قصة قصيرة؛سيناريو من إبداع خيال الكاتب { أحمق هو؛ أم نصف مجنون..!!} عبد الرحيم هريوى / خريبكة اليوم / المغرب
أحمق هو؛ أم نصف مجنون..!!
عبد الرحيم هريوى
خريبكة اليوم
المغرب
لم أره لشهورعديدة..صدفة مررت عليه، وقد اشتعل رأسه شيبا..لقد ظل المسكين يعاني من حالة عصبية تلم به من زمن قديم..ما أعرفه ،عنه،هو أنه قد تراكمت عليه الضربات،وكان لا بد أن تأخذ منه في مقتل..
إنه نصف الحي..وإنه؛ الميت في وحدته ..وفي صمته المطبق والعميق في بعض الأحيان .. يعيش غريب الأطوار مع نفسه ..والغربة على محيطه..ساعة قد يضحك وساعة أخرى يصرخ ويبكي..!
غريب حاله بين الناس..!
يمشي كالمشرد لوحده ..!
يسكن في الأعالي والقمم، حتى يحصل على مساحة خالية،يعيش فيها عالمه الذي يعشقه..وكلما ألم به حاله ،بحث له عن مسكن..ولج باب الحانة.. يدخلها مجنونا ويغادرها أحمقا..رغم أنه ينتمي بحكم وظيفته للطبقة المتوسطة، لكنه يبقى سوى رقم تأجير سجل في ذاكرة الوظيفة العمومية..
عادة لما يكون في سكونه الطبيعي،لا يكلم أحدا ..ولا يتكلم مع أحد ..ولا يبادلك بالنقاش والحوار بل كلماته معدودة كدراهمه..
يعيش على خط التماس مع الفقر والبؤس..ولباسه تعطيك الخبر..لقد ظل بالنسبة لي ككتاب أجهله رغم أنني أقرأ عنوانه وأطوي بعضا من صفحاته،أمله وأرميه بعيدا عني،بل أضعه في مكان معزول حتى لاأعود إليه مرة أخرى..إنه يتلقاني من حيث لا أدري..كل لقاءاتنا ظلت محط صدفة ..لا أحمل عنه في ذاكرتي إلا صراخه وبكاءه وصخبه وضجيجه العالي الضغط ،وما يعيشه من الفوضى الاجتماعية والنفسية وذاك قدره..
لم أر وجهه لسنين..!
نفضته ذاكرتي..!
ولاأحمل عليه أي كره أو غل،لأن ما يربطنا معا إلا المتناقضات والمفارقات ..!
- كيف يراني ؛ وهل أضايقه لما ألقاه..أقف برهة كي أجاري معه الحديث..!؟
- لا أعرف..!
- هل يكره خلقتي..هل يمقتني..!؟
- لا أعرف أيضا..!
ما أعرفه يمكن أن أسجله عن تاريخه ..!
هو أن وجهه يوحي لي؛ بأن هناك أشياء كثيرة غير مفهومة، يطمرها،لا يستطيع أن يجعلها تطفو على السطح..!
وفي يوم من الأيام؛حدث أمرغريب جدا ،وأنا أمتطي دراجتي الهوائية،أثارٱنتباهي وجه بشري..تساءلت في دواخلي،وكأني أعرف هذا الوجه..فمن يكون يا ترى..!؟!
وفي رمشة عين عادت بي ذاكرتي لوجه صاحبنا،ففي الوقت الذي اقتربت منه، وعرفته أسرع الخطى، وجمع ما في فمه من ريق بصق؛تفل في وجهي بلاحياء..رمى بقوة؛ بصقة غليظة قد يكون؛ذلك أسلوب مجنون في احتقاره لغيره..لما سقطت البصقة على الأرض،كانت شبيهة بغيث رعد شديد البرودة في عزجوالرمضاء
«سمعت: تفو ..تفو..!»
في البداية اشمأزت من ردة فعله تلك.ولكن سرعان ما أعدت قراءة الوضع والشخص معا،ودعوت له بالعافية، للابتلاء الذي أصابه..فتيقنت أن "خونا" ليس على ما يرام .
وأنا قافل لبيتي؛ طرحت عدة أسئلة ،كي أشرح الواقعة لنفسي أولا ،قبل أن أكتبها في نص قصصي ،أشرح فيه شخصية إنسان قد تكون غير بديهية..!
من المجنون فينا يا ترى..في زمان الماشي فيه سرعان ما يبدأ في الكلام لوحده..!!
فهل؛صاحبي فقد نصف عقله أم فقده بالكامل؟
وهل المجنون فينا من يفقد بوصلة سلوكه الاجتماعي السوي والطبيعي..؟
وهل صاحبنا يعيش حمقه الذي ارتداه، وذهب يبحث عنه مغمض العينين.أم الحمق والجنون، التقى بهما صدفة في رحلة حياة صعبة لم تكن عادية..؟
فكم من إنسان فقد أعز ما لديه عبر جرعة من مخدر زائدة أفقدته عقله وتحول إلى اللاشيء..؟
أسئلة تبقى لخاتمة مفتوحة على أكثر من سؤال واحتمال..
تعليقات
إرسال تعليق