هل بحق ؛الرواية الموجودة بشكلها الحالي قد ملتها الكتابة وملها القراء والقلب!؟!؟ سؤال بقلم الكاتب عبد الرحيم هريوى خريبكة // المغرب
هل بحق ؛الرواية الموجودة بشكلها الحالي قد ملتها الكتابة
وملها القراء والقلب !؟؟
بقلم الكاتب
عبد الرحيم هريوى
خريبكة // المغرب
01/ النص الروائي من الرومانسية إلى الواقعية والتجريد ثم هي -الرواية- في طريقها إلى جمالية النص الرقمي /التفاعلي..
الرواية هي أحد فنون الكتابة، وهي تعبر عن نشاط إنساني، يعبر به الإنسان عن أفكاره، مخاوفه، انفعالاته، وأحيانا كثيرة عن رغباته، وأفكاره، الرواية هي من بنات أفكار و عقل الكاتب. ولأن الكتابة فن تأثير وتأثر كسائر باقي الفنون، فقد تعرض الكثير من الأدباء للمنع، ربما للسجن، والتكفير والقتل أحيانا أخري بسبب أعمالهم التى ربما تكون مثيرة للجدل تارة، أو غريبة على تقاليدنا ومجتمعنا تارة أخرى، إلا أنها في النهاية فن ضمن بحر واسع من فنون إنسانية كثيرة/ عن الكاتبة هبة سلطان
لرواية المغربية المعاصرة محطات تاريخية مهمة، بحيث انطلق تواجدها في البداية مع الموجة الرومنسية لكنها ما لبثت أن اتسمت بالواقعية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي،وغلب عليها التقليد في وقت هيمنة فيه الرواية المصرية مع صيحة كل من صاحب جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ وجورجي زيدان وتوفيق الحكيم وثروت أباظة ومحمد ربيع وغيرهم ،و ستدخل فيما بعد ما يسمى بالتجربة التجريدية مع نخبة من الكتاب والمؤلفين الجدد من مختلف المشارب و الأصناف والتخصصات المعرفية والفكرية، مما سيعطى للمنتوج الروائي المغربي زخمه الكبير..
وبذلك ستعرف الرواية المغربية الحديثة طفرة تاريخية من خلال ٱنفتاحها الكبير على التاريخ وتأثيرها بالرواية العالمية،إذ صارت تدمج الحبكة وتعتمد على التخييل وتدمج الصورة والفضاء والأزمنة والأماكن، وتأثرها بالتوجهات الفلسفية مما أدى بها بأن تضرب لها موعدا مع نخبة كبيرة من القراء الذين أمسوا يثقون في أقلامهم المحلية وٱزدادت بهم أعداد المبيعات.. ولنا مؤخرا مثالا في رواية المغاربة لعبد الكريم الجويطي كنص روائي متميز لم يسبق لأي نص أن نال ما ناله من الإقبال لدى القراء المغاربة ..وهو نص سبق لي أن قرأته ولمست من كاتبه بأنه بالفعل قد يركب أمواج التحدي في كل الاتجاهات مما فيها تحدى القارئ عينه..ومن خلال إعطائه لنماذج بشرية بصور فنية للإنسان المغربي عبر مراحل تاريخية مهمة ،و طرحه للقضايا الكبرى للمجتمع المغربي، وخاصة قضية الهوية وباقي الأسئلة المقلقة التي يتم تغييبها في حياتنا المجتمعية والسياسية. وليس ذلك بغريب على النص الروائي المغربي الحديث الذي عادة ما يذهب إلى الوتر الحساس أي حيثما يختفي الشيطان بمعنى من المعاني..ولنا في طرح أسئلة الهويات في رواية المغاربة لأكبر دليل على قوة هذا النص وعيشه الطويل بيننا ،وهو يسائل فينا الذوات والفكر معا..
أي من نحن..!؟
وماذا نريد..؟
وأي ثقافة لأي مجتمع نصبوا .؟
.ولأي تنمية نصبوا كذلك،وبأي جهة نقارن أنفسنا..!؟
لذلك هناك من يعتبر الروائي عبد الكريم الجويطي بأنه كان أكثر قسوة وتشدد في خطابه الروائي مع الشخصية المغاربة..!؟!
02/ قراءة في حوار للسيميائي الدكتور نصراوي في لقاء ثقافي حول تجربة الكاتبة الروائية "الزهرة الرميج"
لنا بالصدفة هكذا قراءة في حوار أجراه السيميائي الدكتور نصراوي ابن المدينة المنجمية خريبكة ،مشكورا عن تواجده وتفاعله .. وهو يكشف لنا بعض الجوانب من التجربة الروائية للكاتبة المغربية الزهرة رميج..لجريدة بالواضح بمدينة الدار البيضاء..وما نالته من نقاشات مفتوحة لأكثر من نص من نصوصها بواسطة الطلبة الدكاترة !!
نعم؛ وبلغة الأدب وبعمق التجربة والممارسة المنهجية لقراءة النصوص الروائية جرى الحوار،والذي أظهر فيه الأستاذ نصراوي كفاءته وقدراته الفكرية و المعرفية والبيداغوجية في مجاراة مثل هكذا حوار معرفي /أدبي /ثقافي على المباشر من جهة، وإيصاله المقنع من أفكار ومعلومات مهمة عن طريق الشرح والتوضيح البين والجلي لبعض الأبعاد الخفية المستترة والمعلنة التي عالجتها الروائية المغربية في نصوصها الروائية المستهدفة من اللقاء المذكور من جهة ثانية، وذلك من خلال نصوصها التجريدية إلى حد ما(النص الروائي التجريدي) ، والتي لا تخلو من حمولتها الثقافية المتنوعة من واقع بيئتنا المجتمعية ..مما يحيلنا على طرح السؤال الإطار في مجال النص الروائي الحديث الرومانسي منه كان أو الواقعي أو التجريدي على حد تعبير سعيد يقطين، أي بصيغة أخرى المرويات فيما بعد الحداثة ودخول المجتمع البشري عصر(الثورة الرقمية في كل مجالاته الحيوية) ،فأي نص روائي اليوم هو قادم في الطريق لأي ثقافة رقمية جديدة..!؟؟،إن لم يكن قد قطعنا مسافات طويلة الآن عبر تواجده بالشبكة العنكبوتية، وفي ٱنتظارنا نحن؛ كي نستعد من خلال اشتغالنا الجديد على ما أمسى يعرف بالأدب الرقمي.. والتفكير العقلاني والأكاديمي قصد ولوجه بطريقة ما من الطرق و بمشاركتنا الفعلية لمواكبة تطورات العصر ومشاركة أقلامنا الرقمية المغربية المبدعة في مجال المرويات الجديدة أي نقصد( القصة القصيرة والرواية الرقميتين) فلا بد من إعادة التفكير كمؤسسات وباحثين وأدباء وكتاب فيما صار ينتظرنا إن نحن أردنا أن لا نتخلف على الموجة الجديدة في عالم التجديد في تدوين نصوصنا الرقمية المترابطة و التي تتطلب منا القطع مع الماضي بطريقة ما أي تجديد فكرنا في مجال صناعة النص السردي الحديث من خلال البرمجيات والتوثيق للتراث العربي من جديد كما فعلنا في زمان ظهور آلة الطباعة وما أقدمت عليه الجامعة المغربية لكلية اللغة بالرباط من عمل جبار في المحافظة على ذلك التراث باستعمال الآلة ،ولولى مواكبتها للتطور الفني والتقني لضاع منا الكثير من المراجع والمدخرات العلمية القيمة التي تم نسخها على حد قول الدكتور سعيد يقطين في مجال التحقيق الآن في الأدب الرقمي وجمالية النص والتفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي في مؤلفه الأخير // النص الرقميّ، الحداثة الرقميّة و واقع الأدب العربي /
ويمكن لنا أن نلج عالم الغد، في مجال ٱنتقالنا من العالم المكتوب / الورقي إلى عالم النص الرقمي المترابط بلغته التفاعلية والجمالية الجديدة ، وسرعة انتشاره وتداوله عبر عالم شبكات التواصل الاجتماعي..مما يمهد مستقبلا لانتقال النص الروائي الحالي من عالمه القديم إلى عالمه الجديد في حاضرنا اليومي ،أي هو في طريقه للتشكل بصيغة ما على حد قول سعيد يقطين ،والذي حاول مقاربة النص الروائي الرقمي الجديد في ظل عدة متغيرات سوسيو ثقافية التي أمسى يعرفها المجتمع المغربي المعاصر، والعالم كذلك من خلال الثورة الرقمية بكل علب أدواتها وهيمنتها على كل مناحي الحياة بما فيها الأدبية والثقافية. .!؟؛فأي علبة من أدوات جديدة صالحة في قراءتنا للنصوص الرقمية وهي تتشكل نسميها رقمية مترابطة /تفاعلية قد تجعل الرواية المكتوبة ورقيا في حقبة من الماضي..!؟! أم نحن الآن نعيش عصرا جديدا قد نعيش فيه ٱختفاء الرواية بشكلها القديم كليا وظهور كتابة النص الروائي الجديد، الذي يشبه الانتقال الذي عرفه الشعر الحديث في أوروبا وأمريكا وثورته على كل النصوص القديمة،وبعدها انتقلت الموجة الأدبية الجديدة في القرن 19 عبر أمين الريحاني وجورجي زيدان وجبران خليل جبران وأحمد زكي أبو شادي للبنان وسوريا ثم للمشرق كله، وبعده تصل الموجة للمغرب مع أحمد الصباغ (الشعر المنثور والتحديث الشعري لحرية الخمليشي )
و لمحمد سناجلة كلامه الرائع والجميل من "رواية "/ الواقعية الرقمية نستدل منها بعض العبارات حين يقول :
" إن الكتابة مغامرة كما هي الحياة .والروائي مغامر تماما كما هو الإنسان،وكما يختلف البشر تختلف الكتابة ،فالإنسان القانع الراضي بما ترميه إليه الحياة من فتات موائد الآخرين لن يكون مبدعا ولا خلاقا،ذلك لأن الإبداع دخول في المجهول في اللاواضح ،واللا محدود ، واللاثابت ومن يحاول أن يبدع بأساليب وطرق سلكها الآخرون قبله ليس مبدعا وإنما مقلد..!! "
"إن الطرق القديمة قد عافتها الأقدام ،و الرواية بحاجة إلى طرق أخرى لم تسلكها قدم من قبل ،طريق ضبابية وغير واضحة ولا محددة. ولن تتضح إلا حين يجلس الراوي الرقمي أمام رعبه الأزرق ليكتب ويبدع .إن الكتابة رعب لأنها دخول في اللامعروف، في الطرق المجهولة الوعرة، والرواية الموجودة بشكلها الحالي قد ملتها الكتابة وملها القراء والقلوب ،إن الرواية بشكلها الحالي قد عداها الزمن،ذلك لأن الزمن لم يعد نفس الزمن، و الجغرافيا لم تعد نفس الجغرافيا ،والناس لم يعودوا نفس الناس..!!
هي أسئلة مهمة وأساسية وكثيرة جدا، قد تتقاطع مع أكثر من رأي يرى بعيون المستقبل القريب والبعيد حول مآل "المرويات " في عالم جديد يتطور ويتجدد فيه كل شئ بسرعة فائقة بما فيها الأفكار والمعرفة ..
ما نصيبنا نحن كقراء وكتاب ..ومكانة أدبنا العربي الحديث بكل أغراضه فيما بعد الحداثة كما سماها الراحل محمد سبيلا ، وأين موقعنا وأين سنتواجد غدا وسط باقي الأمم والشعوب الراقية في مجال الإنتاج الجديد للنص الأدبي الرقمي عامة..!؟!؟ وذلك لما صارت تعرفه المجتمعات الإنسانية من تطور سريع في مجالي عالم الاتصال والتواصل الرقمي عبر العالم الافتراضي ،خاصة وأن الأدب قبل كل شئ يبقى بكل أغراضه سوى ذاك المنتوج الفني- الإنساني المشترك لشعوب العالم قاطبة، إذ تتبادله وتطلع عليه عبر الترجمة والتقاسم كلما تمت بالفعل مواكبة التطور التقني والصناعي والفكري والفلسفي للشعوب العالم الآخر.. !!
ولا بد أن كل شئ جديد نعيشه كموجة وتقليد يومي في حياتنا لا يأتينا وهو يقول لنا bonjour..!!على حد قول المثل والدليل أن تحديد زمن الحداثة عبر حقب من الحقب الماضية، لا يستطيع التاريخ تحديد زمانها وحتى العهد الجديد فيما بعد الحداثة ،لذلك كل تطور وتجاوز للماضي والتقليدي منه، يأتي بشكل متدرج وكأننا في نوع من الأحلام.. والدليل هو التقدم الحضاري الذي عرفه الغرب في مجاله العلمي والمعرفي والتقني ولا أقول القيمي والأخلاقي، فلاسفة الأنوار ما لبثوا أن نظروا للمستقبل الأوروبي في بداية القرن 19 ، والذين ساهموا في نهضتها وتقدمها.. وقد كان ذلك في غفلة من هؤلاء بشكل من الأشكال،وهذه هي سنة الواقع المجتمعي المتغير والمتحرك تحت الأرجل كالرمل، وهو الخروج من عالم لآخر في كل المجالات الحيوية للبشرية.. و تبقى سوى الذكريات الحلوة في حياتنا.. فمثلا لنا ذكرى في هذا الشهر الفضيل، ففي عمر تركناه خلفنا ونحن نستمع" لابتهالات النقشبندي" عبر مذياع فيليبس والكتبية في غياب التلفزة وسلطة الراديو،إذ تستمر رحلة الإنسان مع التطور التكنولوجي والعلمي والتقني.. واليوم صار كل شئ نمشيه بهواتفنا الذكية حتى دفع الفواتير وتدوين الحرف..فلكل زمان كلامه ،فأي زمان قادم عجيب بعجائبه سيتشكل في العقود القادمة ،الله يعلمه..!!
وبالطبع تبقى الكتابة بشكل عام والرواية العالمية بشكل خاص، جزء من هذا المتغير ما دامت الكتابة هي منتوج من المنتوجات البشرية في جميع فروع المعرفة والفنية الأدبية!!..
والإنسان مع تطور حياته في مجال التعلم والمعرفة انطلق من الشفاهي المنطوق ثم المكتوب المرسوم على الحجر والجلد و الخرق والخشب قبل اكتشاف الورق، و ستتطور الكتابة البشرية عبر ٱكتشاف آلة الطباعة والنسخ.لنذهب بعيدا في هذا المجال من خلال الثورة الرقمية بكل وسائلها التقنية الدقيقة من هواتف ذكية وحواسيب ولوحات الكترونية ،و التي قلبت كل شئ قديم،وخلقت من الحياة الرقمية والكائن الرقمي والوعي الرقمي مفاهيم ومعطيات جديدة ، ندخل بها للعالم الافتراضي، ويزاح معها الإنسان من مركزية الكون في التوجهات الفكرية والفلسفية القادمة،ما دام هناك من المفكرين من يرى أنه حينما تتعطل كل العلوم وتعجز عن إيجاد الحلول للمعضلات الكبرى للبشرية تتدخل حينذاك الفلسفة للبحث عن الحلول..
ووسط هذا الزخم والتحولات العميقة في العلاقات المجتمعية الجديدة، و التي صارت تحكم حياة البشر..
فأي مكانة للرواية الجديدة في المساهمة في الوعي البشري بطرق جديدة، وبصناعة وإبداع نصوصنا الرقمية المترابطة تواكب عصر الرقمنة التي اكتسحت العالم بأسره .!؟!
تعليقات
إرسال تعليق