حينما قال لي صديقي الكتبي:إن الدواوين الشعرية ثقيلة في البيع يا صاحبي..! عبد الرحيم هريوى خريبݣة / اليوم المغرب
إن الدواوين الشعرية ثقيلة في البيع يا صاح..!
سألت صديقي الكتبي عباس عن عالمه الجميل ..!
عالم الكتب الذي يبقى بعنوانه المجهول في زمن الديكتاتورية الرقمية،ولا يطرق بابه إلا جيله القديم الذي ينتسب إليه، أي أولئك الذين عايشوا المؤلف التربوي الطنجاوي بوكماخ ، في زمانهم المعهود له بثقافة الكتاب وسلطانه ورائحة الأوراق الصفراء..!
-سألته مازحا :
-عن كيف يجد نفسه؛ وهو يعيش ساعاته ، من خلال تواجده اليومي بين هذه الرفوف الكثيرة لمجموعة من الكتب على ٱختلاف أشكالها وأحجامها وأصنافها،لأصحابها من وجوه قديمة كانت،وأخرى معاصرة..وأسماء معروفة..وأخرى مغمورة في عالم المعرفة والعلوم والثقافة والأدب والفنون..!؟!
وسألته أيضا عن بعض العناوين المعروفة التي يطلبها بعض الزبائن بكثرة.
فأجابني :
الطلب بكثرة يكون بالخصوص عن كتب الفكر والعلوم الإنسانية والرواية المعاصرة على الخصوص.
و بعدها سألته سؤالا مفاجئا عن الدواوين الشعرية، لكنه فاجأني هو الآخر بسؤال
-فهل لديك مشروع ديوان شعر يا صاحبي..!؟!
-قلت لا ..لا ..لا أفكر في ذلك البتة
-فقال لي مبتسما :
-الدواوين الشعرية ها هنا بمكتبتي المعلومة
ثقيلة الحمل..!
ثقيلة الفهم..!
ثقيلة البيع..!
ثقيلة الطلب..!
- وبعدها أشار لي بيده، إلى الركن المعين في الجهة اليسرى للمكتبة ، ثم تبسم ضاحكا حينما قال لي .
- ها هناك تتواجد في مكانها الذي تحتله من زمان ،وقد رقدت رقودها النهائي الطويل ..
فتعجبت حينما تساءلت:
- كيف لا يساوم الشعر بهذا الوطن..!؟
- وكيف لا يجد له موطئ قدم في عالم ترويج الكتاب بهكذا مكتبات ومعارض للكتب.!؟!
وما السبب في هزيمته، وفي هيمنة الرواية وكتب الفكر،وتواجد الديوان الشعري خارج التغطية وخارج أجندة القارئ والقارئة .!؟!
ولم أجد لأسئلتي أجوبة شافية ولا أدنى جواب لكنني أعلم بدون شك بأن الشعراء والشواعر يقدمون تضحيات جسام في كتابة نصوصهم ،ولكي يؤلفون دواوينهم ،ويتيهون بخيالاتهم عبر عوالمهم الخاصة، مقابل عدم الاكثرات من طرف القراء،الذين يجعلون من طقوس الشعر وعالمه، صعب الفهم.. وصعب المراس، للغته الصعبة التي يسلكها الشعراء والشواعر،والغموض الذي يلف نصوصه .مما يجعل قراءته تنحصر على النخبة وما يدور في فلكها ..!
وبعد تفكير عميق، فهمت أخيرا بان الشعر مهما حاولنا أن نخرجه من دائرة الصوت، فلن نستطيع لذلك سبيلا،فهو المحكوم بموسيقى ورقص على حد قولة بول ڤاليري، وسماع وغيره.
وخير دليل على كلامنا؛ هو ما يمكن أن يتمتع به اليوم عبر السوشال-ميديا،لكل عاشق مولوع بسماع الشعر،وليس بقراءته. عبر هكذا فيديوات عبر اليوتوب لكبار الشعراء العرب المعاصرين ،صورة وصوتا وكتابة وديكورا.. لكن يبقى الإقبال على هكذا نصوص شعرية رقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات طابعا خاصا لما يحكمها من سرعة وما تتطلبه من وقت وجيز في قراءتها لكن شريطة أن تكون حاملة لخطابات تعالج الواقع المعيش السياسي والاجتماعي والثقافي للشعوب..!
الكُتْبِيّ : بَائِع الكُتُبِ صَاحِب الْمَكْتَبَةِ أوحَافِظ الكُتُبِ
تعليقات
إرسال تعليق