في حضرة العتوم تستأنِس وتستلِذّ الوصف ..تدون Hasna Azafadقراءتها الانطباعية الوجدانية - أكادير//المغرب
في حضرة العتوم تستأنِس وتستلِذّ الوصف ..!!
تدون قراءتها الانطباعية الوجدانية الباحثة
حسناء أزفاض Hasna Azafad
أكادير // المغرب
في حضرة العتوم، لا يمكن أن لا تَمُرّ عليك لحظة لا تُغلِق فيها الكتاب مَشدوها فاغِرا فاكَ من جمال اللفظ وحُسن التعبير وسلامَته وتماسُكه .. في حضرة العتوم تستأنِس وتستلِذّ الوصف وإن كثُر ، لا لشيء إلا لجمال اللغة وسحرها.
قال الكاتب في حديثه عن هذا العمل من خلال برنامج وما يسطرون: (مُهمتي أن أنبش على التاريخ قبره ثم أزينه وأوقفه على قدميه ثم أجمله وأقدمه للناس )
وبالفعل هذا ما فعله في هذه القطعة الأدبية التاريخية الرائعة حيث نبش وزيّن ثم بعث من خلال هذا العمل شخصية القائد البطل حديثة مشهور الغازي.
الرواية سرد لِتفاصيل و مراحل حياة هذا البطل الذي أُريد لشخصيته أن تُطمس وتُدفن تحت أنقاض النسيان، بداية من نشأته وترعرعه في كنف جده بالصحراء التي علّمته بدروها الصبر والشجاعة والفروسية، ثم التحاقه بالجيش الأردني لتتوالى بعد ذلك الأحداث التاريخية بداية بالثورة الفلسطينية ١٩٣٦ مرورا بنكبة ١٩٨٤ وحرب ١٩٦٤ (عام الحزن العربي كما نعثه الكاتب) ثم حرب ١٩٧٨ (معركة الاجتياح أو الكرامة نسبة إلى ساحتها ) وأخيرا فتنة أيلول الأسود التي نشبت بين الفدائيين والجيش الأردني سنة ١٩٧٠) .هذا الحادث الأخير أوْجزه الكاتب في فصلين تقريبا ولم يُفصّل فيه كالأحداث السالف ذكرها.
إلى جانب شخصية مشهور ألقى الكاتب الضوء على شخصيات تاريخية أخرى من قِبل غلوب باشا، عبد القادر الحسيني، عبد الله التل، غولدمائير وغيرهم .
طالما أحببت اقتباس العتوم عناوين رواياته من الآيات القرآنية وينتابني شعور لطيف حين أكتشف علاقة العناوين بأحداث الرواية ، أما اليوم المشهود في هذا العمل فهو اليوم الذي انتصر فيه العرب على الجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة بقيادة بطلنا بعد الهزائم النكراء المتتالية التي عاشها الجيش العربي ، هذه المعركة التي استردّت كرامة العرب وقَلبت حزنهم فرحا وذلهم عزّا وخوفهم ثقة، وفي المقابل زعزعت وأخافت وتصدّت ثم طردت الجيش اليهودي في مشهد وصفه العتوم بطريقة فنية لن تقرأ مثلها قط.
لم أكن أعرف حديثة مشهور الغازي أبدا ولا سمعت اسمه قط من قبل، كما أني مع الأسف لم أكن أعرف شيئا عن معركة الكرامة، وهنا مثال بسيط للأشخاص الذين يعتبرون الأعمال الروائية مضيعة للوقت والجهد والمال ،دونكم هذا العمل وغيره من أعمال العتوم كمثال.
الجميل في الروايات التاريخية في نظري غير أنها تقدم المعلومات بشكل سلس وممتع لا يُتعب طوله ولا يُصيب القارئ بالملل كما لو قرأ كتابا عن الموضوع نفسه _الجميل فيها_ أنها تعكس وتصوّر الجانب النفسي للشخصيات وتتفنن في وصف المشاهد حتى لكأنك تكاد تؤكد أنك كنت هنالك ..
تعليقات
إرسال تعليق