مريم محمد السورية؛ بلغة الشعر الصوفي تحفر، في أعماق نفس المكان للبحث عن حقيقة المرأة الحقيقية..!عبد الرحيم هريوى خريبݣة اليوم المغرب
مريم محمد السورية؛ بلغة الشعر الصوفي تحفر، في أعماق نفس المكان للبحث عن حقيقة المرأة الحقيقية..!!
النص كبير في جانبه الفلسفي؛بجسمه ؛نعم ،وبروحه وعقله ؛نعم ،وبالفعل كشفت لنا الشاعرة مريم محمد من سورية الأدب والفن والشعرعن صورقد يخفيها زماننا الذي يتحكم فيه الانفصام العاطفي والوجداني بشتى الطرق ،ولعل كل لقاء بين الجنسين، تكون الكاميرا حاضرة في اللقاء كي يتم تنظيم الفضاء والتوضيب ،لكي تقوم بتغطية اللقاء /الحدث،وبكل جزئياته وتفاصيله الصغرى والكبرى،وهذه المرأة الحقيقية بطلة القصيدة التي بين أيدينا،تكون قد رفضت مسبقا بوجود الكاميرا الخفية المتحكم فيها لدى القنوات المعلومة، وحتى لا تكذب، سواءعلى ضميرها الإنساني والأخلاقي، أوعلى واقع خفي يسكنها كأغنية قديمة تعشقها منذ بدأت ذاكرتها تكبر مع الزمان ووعيها بالإنسان والمكان والوجود ،ولذلك قررت عبر بوحها المقصود بأن تعري عن كل شيء،أي بتزييف مبطن لحياة تعيشها وأخرى لاتوجد كسلوك يومي تمارسه في شكله الطبيعي،كي يجذب من سيشاركها لون جلدها و نعومة يديها، ولغتها،وتتقاسم معه حياتها الحقيقية والطبيعية التي تحياها كواقع ضاغط بظروفه ..تلك الحياة التي تحملها كفجريومها، منذ صباها،وهي في انفجار شعري جميل، تقول للآخر بأن لا ينتظر تزييف حقائق واقعها،ولن تلبس ثوبا سحريا بطقوس جديدة تعيشها، كي تغطي جسدها..وحين تصرخ في وجه حبيب مفترض، بلغة الشعر، وبنبرة التحدي :
لن أكونَ مبهرجةً
سأكونُ جداً طبيعيةً
بلا أحمرَ شفاهٍ ولا كحلٍ يبرقْ
و سترى عينيَّ الذابلتين
و تلحظ ُرموشيّ القصيرةَ
لست ُ من الطبقةِ المخمليةِ
والدي كان كادحاً
يعودُ من عمله بثيابٍ متسخةٍ ..
نعم؛ هي تلك هي الحياة الحقيقية بل نتف من ظروف قساوتها،لما نواجهها بصدور عارية،و تتحملها بصبر أيوب،كي نعيش في التعدي..!
نعم؛كم كانت رائعة هذه الشاعرة السورية،في وصفها السوريالي والتراجيدي،لحياة نعيشها بقاموس المتناقضات للمرأة العربية،التي تزيفها حينما يتقدم لها فارس أحلام من كوكب زحل.لعله يطلبها رفيقة عمره،إن وجد لديه ما يترجاه في خلقتها وخلقها،ونسبها وجاهها..وكل رجائها بأن تهيء للعرس الافتراضي لباسه،ولو عبر دورالكراء،وما الديباج المستعارإلا ٱنفصام آخر للشخصية، تعيشه المرأة العربية.ولو تضع على وجهها ما شاء لها أن تضع من الصباغة والمكياج..لكل ذلك؛ شاعرتنا رفضت بأن تشارك النسوة نفس الطريق المألوف،وتحولت في نصها إلا امرأة ثائرة على لبوس غير لباسها الطبيعي،وعلى خشبة مسرح لقاء مفترض مع من رآها، وتبادلت معه نظرات إعجاب سحري مبطن.ومشت بنفس الوثيرة عبر خطوات متأنية محسوبة،والتي بها بدأت رحلة مغامرتها الشاعرية في نص مخالف لما نصادفه عبر العالم الرقمي اليوم،وكان لها ما شاءت من التمثلات والصور المركبة بدقة شاعرية يكسو جمال الكلمة، عبر خيال شاعري راقي، شدت بها القراء مناصفة عبرما نراه صورا سريالية للكادحين والغلبة والمقهورين على حد تعبير البرازيلي باولو فرايري،ونحن نتشارك معها فيها، أبناء الطبقات السفلى(الشعبية)ومع فارس أحلام مفترض عبر خيالها .قد يريدها نصفين متنافرين،لاوحدة حقيقية في وجودها الحقيقي؛للأصيلة التي تحملها الشاعرة مريم محمد،ولنا في الإتجاه المادي والمثالي في الاتجاه الفلسفي ما يبررالقول،بين عالمي الواقع و المثل، في التصور الإغريقي،لذلك حكمت الأسطورة والتراجيديا زمنهم، ولعل ذاك التجريد يجعل الواقع الحقيقي الملموس،وهو كأنه يغرس رأسه في غياهب المتناقضات الحياتية للإنسان المادي وما تتحكم فيه من زينة ومظاهر وشكليات فارغة..وهنا لا بد من الإشارة إلى الطرح الذي يلامسه النص الشعري ،في جانبه النفسي /السيكولوجي ،والأسئلة الوجودية التي يطرحها :
- أي أنا يحكمنا..؟!؟
- وبأي هو ؛ نود أن نتواجد ،هل بمرجعية اعتباطية تبني أسوارها الشعرية بسلطان العبارة ،كي تحيط بأحيائنا الشعبية و كينونتنا، حتى لا نمثل الحشرات المجتمعية في نظر الفيلسوف الثائر فريدريك نيتشه ..!؟؟
وما راقني بين ظلال بوحها الصريح والمثالي، هوصبرها الجميل على تحمل الصراع الافتراضي مع من نال إعجابها،وخطوة الألف ميل.لذلك جعلت من المرأة الحقيقية صورة ثانية،غير المعتادة أي ميتافور صورتها،أومن نعبرعنه من خلال الإحساس الوجداني، لما نراه حقيقة أمامنا.وبذلك أنهت بوحها إلى نهاية السطر،إذ تقول :
هذه أنا..
امرأةٌ تعتنقً الحبَّ
تكتُبُه
وتُلبِسُه للأبجديات
تبللُ رأسَ قلمِها برضابِها
فتولدُ من رأسها
الكلماتُ عاشقات
لكنها تعيشُ كما قُدر لها الحياةَ
فإن راقَ لكَ ما ستجدُني عليه
أخبرني
قد أتجرأُ
وأخبركَ بإعجابي
بعد عشرِ لقاءات .
وفي الختام ؛ قد نجمل القول في قراءتنا لهذا النص الرائع والجميل،لكتابته البسيطة،ولغته البيضاء،فلا فلا هي بالعادية ولا المتقعرة،وللموضوع الذي يحمله للقارئ ،ولما يمكن أن يساهم من خلاله،كنص تفاعلي-إنساني في العالم الرقمي،عبر التناص،من وعي ثقافي ومجتمعي ونفسي وسياسي وفلسفي وأنثروبولوجي لدى المرأة العربية بوجه عام،كما أن النص حقق تواجده كنص حديث، إذ يدخل إلى حد ما في ما أمسى يسمى بالعمل الشعري المنفتح على الإثارة والدهشة والسرد والصور الجمالية والخيال واللغة والاسترجاع ..
النص الشعري المستهدف من القراءة
في تلكَ الجلسةِ التي قد تكونْ
لن تجدَني هاتك المرأةُ القويةُ
التي استحوذتْ على ملكاتِ قلبكَ
سأكون كأيّ أنثى
تقابلُ رجلاً للمرة الأولى
رجل ٌ يقولُ أنه معجبٌ بها
داخلي يغلي شغفاً لرؤياكَ
لكن سأحاولُ التماسكَ كثيراً
لن أكونَ مبهرجةً
سأكونُ جداً طبيعيةً
بلا أحمرَ شفاهٍ ولا كحلٍ يبرقْ
و سترى عينيَّ الذابلتين
و تلحظ ُرموشيّ القصيرةَ
لست ُ من الطبقةِ المخمليةِ
والدي كان كادحاً
يعودُ من عمله بثيابٍ متسخةٍ
والدتي تطهو المجدرةَ
كل يومٍ تقريبا
أقطنُ في حارةٍ شعبيةٍ
أسمعُ جاريَّ المتسلطَ
وهو يتهمُ زوجتَه بالتبذيرِ
لأنها تشتري حذاءً كل سنة
حتما سأتعطرُ قبل أن آتيكَ
لكن رائحةَ مدفأةِ الحطبِ
ستغلبُ عطريّ رخيصَ الثمنِ
قد يفاجئكَ تشققُ أناملي
فالبرد _يا من قد تصبحُ حبيبي_
لا يفرّقُ بين أناملِ شاعرةٍ
وامراةٍ أميّة
ستراني كما أريدُك أن تراني
كما هي عيشتي وحياتي
بلا زيفٍ ولا تصنّعٍ
لن أطلبَ فنجانَ قهوة
كما تفعلُ النساء المرفّهات ُ
المدعيّاتُ للتحضّرِ والثقافةِ
لا يهمني برستيجي
فأنا حينَ أكتبُ قصائدي
أنسى كلَّ شيء حتى كأسَ الماء
وسأثيرُ دهشةَ النادلِ
حين أطلبُ كأسَ زوفا
وقد أطلبُ الكمونَ والليمونَ
فحتماً ستمغصُني بطني
بسبب توتري المخبوءِ داخلي
هذه أنا
امرأةٌ تعتنقً الحبَّ
تكتُبُه
وتُلبِسُه للأبجديات
تبللُ رأسَ قلمِها برضابِها
فتولدُ من رأسها
الكلماتُ عاشقات
لكنها تعيشُ كما قُدر لها الحياةَ
فإن راقَ لكَ ما ستجدُني عليه
أخبرني
قد أتجرأُ
وأخبركَ بإعجابي
بعد عشرِ لقاءات .
مريم محمد/سورية
6
تعليقات
إرسال تعليق