادلها..اليوم سعر الكتاب يفوق بكثير القدرة الشرائية لدى عموم المغاربة.
عبد الرحيم هريوى
خريبكة اليوم
المغرب
في زمننا كنا نتبادل الكتب فيما بيننا،لعدم قدرتنا على شرائها،ولكي نعيدها من الأسر،لدى بعض الأصدقاء حيث طالت مدة مكوثها لديهم، كنا نسمي العملية بالتفاوض من أجل إعادة الأسرى،أي الكتب..وأنا أتفحص منشورا جديدا عبرحائط بالفيس بوك ،فقرأت ما يلي : هذا الكتاب أصلي و موثق 100% مع الضمان:289 درهم. وبدون شعور وجدت نفسي في حاجة إلى الإمساك بالقلم من جديد كي أحفر في مكان واحد،كي نصل للماء العذب،إذ في قولة للجنيد الحكايات جند من جنود الله ،وكذلك الكتب..
الذين يدعون للعودة لرائحة الورق،ويساهمون في تنشيط الحياة الفكرية والأدبية بهذا الوطن،عبر سلسلة من النشر ،عبرهكذا نصوص جديدة،تواكب الحياة المجتمعية والسياسية والثقافية للمغاربة وللوطن العربي وللعالم،وما فتئوا يدهشونك بعناوين مثيرة ومختارة بدقة ،تثير لدى القارئ السؤال، فيما تحمله الصفحات المخبأة تحت الردم ،لكنه حينما يتوجه مباشرة لسعر الكتاب،يجده بعيدا جدا، بمسافة شاسعة عن قدرته الشرائية للأسف..وذاك واقع نعيشه بالقرب من هكذا إصدارات جديدة..
فهؤلاء الذين يدعون أنهم من أنبياء الحرف وعرابه،قد يقول قائل، بأنهم ليسوا من يحدد السعربل عدةمتدخلين ،آخرين ،لايهم من سيشتري،ولامن يقرأ العنوان ويعيد الكتاب للرف. فهؤلاء قد يشاركون بأسمائهم وأولئك يشاركون بطرقهم الخاصة في جعل الكتاب لا يحصل عليه إلا أصحاب الأرصدة الممتدة،ولايربط سعر الكتاب بعلاقة ديالكتيكية بمستوى معيشته ودخله،وباقي حساباته مع البوطا والخضر وفواتيرأخرى لاحد لها في زمن التضخم والغلاء، والليبرالية المتوحشة التي تمتص من دم الفقراء والبؤساء، الذين لولاهم لضاع العلم كما لقنوها لنا..فهل بالفعل هذا القول سليم الطوية..!؟
فلا بد أن ننبش في الذاكرة الجماعية، ونحن نتبادل الأسرى أي الكتب ،ونحن نذكر بعضنا البعض بأنه قد حان الوقت يا صاحبي بأن تطلق سراح " ثرثرة على النيل" أو" الأيام " أو" النظرات والعبرات" و"بين القصرين" والريح الشتوية"ومحاولة عيش وبيضة الديك ..وكثير من النصوص التي كنا قد ألفناها وألفتنا ،إذ كنا نقرؤها عبرسلسلة من عملية (عطيني نعطيك)واليوم،نشهد ما نشهده،من تحولات وتغييرات في هذا الجيل.أي لاحضور لذلك السلوك الجميل في تبادل للكتاب كما كنا.وهم في زمانهم يتبادلون أشياء جديدة عبر السوشيال ميديا، كالفيديوهات والروابط الالكترونية..هذا إن لم يكن الخفي أعظم ،في زمن كل ماهو محرم مطلوب ومباح ..!!
نحن أمام شعبوية في تثقيف الشعب عينه،من خلال ما نحدده من أثمنة خيالية تفوق القدرات الشرائية للمغاربة البسطاء ،أبناء السواد الأعظم ،أوالذين يعتبرون من أصحاب الدخل المحدود،وهم كما ينبئنا الواقع اليومي للأسف ، فلا يستطيعون توفير حتى الضروريات لأسرهم ..فما بالكم بالكتب التي أمست من الكماليات،في حضور السيد Pdf وباقي الوسائل الالكترونية المستعملة في نشر المعرفة والمعلومة،من حاسوب شخصي،ولوائح إلكترونية،وهواتف ذكية.إن الأسعار التي يتم تحديدها لبعض المنشورات عبر هكذا نصوص أدبية وفكرية ، هي بالفعل خيالية حينما يتم ترويجها بيننا بطريقة فجة،لأن المغربي القارئ يجد صعوبة في اقتناء كتبا وروايات تقارب 100درهم أوتفوقها بكثير،وهؤلاء فئة قليلة..فما بالك بغيرالمدمنين على القراءة.والذين يعتبرون بأن الكتاب حينما يتجاوز ثمنه خمسون درهما،هو في نظرهم نوع من المغامرة والمخاطرة بدراهم معدودة لديهم ،وقدرة شرائية مقتولة ، بهكذا سعر الذي يجعلنا نتساءل :
- هل من يحددون هذه الأسعار لبعض الكتب في هذا الوطن الجميل،يعرفون بحق المواطنة في نشر المعرفة.والمساهمة في إبقاء الكتاب حيا يرزق؟
- أم هم يساهمون في دفنه،وهم لا يشعرون..؟
والمغاربة في زمننا،أي في ستينات وسبعينات القرن الماضي،قد كانت الكتب بثمن زهيد جدا،وكنا لا نقدر على شرائها،لان الأسر المغربية في ذاك الزمان كانت بالكاد تحارب على كل الجبهات لإيجاد لقمة العيش لعرمرم من الإخوة والأخوات،قد يتعدى عددهم العشرات.وكأننا في فريق لكرة القدم.لأن الإنجاب في ذاك الزمان كان يعرف تنافسية كبيرة وحادة وفي غياب ثقافة الأسرة الحديثة والحد من النسل،واستعمال حبوب منع الحمل..
لذلك نرى بأن الكتاب إذا ما أراد أهله بأن يبوئه المكانة التي تليق به ،وتبقى تلك العلاقة والصداقة بينه وبين قرائه القدماء والجدد يجب أن يلائم سعره مستوى الدخل الفردي لمجتمع يئن تحت ضربات ولهيب غلاء ما أنزل الله به من سلطان..وإلا ستصبح تجارة الكتاب تستهدف أما الفئة الميسورة من المجتمع والنخبة المثقفة،وخاصة التي لها من القدرات والموارد ما يؤهلها للاقتناء ..
تعليقات
إرسال تعليق