تغطية إعلامية عن زيارتي لمقبرة جديدة؛ دفن بها ما تبقي من شبه غابة، كانت لنا ،من شجيرات؛ في محاذاة الطريق الوطنية، خريبكة برشيد الدار البيضاء..!!عبد الرحيم هريوى/خريبكة اليوم/المغرب.


 في زيارة لمقبرة جديدة؛

لما تبقي من شبه غابة من شجيرات..!!

مدينة منجمية تحتاج للإعتناء بمحيطها الأيكولوجي ،وتعرضها للعجاج ، وهجوم الغباركلما ارتفعت سرعة الرياح ،أو في هبوب العواصف الرعدية في فصل الصيف لما يشتد الحر..

مدينة منجمية تعرت من غطائها الغابوي الذي من المفروض أن يلطف أجواءها ويحميها من الذاريات ،وكله؛من أجل سواد عيون العقار،في غياب سياسة مجالية حكيمة، وتدبير عقلاني عبر مشاريع لإعادة غرس أشجارتم الإجهاز عليها في مخارج المدينة الفوسفاطية



فهل يعقل أن مدينة فوسفاطية،وبطقسها الشديد الحرارة صيفا ،والبارد شتاءا، وقوة الرياح، والعجاج، وتطاير الغبار،أن لا تملك حزامها الغابوي، الذي يحمي ظهرها.كما كانت تتوفر عليه في زمن غابر في عهد الحديقة العمومية التي تحولت عبر سياسة المدينة إلى فردوس فوق الأراضي الخريبكية،وذاك؛قبل هجوم سيدنا الغول العقار،بالقرب من ثانوية الموحدين والعمالة. وما أمسى يسمى بالحي الإداري..!


لكل السؤال المباشر للأحزاب المنتخبة،عبر مشاريعها الخضراء إن هي وجدت.في خلق حزام غابوي جديد،وفي صداقة مع ما هو بيئي/ أيكولوجي،أو على الأقل كعرفان للمدينة الفوسفاطية، استرجاع ما تم الإجهاز عليه لصالح الإسمنت والياجور، من أشجار ضليلة عمرت طويلا عبر أجيال مضت ،عبر مقايضة من نوع خاص..!!  


العرب قالوا قديما : إن الاختيار قطعة من عقل المختار ..!!

وفي زيارتي العابرة للمقبرة الجديدة،ولماتبقي لنا من هكذا شجيرات.كنا نقصدهاونتخيل أنفسنا بل نوهمها بأن مدينة الغبار والقطار والانتظار ،ما زالت لها صورة ما من ماضيها الأخضر ،عبر هكذا مساحة أرضية في خارجها، تتواجد بها بضعة من أشجار الصفصاف و الكاليتوس، وتأتيها الأسر في المناسبات والعطل هربا من سجون الإسمنت،كي تخرج لتستمتع ببعض اللحظات الجميلة التي تسرقها، لعلها تعيش في لقاء حميمي مع أجواء الطبيعة بين قوسين ..!!


نعم؛في زيارتي لمقبرة جديدة، ولما تبقى في مدينة الغبار، كما كان يسميها القاص العصامي، والمتميز،الراحل إدريس الخوري،والذي ودعنا مؤخرا،وظل في عيشة كاتب بوهيمي،وكأنه يعكس عبر حياته الصعبة شخصية لأحد نصوصه القصيرة،. ابن الحي المحمدي بالدار البيضاء،يكون قد نفضه التعليم العمومي من الشهادة الابتدائية.وهو طفل صغير. لايعرف لماذا لم تحبه المدرسة وتحتضنه..لكنه؛ بعدها سيبحث له عن مخرج يليق بما ظل يتمناه ..و رب ضارة نافعة.. فقد اعتمد على نفسه. واعتمد على تكوينها وتعليمها،وسيتحول فيما بعد إلى عباس محمود عقاد مغربي،بعدما جعل من ثقافة الكتب؛ خبزه اليومي،وسيصبح أيضا ،من أعلام الإعلام المغربي، مكلف بالتصحيح اللغوي للمقالات بجريدة العلم،وذلك في زمن الجرائد الورقية ،التي كان لا يلج مقراتها إلا الفطاحة في البلاغة والنحو، ومن يمتلك ناصية اللغة وثقافتها وآدابها..!




ولعلي اليوم ؛أشارك صديقي الراحل، إدريس الخوري، في اختيار الاسم لمدينة الفوسفاط، بمدينة الغبار ،ونضيف لها العقار والانتظاروالقطار البطيء جدا. لمن يعشق "قطار النزهات" في نص قصصي قصير. ولغير المستعجلين من المتقاعدين مثلي..!


وانا الذي،ما ألفت يوما أن أختار،في خوض الكلام عن الأمكنة الطبيعية والتاريخية، التي  أتحسس فيها ظلالا خفية ،وأعيش في فضاءاتها عبر خيال من التأمل،وإدماج كل ما يحيط بي في ما تزخر به الأرض من الجمال ،و قد تكون حينئذ فيها روحي الثانية، أستجديها بصوفية وسكينة أطلبها ، و أهرب كلاجيء من حروب لاتتوقف نيرانها بين هؤلاء وأولئك، بقلوب ناشفة ،تطارد غيوم الزمان ، من فضاءات أكلها البشر والزمان،صوب فضاءات في الخلاء أكلمها وتكلمني،لغة حياة أخرى. يبحث عنها البعض من الأقلام صحبة الأذكياء أو الصامتين النوادر على حد تعبير جورج برنارد شو وليوناردو دا فينشي الذي تطور  حبه للطبيعةـ فأمسى من كبار عصر النهضة الأوروبية.




اليوم قمت بزيارةللمقبرة في محاذاة محطة إفريقيا بالطريقة الوطنية تجاه برشيد الدار البيضاء، وهناك هجم الغول "العقار "كعادته على كل أخضر وبكل سلطانه وقوته وتجبره..وكما تعبر الصور، فهاهنا قد دفنوا عددا مما تبقى لنا من بعض الأشجار الباسقة التي عمرت سنين طويلة  في هذا المكان ، ومنها أشجار الصفصاف والكاليتوس..وها هنا كانت تظللني ،وتحمل همومي  ،رفقة حيوانات أليفة و طيور مليحة مغردة ..


نعم ؛هاهنا فوق أغصان هذه الأشجار التي ماتت ودفنت بدون الصلاة عليها ،ولا وجود لقبورها ولا حق لها في شهادة الوفاة..كانت أعشاش الحمام، وتغريد لأصوات طيور مليحة وجميلة،وقفزات الشحرور"الجحمومية"وتأثيث المكان بالطائر الذهبي،الذي له قصته الشهيرة في كتابنا  المقدس،إنه هدهد سيدنا سليمان عليه الصلاة السلام ،ربما يرفع تظلمه للسماء عن من على يديه تم قتل أشجار الطبيعةلإنبات أشجار من الإسمنت..ها هنا كنت أشارك هذاالطائر الجميل المعرض للانقراض فرحته،وهو في تدريب فراخه الصغار،وأنا مافتئت أراها،وهي تهبط تباعا،في بداية مغامراتها على وجه الأرض، كي تتمرس على البحث لها عن رزقها اليومي ..!

وما أصعب تلك اللحظات التي تشهد فيها إبادة جماعية لغطاء غابوي. أو آخر ماتبقى من بعض الأشجار وفي أمكنة ظلت تحملها الذاكرة الزمانية والمكانية للساكنة الخريبكية أو بعضها ..!


وبهذا المكان كان الهجوم الإسمنتي بجرافاته، أو ما نسيه غول العقار،الديناصور الضخم ،الذي يعشق هضم الأخضر واليابس ،وبعدهايجد راحته وسط الأحجار والأتربة تتطاير من كل مكان ..ومن يدعمه من أصحاب المليار..!


العمارة والعمران يا معشر الفاهمين، التي تكلم عنها الفيلسوف ابن خلدون،مؤسس علم الإجتماع العربي، إنه البحث العلمي في ما يخص شؤون العمارة وتطبيقاتها على البيئة المبنية.وابن خلدون بذلك يعد سابقا بقرون لمنظري الغرب ممن عنوا بشؤون التخطيط الحضري امثال (رابوبورت)وفي البحث في أصول وعوامل نشوء الحضارات والمدنية..إذا كانت العمارة دوما انعكاسا وتعبيرا مباشرا لحالة الأمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا..حيث يشير ابن خلدون إلى أن الدولة بالنسبة للعمران هي كالصورة بالنسبة للمادة لا يقوم أحدهما دون الآخر، واختلال أحدهما يؤدي الى اختلال الآخر، وانهيار احدهما يؤدي الى انهيار الآخر.**والذي تكلم عنه ابن خلدون ليس هو سلطان الإسمنت والهجوم على كل شبر بتعميره بالشقق والعمارات بل هو تنظيم المجال بلغة الجغرافيا الحديثة،تعمير المكان بالسكان وأنشطتهم التقنية والصناعية والتجارية كي نحقق المدنية Civil والحضارة  la prospérité. وما نراه ونشاهده و نتابعه،وما أشار إليه الإعلامي المغربي والعربي المشهور "ياسين عدنان"صاحب البرنامج الشيق "في الاستشراق،ومما كتب عنه،فإنه ينتصر للمعرفة والفكر المزدوج،وهو الشاعر القاص الروائي صاحب نصه الرائع"  "هوت ماروك الذي"نال مكانته في جائزة البوكر وكل النسخ منه بيعت في زمن قياسي ربما فاقت رواية المغاربة لعبد الكريم الجويطي.


لكن قد يتساءل البعض،لماذا استدليت بهذا النص. بالضبط..؟؟

لأن ابن الحمراء "مراكش" عدنان ياسين،قد كتب عنها وقسم أحياءها.وهو يخرج عما ذهبت إليه الكتابات القديمة،عن المدينة السياحية والتاريخية. وعلى أن "مراكش مدينة كتابة. وكتب عنها الكبار..! ،والكاتب لم يحصر أحداثه ولاشخصياته وفضاءاته في جامع الفناء ولا في المدينة العتيقة بل كتب حتى عن المدينة الجديدة وتحولاتها.وحضرت في نصه بصورة مختلفة،وكما قال في إحدى خرجاته"مراكش مدينة كتابة وكتب عنها الكبار..!و أنا سأذهب بخيالي ليس للمدينة التي بناها يوسف بن تاشفين بل للمدينة التي بنتها شركة ليراك  وعن  أحياء العشوائيات .فذاك بيت القصيد ؛فهو السيد الإسمنت الذي يبحث له عن الكنز . ولو على حساب قتل وتدمير الطبيعة ومكوناتها.. .


https://archive.aawsat.com/print.asp?did=51481&issueno=8290**





تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى