هنا خريبݣة ..بالمكتبة الشعبية بشارع مولاي يوسف ،عند الكتبي الرجل الطيب سي عبد الخالق.. عبد الرحيم هريوى خريبكة -المغرب
الصورة بعدستي من شارع مولاي يوسف لواجهة المكتبة الشعبية..
هنا خريبݣة .. بالمكتبة الشعبية بشارع مولاي يوسف ،عند الكتبي السيد عبد الخالق..
عبد الرحيم هريوى
خريبكة -المغرب
وكان لمروري المقصود على المكتبة الشعبية المشهورة بصيتها وصاحبها السيد عبد الخالق،الرجل البشوش،صاحب الوجه الطلق، والإبتسامة المعبرة عن ما في قلبه وما يكنه من ود وحب لكل زائر أوزائرة جاء في زيارة أحبابه وأهله وذويه من الكتب على أصنافها وأشكالها وأنواعها وفي جميع ميادين المعرفة والعلوم..
المكان غاص عن آخره بالكتب،وهي في زحام شديد لوفرتها،وما على الزائر إلا أن يعطي من وقته الكافي للسيد عبد الخالق ومن مساحة زمنية كي يبحث له عن أي عنوان قديم كان أو جديد يطلبه ،ولنا في النصوص المؤسسة للقراءة مكانها وتواجدها بهذه المكتبة الوحيدة التي ظلت تقاوم رغم أنف الهاتف النقال،لأن الكتاب لا يموت أبد الدهر
والكتاب لا يبلى ولا يشيخ
والكتاب لا ينسى ويهمل
والكتاب لا ينطفئ نوره
والكتاب لا يسرق ولا يوجد له لصوص
والكتاب غير معرض لأعطاب
نعم ؛ في هذا اليوم البارد جدا بمدينة الفوسفاط والعمال والقطار ،،وأنا أتمشى بين الأزقة والشوارع أبحث لي عن دفء مفقود..ولم يبق للجسم قوته وصلابته وشبابه،وتلك سنة الحياة أي بعد قوة ضعفا وشيبة، وغابت عنه تلك المناعة المطلوبة أمام قساوة جو الطبيعة بمدينة شاءت الجغرافيا أن تحط فوق هضبة ، مثل مدينتنا المنجمية" خريبݣة "التي لا تصلح إلا للمتقاعدين ..وذاك من بين قفشات لقاموس أستاذ صديق متقاعد..
ولما اقتربت من باب المكتبة الشعبية ..أحس الآن وكأنني نسيت ألم البرودة القارس، وأنا ألج الباب الفسيح إلى عالم الكتب الجميل والرائع، في زمان الهواتف الذكية و pdf والنسخ والفيديوات والنذالة الرقمية بكل أوصافها والتفاهة في كل شيء يتهافت عليه المتهافتون والروتين اليومي ،وقد غاب العشق القديم للورق الأبيض والأصفر والأغلفة اللامعة و الملونة والعناوين المثيرة للفضول، واللهفة الكبرى على اقتناء أكبر عدد من الكتب.. والتفكيرفي خلق مشروع مكتبة بالمنزل ، والذي صرنا نعمره بكل الأشياء إلا الكتب إذ أنها تبقى هي الإستثناء على كل حال ،وذاك موجود في واقعنا الحالي للأسف الشديد ..!
والقليل منهم
من يقرأون ..
والقليل منهم
من يقرأ كتابا خارج مقرره الدراسي
والقليل منهم
من يبحث ويسأل عن اسم كتاب
والسبب راجع إلى أن أطفالنا الصغار هم يقلدوننا في البيت..!
فهم لا يرون الأم و الأب يقرآن ..!
ولنا في تمرير الصلاة خير دليل ونحن القدوة والصورة المثالية للنشء، لما يريد أن يقلد إما معلمه أو معلمته أو والديه .ولقد كانت المنافسة موجودة وعلى أشدها في زمان الكتاب .وكانت الأسئلة البينية يتحكم فيها ظل الكتاب بين الأصدقاء، ومن أولئك الذين يعشقون الكلمة وعذوبتها وجماليتها عبر الصفحات والعناوين ..
فالصديق يسأل صديقه :
-هل قرأت الكتاب الفلاني ..؟
-وهل اشتريت الكتاب الأخير للكاتب الفلاني..؟
واليوم تغير الزمان والمكان والناس جلهم أجمعين،ولم يبق يهتم بالكتاب الورقي إلا الأجيال الماضية التي ولدت والكتاب يلازمها في البيت والشارع والمدرسة،كما هو الحال اليوم في عصرة الثورة الرقمية،كل الوسائل الرقمية تطاره أينما حل وارتحل..
لكن السؤال المطروح علينا أبناء الجنوب،والشعوب المقلدة،والمسلوبة فكريا وثقافيا..!
فهل الشعوب المتقدمة قد غيبت الكتاب الورقي من الحياة اليومية والتزود بالمعرفة والعلوم والثقافة.؟؟ الجواب طبعا بالنفي ،ويتجلى ذلك في المبيعات القياسية لروايات جديدة تعالج أحداث معاشية لدى تلك الشعوب ،كما هو الشأن بالنسبة للرواية التي جعلت من حرب روسيا ضد أكرانيا موضوعها الأساسي..رواية(المدرسة الداخلية )للأوكراني سيرجي زادان: كيف أثرت الحرب على حياة الناس العاديين.
وتحول زمن الكتاب وثقافته إلى زمن الهاتف الذكي، وعالمه الرقمي، ومعهما تغيرت حركية العينين واليدين من لمس الورق والمسح البصري للمكتوب والمنسوخ للبصمة بالأصابع وحركتها والمشاهدة للشاشة المتحركة..!
من ها هنا بخرببكة ..
اخترنا لكم بعض النصوص المؤسسة للقراءة العامة من المكتبة الشعبية بشارع مولاي يوسف ،التي تبقى الوحيدة التي صارعت التغيير المجتمعي في عالم القراءة (دون كيشوت وهكذا تكلم زرادشت وجمهورية أفلاطون والإليادة والأوديسية ..)
من ها هنا خريبكة ..
من المكتبة الشعبية التي ما زالت تصارع من أجل البقاء في زمن pdf والتحميل الرقمي السريع والمجاني.وتذكير الساكنة الخريبكية بأن هناك مكان للتبضع بما يفيد العقل،ويساهم في التثقيف والإطلاع على حيوات جديدة عبر العالم، وما يبدعه الإنسان في عالم الكتابة والتدوين والتأليف في جميع فروع الفكر و المعرفة والعلوم والأداب الإنسانية..
وتشجيعنا لهذه المكتبة ولصاحبها السيدعبد الخالق كمحل مهم في عالم حياتنا الفكرية والثقافية، لاقتناء الكتاب الصديق الصادق ،والمؤنس والرفيق خفيف الظل و الذي يخرج الإنسان من عالم ضيق الحياة إلى فساحة الكون وجمال الحياة ..!
ولنا القول الصادق والأخير في سبيل هذه المكتبة الشعبية التي أمست تتواجد وسط ضجيج الهواتف الذي لا يتوقف في كل ساعة وبأي مكان..إنها معلمة فكرية وثقافية لا بد من أن نحافظ عليها كمجتمع من القراء من خلال تحفيز صاحبها كي تبقى على قيد الحياة،كلما اقتنينا كتابا يعيدنا لمجد الثقافة الورقية التي تبقى وتدوم ،عكس الثقافة السريعة الذي تتحفنا به الثورة الرقمية التي تبقى تكميلية،وليست بالأساسية، كأكلاتنا اليومية ،فهي لا تشبع ولا تعطي للجسم ما هو في حاجة إليه من السعرات الحرارية والكالوريات..
وهناك مثل أنجليزي. يقول:"كل ما يأتي سريعا يذهب سريعا..!!"
تعليقات
إرسال تعليق