قراءة في مقاربة شاملة لقصة "المصيدة" لمؤلفها الأستاذ : ع.الكريم العباسي بقلم : ع. الرحيم هريوى


 قراءة في مقاربة شاملة لقصة "المصيدة"

لمؤلفها الأستاذ : ع.الكريم العباسي
بقلم : ع. الرحيم هريوى

اليوم انتهينا من قراءة فصول وأحداث قصة "المصيدة" و عشنا مع أحداثها وشخصياتها في الزمان و المكان لحظات شيقة و رائعة و تشويق مسترسل لكل فصولها، حتى نسينا أنفسنا و صرنا وكأن القصة نعيش أحداثها البارحة أو اليوم بل بدأ خيالنا يتسع و يشتغل ويرسل لنا إشارات مهمة عن بعض الأماكن بعينها بل أكثر من هذا وذاك أعطينا لأسماء شخصيات القصة صور معينة من خيالنا ، فمنها اللطيف الودود و منها القاسي القبيخ المحتال و منها الظالم الغاشم المستبد وهكذا...
ونحن ملزمون اليوم؛ كما وعدنا قراءنا الأعزاء بأن نذهب بعيدا في سنة حب القراءة و الكتاب و تشجيع شبابنا وشاباتنا إلى الرجوع للأنسة بالكتاب وعوالمه المتشعبة و المفيدة لصاحبه . و الابتعاد بعض الشيء عن العالم الرقمي الجديد الذي أمسى الوجبة المفضلة عندنا جميعا في أي وقت وحين...!!
نعم لعلها طريقة ابتكرناها وفكرنا فيها مليا، لتشويق الآخر للرجوع لعالم قراءة الرواية و القصة والتعرف عن مؤلفيهما و التزود بزاد المعرفة من الينبوع الصحيح، كما مشى عليه أسلافنا .لكن هذا لا يعني بأننا ضد الثقافة التي يحملها العالم الرقمي من خلال تكنولوجيا الإعلام والتواصل بل بالعكس نحن نثمن كل ما يجعل ناشئتنا تفيد وتستفيد، رغم أن الكتاب يبقى هو الأصل والمصدر السليم للتزود من عالم المعرفة والعلوم. كما كان في القديم المسلمون فقد بنوا في البداية الجوامع العلمية قبل دخول المدارس العصرية ونذكر منها جامع القيروان بفاس والقرويين بتونس والأزهر بمصر و الحكمة ببغداد ...
ولكي نعطي لقراءتنا طابعها التشويقي، ولإثارة القاري (ة) للإطلاع على القصة أو الرواية فلا نغوص و نحكي بالتفصيل عن كل شيء قرأناه في قصتنا، بل لا بد أن نلامس بعض الجوانب العامة والشاملة ، كمقدم لبرنامج تلفزيوني أو مقدم لفيلم أو شريط سينمائي ، حتى نقف عن ويل للمصلين ...!!! و الباقي يمكن للآخر أن يكتشفه من خلال بحثه عن الكتاب والحصول عليه والاستئناس به، وهذا هو ما نسعى إليه طبعا هو كيف نتعلم برغبة ذاتية؟؟" و كيف نقرأ كتابا ؟؟" ويمسي سلوكا جميلا في حياتنا ويصدق فينا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ما معناه :"من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة"
إذن هذا فضل العلم و التعلم في الدنيا والآخرة كما أخبرنا سيد الخلق عليه الصلاة والسلام...
"المصيدة"
عنوان جميل جدا ؛ لقصة رائعة وجميلة .. و لا يعرف قيمتها بشكل حقيقي إلا من جرب معاناة ومكابدة الكتابة، و هو منهمك لأيام و شهور أو ربما لأعوام، و هو يتحمل ويصابر و لا يتراجع و لا ييأس !! كي يتمم مشروعه الأدبي في كتابة قصة أو رواية يخرجها للوجود . ويوم صدورها يعتبر يوم جميل في حياته ، و هو يقول ::في قرارة نفسه الحمد لله الذي وفقني حتى أتممت روايتي أو قصتي وأمست حقيقة ملموسة تتمثل في كتاب ، بطبعته و بغلافه وأجزائه وصفحاته في متناول القاريء...
القاص والروائي الأستاذ عبد الكريم العباسي ابن مدينة القصيبة ومن الأقلام المحلية لمدينة خريبكة ، فقد استطاع أن يحيي الماضي السحيق الذي مر على وقوعه ما يربو عن قرن من الزمان من التاريخ المغربي. وحاول أن يغوص في عالم الأطلس المتوسط وينبش في الذاكرة الجماعية لتادلة والقصيبة وتاغبالوت و باقي النواحي والمناطق المجاورة من أسواق وقرى ومداشر وسط الجبال و منعرجاته، لكي يحكي لنا قصته الرائعة. و قد كان لا بد له أن يذكرنا أيضا بحقبة القهر والظلم والاستبداد الذي تعرض له الشعب المغربي بهذه المنطقة التي أنجبت رجالا ورموزا للمقاومة المغربية ، من الآلة العسكرية الحديثة للمستعمر الفرنسي ونهبه لخيرات الوطن و تصديرها لبلده كي تساهم في تنميته وتطويره وقهر أبناء الوطن المغربي، بشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي ، و استغلالهم في أبشع الصور وقتلهم القتل الجماعي، لا فرق بين المرأة الحامل و الرضيع والمسن و المرأة بسلاحها الجوي...
استطاع الراوي أن يحكي لنا أحداث الدخول الفرنسي بدقة متناهية في الزمان والمكان، وكأنه كان حاضرا حينها أو كصحافي يسجل كل صغيرة وكبيرة بأسماء الأماكن والأشخاص والأحداث وغيرها وبأسلوب سهل وبسيط وسلس وبجمل لغوية معبرة ودالة تعطي للوقائع وللأحداث رمزيتها وقوتها داخل القصة. وسينتقل بعدها إلى ظلم ذوي القربى الذي يعتبر أشد مرارة على حد قول الشاعر، أي ظلم الأخ لأخيه والعمات لأبناء وبنات أخيهن، إنه الصراع العائلي حول النفود والمكانة الاجتماعية والقيادة والحروب الصغيرة الشرسة التي عادة ما تدور رحاها بين الأسر أو الأسرة الواحدة وتتداخل فيها سلط قهرية أخرى قد تعين الظالم على المزيد من الظلم وتقهر المظلوم ولا تعطيه حقه مما جعل الكاتب يرسل للقاريء رسالة مفادها أن الناس في ذلك الزمان عاشوا الظلم بشتى أنواعه ومن أكثر من مصدر وكان ذلك في تصوير جميل ورائع يشوقك لتتبع أحداث القصة ووقائعها ومعاشرتك لشخصياتها الرئيسية من زهرة المدني وعيشة و حمو و فطومة و كبور ومحجوبة ..وصراع الشر والخير من خلال الصراع الدائم بين بني الإنسان فوق الأرض حول المكانة الاجتماعية والمال والجاه والنسب وغيره.
شكرا للأستاء والكاتب " السيد عبد الكريم العباسي " على هذا العنوان" "المصيدة " الذي جعلنا نبحث عن جوابه داخل منعرجات قصته لنعرف من وقع بالفعل في المصيدة .. وكل واحد آراد أن يتعرف عن الجواب لا بد له أن يعطي من وقته ليعيش أحداث هذه القصة الجميلة.



تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى