حلقات التنوير مع ابن رشد من النقد إلى التنوير/ الجزء الأول. بقلم ؛ المعانيد الشرقي رئيس تحرير النصوص بجريدة ( الملتقى العربي ).


 حلقات التنوير مع ابن رشد 

من النقد إلى التنوير/ الجزء الأول.

بقلم ؛ المعانيد الشرقي

رئيس تحرير النصوص بجريدة ( الملتقى العربي ).


  نقدم بين أيديكم قراءات في فكر الفيلسوف القرطبي العقلاني ابن رشد سيرا على منهج نقدي يفضي بنا جميعاً إلى التنوير وسلك طريق الحداثة، عبر بوابة الحرية، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال استحضار الفكر الرشدي خلال زمانه، حيث تحامل عليه الكثيرون سواء من المسلمين أو الغرب، لسبب بسيط يتمثل في عدم فهمه فهما صحيحاً، وقد حذر ابن رشد من هذا الأمر حينما قال بأن فلسفته في المنطق وشرح تعاليمه للمعلم الأول أرسطو هي حكرا على الخاصة، لأن العامة لا تستطيع مُجاراة التأويل العقلاني الذي يهتم بالنص المؤسس أساساً.

  إننا لن نروم تلك القراءات الأصولية والفقهية التي توجه بها ابن رشد إلى جمهور العامة، من خلال كتابيه؛ " فصل المقال في تقرير ما بين الحكمة والشريعة من الإتصال "  و " مناهج الأدلة في عقائد الملة " بقدر ما سنُلفتُ نظرنا إلى كتبه الفلسفية، وأخص بالذكر مؤلفه العميق، " تهافت التهافت "  الذي كان سجالا مع كتاب حجة الإسلام أبو حامد الغزالي " تهافت الفلاسفة " ولو أن الفارق بين الفيلسوفين يمتد لعقد ونصف من الزمان، لكن ضرورة النقد تُملي علينا إقامة الحدود الفاصلة بين الكتابين وتأصيل الخطاب وتحديد المضامين فيما جاء فيهما حتى نُقرب القارئ والمهتم بقضايا الفكر الإسلامي التنويري تحديدا إلى أفهامه، إلى أن يكون أيضا ابن رشد حاضرا بين ظهرانينا بغاية إعادة نشر فكره وفهمه فهما صحيحاً، لا أن نتناوله تناولاً تاريخياً يُمجد اجترار الأفكار وما تم تدوينه في سابق الأحقاب والعصور، لأن ملكة النقد تُسائلنا عبر الغاية و الجدوى من استحضار القديم بغاية إحيائه لا سرده وحكيه كما وقع في الماضي، ولأننا نريد التحليق بكم في سماء التفلسف بمعية السؤال، سيكون لزاما علينا طرح الأسئلة المؤجلة على الدوام كما يلي:

* ما الداعي إلى الرجوع لفكر ابن رشد اليوم؟

* ما المسكوت عنه في فكر ابن رشد الأمس واليوم؟

* كيف ننطلق من النقد لمعانقة التنوير هنا والآن مع ابن رشد الذي تحامل عليه أصدقاء الأمس واليوم؟ 

* ما دور المثقف في مواجهة الإنحطاط اليوم من خلال الفكر الرشدي؟ 

* هل الخاصة التي تحدث وتوجه إليهم ابن رشد في زمانه ونتوجه إليهم في زماننا بمعية جهاز مفاهيمي رشدي على يقين بأن العقل العربي تم تسييجه بالتفاهة والرداءة؟ كيف السبيل إلى تحرير هذا العقل العربي اليوم هنا والآن؟

    سنحاول أن نسير بمعاول العقل بُغية تقليب القضايا التي رهنت العقل العربي في القرون الوسطى وامتد هذا التقهقر إلى اليوم بغاية تحريك المشهد الثقافي وإثارة التساؤلات الحارقة عبر النقد الذي يقودنا إلى التنوير. ولن تُسعفنا العبارة إلا بتناول هذه القضايا بالرجوع إلى أقوى خصوم ابن رشد.

  إن الغزالي لما ارتدى عباءة الفيلسوف هاجم الفلاسفة وارتدى عباءة الفقهاء وهاجمهم أيضاً، فلم يترك سبيلاً إلى المهاجمة إلا سلكه حتى داعت أفكاره من الشرق إلى الغرب وأصبح على لسان الأشاعرة وكل الفرق الكلامية عدا المعتزلة التي كانت فرقة عقلانية بامتياز. لكننا في هذه الورقة لن نستفيض في فكر الغزالي ولكن أردنا فقط التذكير به لأنه سيكون موضوع التجاور مع فكر ابن رشد جنباً إلى جنب، وبالخصوص في مسألة الإلهيات وتدقيق المعنى في هذا الباب حتى نوضح الغاية من النقد أساساً و نتبين السبل التي سلكها ابن رشد في تقديم حجج عقلانية على ما قدم من أفكار، لم يعتبرها شروحات إنما تفلسفاً على منهج النقد وفلسفة أرسطو تحديدا. 

   إن ابن رشد كان على الدوام يقول بأن علم الكلام يصيب السقيم سُقماً و يزيد الفيلسوف حذقاً ونباهة، وأنه يوجه خطابه للخاصة لا العامة، وأنه لما بلغ الإنحطاط ذروته في زمانه عمل على تدشين طريق التفلسف بمنطق القياس الأرسطي شرحا وتصحيحا لما لحق الشروحات السابقة من تلفيق وتحريفات، خصوصاً ما وصلنا عن الكندي والفارابي ثم ابن سينا.

  وقد تحامل على ابن رشد في زمانه الكثيرون ولم يُعترف به وبفكره إلا بعد فترات طويلة من الزمان، والدليل على ذلك، أن كتبه أُحرقت وتنكر له بني جلذته من المسلمين وكذا الغربيين، إلا بعد فترة ليست باليسيرة وبالضبط بعد مماته، تم إحياء فكره من لدن الغربيين حيث بدأ سماع الفلسفة الرشدية التي نقلها الفيلسوف ابن ميمون الذي ترجم الكثير من أعمال ابن رشد غداة نفيه إلى أليسيانا والتنكيل به إلى الحد الذي تم رميه بالزندقة والإلحاد تارة، والمروق تارة أخرى.

يتبع...

تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى