هذه أنا بين ثنايا صور حياة عبر بوحي الثائر .. قراءة مزدوجة لعلال الجعدوني وهريوى عبد الرحيم خريبكة اليوم المغرب
هذه أنا بين ثنايا صور حياة عبر بوحي الثائر ..
قراءة مزدوجة لعلال الجعدوني وهريوى عبد الرحيم
خريبكة اليوم
المغرب
في بعض الأحيان نلتجئ للرمزية لإشباع النفس المحتاجة للدفء ، هي أدق أسلوب يستعمله الشعراء مجازا للتعبير عما يخالج الكيان ، فالإفصاح عن مكامن الوجدان غالباً ما يبقى مرتبطا بالرمزية العميقة التي تلف مضمون القصيدة النثرية ، وحسب ما يتبين لي ان الشاعرة تمتاز بجمالية الترميز الدلالي الذي هو المتنفس المعتمد في الكتابة المتميزة ، كما هي صاحبة تجربة شعرية لها وزنها الكبير في الساحة الأدبية.. والنص يحمل خبايا نفسية واجتماعية تدفع بالشاعرة توريا لغريب Touria Laghrib إلى البوح بتغاريدة شجنية للتخفيف عن نفسيتها بما يمكن به التخفيف ولو نسبيا مما يطفي على كتاباتها الشعرية جمالية الإبداع الراقي ، ونجاحها في الكتابة يعود لمصداقية الحرف الوارف الممتع الذي يجعلنا نعيشه في صمت ، لنتقاسم معها صدى البوح المليء بتنهيدات الوجع الروحي ..هذا ما استنتجته من هذا النص الشعري النثري الجميل..وأتمنى أن أكون قد أحطت بما يتضمنه النص من مشاعر وأحاسيس لشاعرة لها وزنها بشكل كبير في الساحة الشعرية العربية .
عبد الرحيم هريوى..
وبالصدفة عبرت بطولي النص وصاحبته ،وقلت ما قاله محمود درويش كأن كلبا جرني بدون موافقتي، كي أشارككما طبقكما الشعري الجميل، وتوابله من رموز وتشبيه واستعارات كغيوم غطت سماءه ،أو بالأحرى بذكاء حربائي لشاعرة احترفت كيف تسبح في مياه النهر مرتين،قرأت قراءتك سيدي علال على المباشر،واعتبرتك ضمن لجنة التقييم العام والإجمالي لفصول بوح لم ينطلق من تساؤل حارق لشاعرة عن وجود حارق ثان ،كما عبر حسن أوريد عن ذلك في أسئلة القلق بهذا الوطن بروايته الأخيرة "الموتشو"..والذي لم يجعل للثقافة والفكر موطنا ومملكة،وكأني أرى الشاعرة بذاكرة جماعية وفردية ،زمانية ومكانية ،عمدت لكتابة سيرتها الذاتية عبر بوح شاعري لا يخلو من صور الحياة بكل تجلياتها ،وهي التي علقت تاريخها الماضي وأوجاع الحياة، بلغة الشعرعبرالشارع المقابل لجرحنا القديم.الذي جمع شتات أفكار، وحصيلة عمرمن المد والجزر ،عبر محطات ظهرت فيها صورة شاعرة على خشبة مسرح الأحداث،ولذلك ها هي تعري عن وجهها الشاعري ،وتعطي للقارئ جوابا ملغوما..
"هذه أنا
أنتمي للقلوب الطازجة
لضحكة الفقراء يوم العيد
لذلك لما تقرأ نصوص الشاعرة تورية لغريب تجدها في حوارها اللامرئي وعلى غير الخط المباشر، مع واقع تحمله ذاكرتها من محطات مرقومة من الماضي والحاضر،وهي ترسم صورها المعبرة والمثيرة للإحساس ،والمتقلبة في شتى الاتجاهات،و بخيالها الشاعري ،مستنبطة عبرها مسافات طويلة في أغوار عميقة للذات. والنبش عن ظلال تفقدها كي تمم للقارئ لوحتها الشعرية بألوان ساخنة ..
لذاكرة حبلى بالعشق
ولفكرة أنّ العالم أحمق
وأنّ الأحلام غوايةُ الهاربين
من صراع مُفتعل
أنا أنتمي لرقعة على خط الاستواء
لا يُخطّ فيها اسمي بلون أحمر
هذه أنا ..عبر سؤال فلسفي يعبر عن إدراجها لطرح هوياتي بدون أن تقصد الذهاب به لأبعد الحدود..لذلك أرادت من القارئ أن تعفيه عبر مسافة لغوية مثمرة، من التنقيب عن صورتها المنكسرة على وجه مرايا متقابلة من الرموز المحصنة،و عبر أجراس كلماتها التي تحسن إبداعها لم تمتلكه من ثقافة لغوية تشجعها على الخوض في خلق شتى من الصور بأسلوب رشيق خال من الجفاف اللغوي الذي ينفر منه القارئ..فهي مافتئت تنجت من رحم خيالها الشعري الصورة النمطية لديوان بوح في الشارع المقابل لجرحنا القديم..وهي شاعرة اليوم؛ وبالأمس، عبر فصول بوح وخيال ممتد ،قد لا يخلو من عمق إحساس وجداني تملكه الشاعرة الطفلة التي لن تكبر أبدا..
ابنة المسافات الضالة
ألتهم أمنيات ذابلة
أقبّل جبين الشمس كل صباح
أنثر كلّي وبعضي
لأحصد سنابل الأمل من جديد
تعليقات
إرسال تعليق