هناك بالقرب من النافورة الجميلة بفيلاج فرنسا، جلس كاتبنا يحكي ما شاهده في جلسته العابرة.. عبد الرحيم هريوى خريبݣة اليوم المغرب
بالقرب من نخلةعظيمة وقديمة،لعلها عمرت طويلا،وعمرها يحكي عن مدينةفي مفترق الطرق من زمان بعيد..ها هنا بشارع لا يهمنا اسمه،بالقرب من الملعب الفرنسي للكرة ،قرب سينما OCPقديما،جلس الرجل الكهل على كرسي،وهوفي موقف استثنائي،في زمن السوشيال- ميديا،وهو في وضع منظر سوريالي في زمانه الرقمي، يحمل في يده رواية عالمية ذاع صيتها عبر الأدب الإنساني،هائم يقرأها في صمت لجورج ويل 1984..
هناك...
شارع فرنسي قديم وسط قريتة من القرمود الشاهدة على زمن الثلج، لما كان يتساقط بكثافة في مدينة الغبار والقطار والانتظار، التي يكون لك شرف الزعامة إلا في الجود والعطاء، شاهدة للتاريخ على مكوثهم عمرا طويلا فوق أراضينا الفوسفاطية لما اكتشفوا الكنز المعدني النادر..
هناك..
بالقرب منه؛أي الكاتب ، مرت ٱمرأة في عقدها الثالث،تمشي بخطى سريعة،وهي تجر طفلا صغيرا،بالكاد يستطيع أخذ نفسه،يجاريها سرعتها،ولما ركز الكاتب بصره؛ بالكاد تلامسان رجلاه وجه الأرض،وقرأ في عينيه،وهو يخطف التفاتة صغيرة صوبه،وقدأدهشه منظر ذلك الكاتب،وهو يقرأفي الشارع العمومي كتابا.. وقد جاء ببدعة في زمان الذكاء الاصطناعي والأنترنت ..!
- وقال الطفل مع نفسه :
- لعل هذا الرجل الكهل، مجنون أو أحمق زمانه..
- ولربما كانت القراءة سببا في حمقه..
ألم يقل جورج أورويل، في روايته التي يقرأها 1984 التي يحملها بين يديه :
- إن جريمة الفكر لا تفضي إلى الموت : جريمة الفكر هي الموت نفسه
هناك..
تتواجد صدفة بالقرب منه نافورة رائعة وجميلة،أعطت للمكان صورة ميتافور الطبيعية،وتخبر المارة بأن ها هنا ثروة الماء ما زال لها وجودها،رغم غياب الغيوم الدكناء عبر السماء المعطاء..
- وتقول لكل له عينين وبصيرة :
- انظروا لجمال مدينتكم الفوسفاطية، وانظروا لنافورتها، المعلمة الخريبكية بالإضافة للساعة الكبرى في مدخلها الرئيسي، بعقارب أسطورية،لغير زمان تنميتها، التي تتحرك على غير المعتاد.. النافورة متواجدة بكبرياء وجودي، وسط الفيلاج الفرنسي..
وما أجمل أحياء مدينتنا الفوسفاطية التي تعيدنا لبداية القرن 19 ،وثورة عصر الأنوار الغربي ،وقد واكبته مدينتنا من باب الاستعمار الفرنسي ولغته وثقافته ..
هناك..
بالقرب من النافورة المعلومة، تذكرنا،بأنه في إحدى المناسبات الوطنية حينما حضر الإعلام المحلي والوطني والدولي،ولربما مواكبة كذلك حتى من طرف إحدى اللجن من الأمم المتحدة للتنمية البشرية المستدامةبدول الجنوب.لحضور يوم تدشينها.ناهيك عن عرمرم من اللجان المنتخبة الكثيرة المحلية منها والجهوية..ولعل المكان ظل شاهدا على الروبورتاجات التي بثت والألبومات التي صورت عن ذكرى من ذكرياتنا السوريالية عن معلمتنا الكبيرة الجديدة في زمن أوج التنمية التي تعرفها المدينة العالمية " للذهب" للتراب الأصفر..
وفي لحظات قال الأب الأكبربطل رواية1984 لجورج أورويل بٱسم الله مجراها ومرساها..فانطلق عباب صوت الماء الدافق، وكأنه موج البحر، يضرب لعنان السماء.وسمعنا أهازيج وأغاني و تصفيقات لكل من حضروا، والرايات ترفرف في جنبات النافورة،وكثير من اللافتات كتبت لذكرى والمناسبة،ولفت نظر الكاتب ما خطه عبقري من عباقرة المدينة، على إحداها، إن لم تخني الذاكرة
" هذي البداية أو مازال ما زال" أما زال العاطي يعطي..!"
فتساءلت الكاتب عينه؛مكان الفيلسوف المشاكس سقراط لما كان يفكر في العدالة الإغريقية مع صديقه في حوار فكري
- قال ثراسيماخس:
أفلم تكن لك مرضع يا سقراط؟
- أجاب سقراط:
ولم هذا السؤال قبل أن تجيب.أفما كان أجدر بك أن تجيب عن أسئلتي من أن تسأل؟
- أجاب ثراسيماخوس:
لأنها أهملت أنفك،فلم تمسحه ،وأنت في حاجة إلى ذلك.ونتيجة إهمالها أنك صرت لا تميز بين الراعي والرعية
لعلك يا صاحبي؛ تعني في كلامك بأن المدينة الفوسفاطية مقبلة على جيل جديد من النافورات، بكل أرجائهاليس لقلة الماء ودخول البلدفي ازمة العطش،بل لأنهامن المشاريع المهمة للساكنة لأن من خلالها ستعرف مدينتنا بالنافورات وجودتها عبر ربوع الوطن..!
التفت الكاتب بالقرب منه، هناك رجال يفرون من زمانهم الضائع،وهم لا يطلقون عنان سمعهم ليس للماء المنهمر للنافورة التي تقذف ماءها لأعلى عليين بل لصوت الكرات الحديدة لما يضرب بعضها بعضا ، في تحد لهم للهزيمة الوجودية، وجبرية قهرية لفلسفة الألماني شوبنهاور..!!
وهناك..
بعيد بعض الشئ ٱمرأة مسنة جلست على كرسي منعزلة على العالم جاءت كي تبحث لها على لحظات حميمية فقدتها في الواقع،لتبحث عنها في الخيال،بعدما ذهب الزمان وصار الماضي ذكرى ولم يبق للعيون إلا أن تسرق من خضرة المكان نظرة رومنسية للحياة، التي لم تعد كما كانت في وقت من الزمان..
التفت الكاتب للمكان ..
- لا وجود للمرأة هل انسحبت لحالها..!؟
- هل لم يرقها المكان ..أم كان الكاتب في وهم وخيال..!؟
بدأ الطقس يحمل برودة المكان،واقترب وعد رحيل شمس النهار،وقد جمع الكاتب أوراقه،وغلق روايته وقرر أن يعود لدفء بيته مسرعا..!
تعليقات
إرسال تعليق