حمار الخالة فاطمة النفنافة / قوتي .م6/9/2022 بني ملال المغرب
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
كانت الخالة فاطمة النفنافة امرأة متوسطة الشكل والقامة قوية البنية بها عيب خلقي بأنفها فكانت تنفنف عند نطقها بعض الحروف التي كانت مخارجها من الأنف.. كانت تملك حمارا تحمل عليه الماء الشروب من السقاية العمومية وتوزعه على المنازل التي لم تكن مرتبطة بالشبكة الجماعية لتوزيع الماء الصالح للشرب مقابل بعض الدريهمات..كنا ،أحيانا، عندما تتكلم، لا نفهم ماذا كانت تقول، فكنا نضحك عند سماعها تنفنف..
كنا نسكن بمدينة عمالية بامتياز، كان الوالد عاملا بمناجم الفوسفاط، ترك الفلاحة وما يتعلق بها كغيره من أبناء المنطقة والتحق بإدارة الفوسفاط..
كانت المدينة عبارة عن مركز حضري انشأءه المستعمر لاستيعاب اليد العاملة التي جلبها من جنوب البلاد للعمل بمناجم الفوسفاط..كانت اليدالعاملة السوسية تتميز بالجدية والحزم.. وبالتالي عدم إثارة المشاكل النقابية والاجتماعية..
ورغم انتشار القبائل العربية بالمنطقة(أولاد بحر كبار، وأولاد بحر صغار..)فقد استطاعت اليد العاملة المستوردة من الجنوب الاندماج مع الساكنة المحلية كما استطاعت إدخال ونشر بعض العادات والتقاليد التي جلبتها معها ..
وقد لعبت الهجرة القروية دورا كبيرا في انتشار بيوت الصفيح وكذا الحرف المرتبطة بها..كما عمل المستعمر على إدخال ونشر وسائل ترفيه جديدة بالمدينة، وتنظيم حفلات جماعية كالاحتفال برأس السنة الميلادية حيث يتم توزيع الهدايا واللعب على العمال وابنائهم..ويتم تنظيم أنشطة رياضية وفنية ومسابقات..لم يعهدها السكان القرويون من القبل..
لقد دبت الحياة العصرية بما لها وما عليها، في المنطقة بفعل استخراج مادة الفوسفاط ابتداء من اربعينات القرن الماضي..كما عادت المداخيل المحققة بالفائدة على الجميع..سكان محليين ومستعمر ولو بنسب مختلفة..
هذا، ونتيجة اختلاط المهاجرين من جميع نواحي المغرب تقريبا، الساعين للعمل بمناجم الفوسفاط، فقد كثر المغامرون واللصوص وبائعي المخدرات والخمارات وبائعات الهوى وحتى المجرمين والقتلة والمتسولين إلى آخره..
وفي أحد الأيام، استيقضنا على خبر ذبح إحدى المتسولات، التي يشاع أن اللصوص قاموا بالاستيلاء على ما يقرب من 12مليون فرنكا(سنتيما)،محصول تسولها لعدة سنوات، كانت الضحية قد وزعتها على عدة علب صفيحية واخفتها في حفر متفرقة ببيتها الصفيحي..
وقبل إقدام المجرمين على عملهم الدنيء..قاموا بتجريب حدة خناجرهم في حمار الخالة فاطمة النفنافة، حيث قطعوا أذنيه بلا شفقة او رحمة ..
وقد استطاعت المرأة المتسولة الإمساك بلثام أحد المجرمين ..حيث وجده رجال الدرك في يديها ،عند حضورهم صباحا..فقاموا بجلب الكلب "الشمشام "الذي استطاع اقتفاء آثار الفاعلين، الذين هربوا إلى أحد المناجم المهجورة المتواجدة بجوار المدينة، فتم القبض عليهم..
أما الحمار المقطوع الاذنين فقد أستمرت الخالة النفنافة تستعمله، المسكين، لنفس المهمة التي كان يقوم بها من قبل، الا وهي جلب الماء الشروب للساكنة رغم جراحه..
تعليقات
إرسال تعليق