توطئة بنفس أدبي عميق، وقراءة على هامش مصاحبتي للنص الجديد، للمفكر المغربي حسن أوريد "الموتشو".عبد الرحيم هريوى - خريبكة اليوم - المغرب
قراءة أدبية وفنية لرواية الموتشو، عبارة عن مسلسل دراماتيكي لحياة حقيقية من الواقع عبر خيال متشعب للكاتب والمفكر المغربي
حسن أوريد
توطئة بنفس أدبي عميق؛ وقراءة على هامش مصاحبة للنص الجديد والأخير، للمفكر المغربي الأستاذ الجامعي حسن أوريد : الموتشو «أمين الكوهن»
أن “الرواية ممتعة، وفيها حبكة وتشويق وسلاسة،وتقدّم معرفة وأفكارامهمة من شأنها خلق نقاش وطرح أسئلة حول عدة قضايا، سواء ثقافية أو سياسية”..
الكبيري يقرأ رواية "الموتشو" لحسن أوريد .. "اصنع التاريخ أو أخضع له"
نيتشه يقول:
منذ القديم والبشر لا تعاقب إلا من يقول الحقيقة، وإذا أردت البقاء مع الناس شاركهم أوهامهم،فالحقيقة يصدح بها من يرغبون في الرحيل”.
لاشك؛ أن هناك عيون أدبية كثيرة مسحت النص الروائي أمين الكوهن (الموتشو)الذي بين أيدينا اليوم،من فئات متباينة من القراء سواء من المغرب أو من الوطن العربي،سواء من طرف النقاد أوالأكاديميين أوالقراء العاديين..وعادة ما يصب ذلك كله في إعطاء حيوات جديدة لهذا النص الجديد في عالم السرديات الحديثة بالمغرب، وقد تبقى القراءات النقدية بمفاهيمها وأدواتها وآلياتها وتوجهاتها الفكرية والأدبية، لاتخرج عن عالم الدراسات الأدبية بمعانيها الخاصة والعامة،لكنها تبقى جافة لدى الفئات الواسعة من مجتمع القراء،وبالخصوص الفئات المواكبة للنصوص الروائية المغربية، وكما عبرت عن ذلك الناقدة المغربية زهور كرام، فالخطاب الذي يحمله النص،وإعادة صياغته وتأمله من جوانبه الأدبية والفنية والجمالية، يحتاج منا أن نعيد قراءته وجدانيا وعاطفيا بعيدا عن التحليل النقدي.ويمسي يخاطبني أو يخاطبك في أكثر من فقرة وجملة وفصل، على حد تعبيرعبد الكريم الجويطي،لربما في النص هذا أشياء كثيرة وجودية، وحقائق وجدت فيها إجابات ظلت تؤرقني وتؤرقك،لذلك تبقى دوما الرواية الأدب الجميل الذي يحمل على عاتقه الواقع المجتمعي والثقافي والسياسي لأبناء الوطن .
ولعل جل القراءات على اختلاف توجهاتهالنص الموتشو أو"أمين الكوهن"بطل النص،قد تعطينا كلهابالتفصيل جوانب مهمة ترتكزفيها على شخصيات أساسيةوتحليل الخطاب الأدبي والثقافي والسياسي،الذي أثاره من أجل المزيدمن تداول الرأي،والخوض في حيثياته،ولا تخرج عن رؤى عامة تشتمل عن أفكار أساسية عبر محاور للنص التي ذهب في مسارها الكاتب/ المؤلف،عبر شخصياتهاالمختارة.وهذا يعتبر في حد ذاته من إيجابيات بعض القراءات في مجالها الإعلامي والتشاركي،قصدإعطاء النص زخمه المنتظر بين الفئات المثقفة والأدبية،كي يثار النقاش بشكل واسع،وتثار الرغبة والشوق في مشاركة لأي نص جديد،يحمل جودةأدبية متميزة.في وقت نعيش فيه إسهال من النشر،حتى أمسيناأمام مئات من النصوص الروائية.لكن الرداءة ودخول سلطان التجارة، أعطى لكل من هب ودب الترخيص الأدبي عبر دعوة حضور رسمي،كي يدخل باب الرواية..في الثمانينيات كانت تنشر عناوين قليلة جدا،تعدها على الأصابع،لكنها تتوفر على الشروط الأدبية والفنية،لنصوص ممتازة وذات جودة عالية،لأهل الاختصاص والتقييم في شروطها،من حيث الفكرة و الموضوع و الشخصيات و الفضاءالجمالي والشاعري و ديمومة الزمن والمكان والحبكة واللغة والصور و الوصف..وقد سبق للشاعر والروائي محمد الأشعري أن تكلم في هذا الموضوع،حتى أن عدد النصوص المنشورة يفوق مائتي نسخة، والقليل منها تتوفر فيها الشروط الأدبية والفنية والجمالية لضرورية النشر ..
إن رواية الموتشو "أمين الكوهن"تعتبر من بين النصوص الجديدة، التي نالت استحسان عدد كبيرمن القراء مناصفة، والتي تجعلك تحب قراءة هكذا نصوص مغربية جديدة تسمع بها التي تطرح قضايانا الوطنية و العربية و القومية، ويتم معالجتها من ذوي الاختصاص" فلاسفة ومفكرين و أساتذة جامعيين" وذلك من مدخل عالم الرواية الحديثة، لأن هناك أشياء كثيرة وخطابات مهمةومصيرية يقولها هؤلاء المفكرون والفلاسفة من داخل الرواية اليوم،لأنها تتيح لهم فرصة الاختفاء عبر خيال أدبي، وشخصيات أدبية تلعب أدوارها على خشبة الأحداث ،من أجل التعبيربكل حريةوأريحية عن أفكارهم المسكوت عنها،من خلال خيال أدبي وجمالي،وذلك ما ذهب إليه المفكر المغربي حسن أوريد في مشروعه الأدبي،في كتابة نصوصه،التي تمس حياتنا اليومية كمغاربة وشعب،من ناحية الثقافة و اللغة و التعايش الاجتماعي،في إطار مجال نسيجنا الإثني،وقضاياناالمشتركة،الهوية،التنمية،جودةمنظومتناالسياسية،تعليمنا،أوضاعناالاجتماعية،و العدالة المجالية،وعالم الصحافة،وقضاياناالقومية،وحالة الجسد للوطن العربي و الصراعات الحضارية (غرب /شرق) وتراثنا العربي القديم، الصراع العربي الإسرائيلي،السلطة والتحكم و الأنظمة بعد الربيع العربي،وذلك في سرد حكائي بهندسة أدبية راقية تواكب عصرها الرقمي،ولن تكون إلامن مداد قلم محترف لكتابة الرواية الحديثة بتفوق فكري وثقافي وأدبي متميز..وذاك ما استطاع الذهاب إليه،الكاتب في روايته الموتشو بأن يجعله حاضرا في فصول روايته.لأن الرواية فن أدبي وأسلوب تعبيري،في صورة موحية عن الحياة،في تفاصيلها و حوادثها الاجتماعية والنفسية.و الغاية من العمل الأدبي الفني الهادف ليس الإمتاع الغريزي،أو الإثارة العاطفية،بل وسيلةلطرح مشكلة من مشاكل الحياة،يمتزج فيها الواقع بالخيال،بحيث لابد أن تحدث أو تقبل الحدوث،فالغاية من الرواية هي ربط الفن بالحياة حيث يتداخلان، فينتج عنهما تجديد عميق في حياتنا الروحية والفكرية، فالتجديدهو الفهم العميق، وكل فهم صحيح يعتبر تملكًا للمفهوم.كما كتب أحمد بابانا العلوي في منشور له بموقع التنويري.
ولعل"أمين الكوهن"بطل روايته،صور تعكس حياة الكاتب المختفي،وأسئلته الوجودية وقلقه، خلف ستار خشبة مسرح الأحداث.وحسن أوريد؛ نفخ في روح أمين الكوهن عبرسلسلة من الأحداث والوقائع،كمذكرات،وتأملات،ورؤى،وأفكار،وخواطر،ظلت سجينة ذاكرته الفرديةوالجماعية في العلبة السوداء،لكاتب كبير،ظل ينتظر المناسبة، و توفر تربة الأرض المهيأة والمناسبة لزرعها،عبر نص روائي جميل وممتع اختار له عنوان " الموتشو " ويقول جيرالد بريس :”الشخصية كائن موهوب بصفات بشرية وملتزم بأحداث بشرية ”وإن الشخصية الروائية كائن ورقي كما أوضح“رولان بارت”وتجب الإشارةإلى ضرورة التمييز بين شخصيات وردت في العمل ” الموتشو” و التمييز بين الشخصية الروائية “حسن أوريد” الشخصية المسكونة بقلق السؤال كما يقول النقاد،فسؤال فشل حركة عشرين فبراير و إخفاق الربيع العربي و إرهاصات النكبة والنكسة والشعارات النخبوية الفارغة وسراب الحركات الإسلامية كلها أسئلة واردة في ” الموتشو” وغيرها عند أوريد .عن موقع السفير قراءة في رواية ” الموتشو ” حسن أوريد
- وكان أمين كوهن؛ يبين عن نهم معرفي،وشغف بالقراءة ،شأنه شأن محنذ هل لأنهما هامشيان؟ أم شغفهما بالقراءة ما جعلهما هامشيين؟لم تكن القراءة بالمغرب،ولا في العالم العربي طقسا،أو جبلة..ولم يكتف الكاتب بذلك فقد جعل من أمين شخصية دونجوانية، لا تصمد أمام سحر أية امرأة، بل يرى في أغلب من يلتقيها مجالا للرغبة،في تأبين بنيس أصبح مأخوذا بمفاتن الفلسطينية التي قدمت له كلمات العزاء،أو التعلق بكريستين فتاة البار الفرنسية في تلك الأمسية التي تعرض فيها لذلك الاعتداء،أوربيكا التونسية التي كانت مرافقته في الرحلة الافتراضية في اللاوعي،وأخيرا شغفه بنعيمة ابنة الجنرال التي أخذت شطرا كبيرا من الرواية..أما البقية الذين يلعبون في هذه الرقعة الزمنية ،محند الصحفي ذو الأصول المغربية الأمازيغية الذي تلاشى من الجو العام للرواية،بعد أن كان فاعلا،وأخيرا بوشعيب، عساس العمارة الذي يوظف كل إمكاناته لمراقبة الآخرين ونقل أخبارهم إلى(المقدم) فهو عين مجانية للسلطة،ولكنه في ذات الوقت يمثل الفطرة والبساطة وشظف العيش لقطاعات كبيرة من المجتمع..لعل أول ما يشد قارئ الرواية شخصية بطل الرواية (أمين).من هو “أمين”..الشخصية الرئيسة التي حولها نسج المؤلف الخيوط العنكبوتية لأحداث روايته المؤلفة من الجزء الأول من ص 7 إلى ص299، والجزء الثاني من ص303 إلى ص 429).وينهي السارد كلامه عن العروي بتعليق نرجسي يحيل إلى الكاتب الذي هو في الحقيقة البطل الحقيقي للرواية بدليل ما ورد في الفصل الأخير من الرواية(ص 428) :” لم تكن رواية إنما قصة حقيقية انعكست في حياة أمين في تبادل أدوار بينه وبين الضمير المستتر.” والضمير المستتر هو المؤلف نفسه حسن أوريد.أحمد بابانا العلوي 8 فبراير 2023 موقع التنويري.
إن عالم الرواية كله أسرار،وحينما تقرأ العنوان على الغلاف والذي يبقى تلك أسماء سميتموها،فالحقيقة التي نسعى لكي نشد من تلابيبها تبقى عبر صفحات نقلبها وأحداث نعيشها كقراء،وشخصيات سنتقاسم معهاعبرسردمن السرديات الحديثة،التي لاتشق طريقها إلامن له خيال واسع و شاعري و ثقافة أدبية متنوعة، ونهم في معاشرته للنصوص العالمية، لذلك لابد أن نحسم بشكل شبه كلي، فكل قارئ جيد لابد أن يتجلى ذلك في إبداعاته كلما اقتحم عالم الكتابة الروائية، وهذا ينطبق فعليا على رجل ارتوى فكرا وثقافة وأدبا من الماضي القديم،ومن تراثنا في الأدب العربي ،وكذلك من روافد الفكر والفلسفة الغربية المفكر والأديب المغربي حسن أوريد/ كنت متدينا في صباي،ولكن وفاته المفاجئة أحدثت صدمة في نفسي الغصة.لماذا يأخذه الله إليه،والحال أن لم تكن عليه أعراض مرض؟ لم يصح من النوم ذات صيف.مات في الفراش.وحينها تمردت على السماء..
لذلك؛هناك فئات من القراء كما هناك فئات من الكتاب،ولا يولد الكاتب كاتبا جيدا إلا عبر مشروع طويل ومستمر في الكتابة، ولنا من الكبار ما اكتسبوا ناصية للكتابة الروائية المغربية، مع مهندس أبدع في نص رواية المغاربة و كتيبة الخراب صوت بني ملال عبد الكريم الجويطي، ومحمد شكري ابن مدينة البوغاز مع الخبز الحافي،ومحاولة عيش مع الكبير محمد زفزاف ابن أربعاء الغرب،واليوم مع كاتب جديد لم يأت من هوامش المجتمع المغربي،بل قدم من بين واقع مجتمعي وثقافي يحمل تناقضاته، كسنبلة تنمو في دورة حياة من أجل نفي النفي من أجل إثبات النفي على وجه نظرية أوكست كونت لتستمر دورة حياتها العادية..جاءنا بمتعة لنصوص تمت صناعتها بمهارة أدبية و فنية ممتعة، ومن مصنع روائي مغربي خالص،لأنها تحمل صورة المجتمع المغربي التاريخي والجغرافي والسياسي والأيديولوجي،ومن عالم المثقف العضوي المغربي والجامعي الذي استبرأ غوار حياة المتناقضات،وهو القادم من الرشيدية" قصر السوق" بحمولته الثقافية المحافظة،ليبدأ حياةجديدة بين حيطان شالة وحي الرياض والسويسي ومدينة المتناقضات كما سماها في روايته هاته الموتشو الدار البيضاء..إنه حسن أوريد كاتب و مفكر مغربي من مواليد 1962.حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم السياسية وشغل منصب أستاذ جامعي بجامعة محمد الخامس لنفس التخصص،له إسهامات فكرية وأدبية باللغتين العربية والفرنسية.ومن أعماله الأدبية: الحديث والشجن و الموريسكي وصدرت بالفرنسية عام 2011 وبالعربية عام 2017 وسيرة حمار وسنترا وربيع قرطبة ورباط المتنبي و زينة الدنيا.
انتهيت اليوم؛من قراءة روايته الثانية الكبيرة والممتعة "الموتشو"بعدما أنهيت فصول رواية رحلة من الجنوب،وكأنني أتحسس ظل الروائي الكبير حسن أوريدبالقرب مني في كل وقت وحين،وذلك لما قدمه لي من أفكار و معلومات ومعارف قد أجهلها.واستطاع أن يقدمها في أطباق روائية و فنية جميلة وممتعة.إنه مهندس روائي مغربي تحس عندما تقرأ له أنه من الكبار بدون منازع ثقافة و لغة و مناقشة و تحليلا ورؤى ثاقبة للإنسان وللوجود والمجتمع، وخبير في طرح الأسئلة ومناقشة الأفكار، ومفكر مغربي يبحث عن الحقيقة وسط شعاب وفيافي ومنعرجات وبصبر ذكاء العقل المجرب.رغم ما تعرض له من نقد قوي مقصود ،وقد أستشعره متعمداعلى إضعاف نصه الموتشو، بدعوى غياب المتعة وخلقها، والتناسق في الأحداث واعتبار ما كتبه لا يخرج عن خواطر ،وسرد جامد عن أحداث متفرقة و بشكل عادي ،وكله؛ بدعوى إدراجه لاسم التاريخاني عبد الله العروي، الذي لمح له وهو يعطينا صورة عنه في حاضرنا ،وخريفنا الثقافي المغربي،و بمنطلق الواقع الثقافي المغربي المترنح، بقولة للشاعر اللبناني جبران خليل جبران : لا شيء أثقل من أوان فارغة على رؤوس الجائعين،لكنني كقارئ للنص، فالكاتب هاجم كل مكون من مكونات الحياة الاجتماعية المغربية ،في الصحافة كما في الثقافة والقراءة كما في السياسة والتدبير للشأن العمومي ..
وحتى إلى هنا؛ فما عساني أن أقوله أوأضيفه عن روايته الموتشو،والتي جاءتني هدية من أحد الوجوه الطبية ،ولما سلمها لي كما سلمني، رحلة من الجنوب، كانت ردة فعلي باردة بالهدية،و جد طبيعية،لأنني كنت قد قرأت له رواية "رواء مكة "ولم أتخيل أن الحاج حسن أوريد سيتحفنا بنصوص روائية لم تخطر على بال قارئ مثلي ،وهو يعيد لنا روح نص محمد شكري"الخبز الحافي"ليعطيه حيوات جديدة في تجاوزه لكل الطابوهات للتقاليد والأعراف المغربية في سلوكيات اجتماعية بين ما يباح قوله و ما يعتبر حشومة و عيب ذكره على المباشر، وما له علاقة بالعلاقات الحميمية بين الجنسين في علاقة مع البطلة وعشيقته اليهودية المغربية في روايته، الدكتورة نعيمة بلحاج ابنة الجنرال المحجبة،وبصفتها الطبيبة المشرفة على حالة المريض محمد بنيس الأب الروحي لأمين كوهن "الموتشو"الذي ظل في انتظار نحبه بغرفة الإنعاش..ويمكن تصنيف الرواية الموتشو، ضمن تلك الروايات العربية الضخمة،التي وصفها الناقد سعيد يقطين ذات مقال بـ”الرواية البدينة”طبعا، لن أجيب عن هذه الأسئلة، وإلاسأنتهي بكتابة رواية أخرى، فالمعنى بالرد عليها في المقام الأول هو كاتب الرواية نفسه.هذه الرواية التي لابد من الاعتراف بأنها،من حيث فنيتها ولغتها وحبكتها والأحداث والشخصيات المكونة لها والمعرفة التي تقدمها، ودرجة التخييل فيها، رواية مهمة تنضاف إلى السرود المغربية والعربية؛ بل نجد، في العديد من فصولها، متعة حقيقية، تشي بأن الكاتب بذل مجهودا جبارا في كتابتها والقبض على تفاصيلها أو كما لو كان هو نفسه من عاش أحداثها..
ويظهرأن الكاتب حسن أوريد لجأ إلى حبكة، تقدم لنا بدهاء شخصيات الرواية وكأنها مصابيح سحرية والموتشو هو علاؤها،لاتفتح دواليب أسرارها وتبوح بمكنوناتها إلابحضوره وباستعمال أدوات مختلفة، كأقنعة سرية (الحب، الكتب الصداقة، والنقاش)، ولكل شخصية قنها الخاص. هكذا إلى أن تنتهي الرواية بشتات عام لشخصياتها،وكأن زلزالا قويا ضرب الأرض من تحت أقدامها.لكل شخصية، بما قد تحيل عليه من رمزية، المصير الذي رسمه لها الكاتب لبناء خطابه، وخصوصا في النصف الثاني من الرواية، بعد بلوغ قمة التوتر والتشويق، حيث سنشهد انحدارية سردية فظيعة، تنقشع معها الغيوم وتتوضح فيهاالكثيرمن الأمور وتسقط كل الأقنعة. سيموت بنيس الرامز إلى القومية العربية،ترحل إستير الرامزة إلى إسرائيل إلى فرنسا، إلى أن يأتي نبأ و فاتها من هنالك،لتظل أفكارها ورؤاها الصهيونية هي المهيمنة في الخطاب الروائي. وتهاجر نعيمة بلحاج، الرامزة إلى اليهود المغاربة إلى إسرائيل مع حبيبها الجديد، بعدما تخلت عن الموتشو،وكأنه ورقة كلينيكس مستعملة.ليعود الشاب المثقف، المناضل الثوري، الحداثي الحر،ليرتمي في أحضان أمه، (المرأة العجوز، الطيبة، المؤمنة، البسيطة، الضمير الحي للمجتمع)، في حي شعبي بفاس،مهزوما، مفلسا عاطلا عن العمل فاشلا في الحب وفي الحياة. بينما يبقى با بوشعيب حارس العمارة، أو (عين السلطة التي لا تنام)، قاعدا في مكانه يحرس الأرض والعباد ويقدم تقاريره اليومية لأصحاب الحال.عن هسبريس /فن وثقافة عن منشورللكبيري؛ يقرأ رواية "الموتشو" لحسن أوريد .. "اصنع التاريخ أو أخضع له
أكيد؛أنه ما أثارني في رواية الموتشو، والذي مر عليه جل من قرأوا النص، ومروا مر الكرام على الجديد المثار في رواية الموتشو،أي الطابو من طابوهات المجتمع المغربي،في وقت هناك منهم الكثيرون لم يدرجوه أصلا، كمفصل مهم في ثقافة الكتابة الروائية المعاصرة بالمغرب،وهو الوصف الدقيق للعلاقات الحميمية..وقد يكون بصور كلمات إباحية على وجه الورق الأبيض..!!
دعوني أعود بكم للمهم،عندي في هذه الجولة،أو على الأقل كما يترآى لي كقارئ، عبر هكذا فضاءات لنصه "الموتشو" الذي تجاوز في كتابته بسنوات ضوئية الخبزالحافي،حتى أنني قلت بأن الذي كتب النص هذا ليس حسن أوريد ابن الرشيدية، أوبصوت مغربي يعيش في بيئة جد محافظة لا تقشر على وجه ما يجري في بيوت غرف وصالونات النوم بين الجنسين،لكنه هو استطاع بشجاعة أدبية أن ينشر كل غسيل مخزون للعموم في روايته الموتشو،لذلك كان علي أن أكون منضبطا في قراءتي، وكأنني أقدم تقديما لفيلم عبر سينما منتصف الليل للراحل نور الدين الصايل "ممنوع عن الأطفال" وممنوع على ما لا يقل عمرهم عن 35 سنة،لذلك أقول بأن النص ممنوع على العزاب مناصفة إلامن تتوفر لديه مناعة خاصة وتربية جنسية سوية، وللأسف هذا قليل ونادر في مجتمعاتنا العربية التقليدية المحافظة،لاعتبارات عدة تربوية ومعرفية وأنثروبولوجية ونفسية وسوسيوثقافية وطقوس وتقاليد نتوارثها كالأرض ..
رواية الموتشو،رواية غير عادية وعمل ضخم وكبير ،احتاج لزمن طويل من الصبر والتحمل حتى يخرج لناهذا السيناريو لمسلسل دراماتيكي لحياة حقيقية من الواقع بتمازج أفقي عبر خيال شاعري ورومنسي،لكاتب ومفكر مغربي كبير،اسمه حسن أوريد،ومابين أيدينا هو سيناريو بكل تفاصيله وصوره الحياتية في ديمومة زمانية ومكانية من الماضي صوب الحاضر في اتجاه المستقبل..ولما تقرأه تكون بمثابة المخرج الذي سينزله عبر رؤى وتصورات خاصة عبر أضواء وفلاشات ومقاطع فنية قد تزيح ما تزيحه وتحافظ على كل لقطات يجوز تمريرها بدون رقابة فوقية،ولذلك الرواية كنص لم يبق ملك السارد/الكاتب/المؤلف منذ أن نزل للواقع،فكل واحد سيعطي وجهة نظره عن هذا النص، الذي يبقى إبداع فني وجمالي في الكتابة الرواية المغربية المعاصرة في القرن 21، بغض النظرعن كيف يستقبله المغاربة كقراء مناصفة.فإذا ماشئنا أن نتلمس ظلاله الفكرية والثقافية والسياسية،إن النص أكبرمن واقعه المغربي،مما يجعله في جلسة لمحاكمته شرعا، لأنه سرد فيه كل ما لا يباح في مجتمعنا التقليدي الذي يعيش بثقافة نوعية لها مرجعيات متداخلة،ويبقى القيمي حاضرا في سلوكياتنا رغم الحداثة التي نظنها لم تعرف طريقها للعقلية المغربية ،أو على الأقل كثقافة بديلة عن ثقافتنا الأصيلة ،إذ ظل يعيشها الراحل الدكتور سبيلا بين كتبه وما ألفه من مراجع تعد بالآلاف حول الحداثة والإسلام وأسئلته المقلقة على شعوب الجنوب والعربية الإسلامية ،والتي ظلت تؤرقه كفكر ودراسات أكاديمية ..!
يكتب مايلي:كانت أرض العروبة جرداء لم تعد تنبت قيادات ولاأصحاب رؤى ثاقبة.محاربين ربما.سياسيين يتقنون اللف والدوران ،بكل تأكيد .وهواة في كل شئ .حتى اليهود لم يعودوا ينجبون أنبياء .منذ بن غوريون يفضلون صورة الملك داوود.صورة نمطية ماكيافيلي،وقاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
ولقد عشت ماعشته؛ من أفراح و أحزان و مفاجآت و لحظات ماتعة مع أبطال روايته نعيمة بلحاج الطبيبة الإسرائيلية اليهودية المغربية،وأمين الأستاذ الجامعي، والمفكر و الصحافي في رحلة الهوية والمعتقد والثقافي والإيديولوجي،وعالم القراءة للنصوص للكبار ممن كتبوا عن اليهود كشعب ودولة وثقافة وشتات،وعن ما أدرجه من أسئلة وأحداث ووقائع وعقليات ومفعولهاعلى حياتنا الاحتماعية،وكمطالبين للمعرفة وتحديث المجتمع وعدالته المجالية والمجتمعية.وباقي الشخصيات التي أعطت لفصول الرواية الوجه الجميل والدراماتيكي عبر أحداث متواصلة عبر فضاءات جغرافية واقعية.لأننا أمام رواية عبارة عن مذكرات عن حياة الكاتب،ولعله ظل يحتفظ بها لنفسه، ولا نعلم الدوافع التي جعلته يشاركها جمهوره من القراء،وكأننا أمام تسريب لفيديوهات حميمية من غرفة النوم،تم نشرها عبر مواقع التواصل،وما تحمله من تعري جسدي بلغة التدقيق في التصوير لدى كاتب و روائي كبير متمرس يجعل كتاباته أصواتا وخلجات وزفرات،أو كما قالت الروائية والناقدة الجامعية حورية كرام لكتاباتها الشاعرية أن نسمع من خلال كلماتنا الطرق على الباب ونشم روائح الطعام عبر العبارات والجمل المكتوبة..ولكن الحب ليس الاقتران الجسدي وحده..الجسد قنطرة له..الحب هو وعاء يضم شخصين،أو ما يسميه الإغريق بالروح الأخت..يمكن للإنسان أن يعيش بدون فكر دون أن يسبب له ذلك اضطرابا،لكن فقدان الحب يسبب الاضطراب..وهو يمتطي القطار من الدار البيضاء صوب العاصمة ،ولم يكن مسافرا عاديا اليوم كباقي المسافرين ،لأن في أعماق نفسه مكان شخص موتور،يحمل جرح رجل رحل ،يحيل لمرحلة من تاريخ منطقة أثرت في العالم بقدر ما أثرت .أقدر حزنك يا أمين ،أنت ابنه الروحي قالت له الطبيبة أمينة..
فلا عجب..عندما تشارك حسن أوريد السارد الأسطوري ،ولما يبدع في خلق الأفكار ،ويعطي المسافة الروحية للكلمات ،تعطيك صورة عن قلم أدبي كبير،لن يخلقه المجتمع مرة أخرى ،لأنه الابن الروحي لثقافة الكتاب ،والنضال،والتحولات المجتمعية العميقة في جيله،وتأكد لي وأنا أحضر المأثم الذي سطره بخشوع ولقطات من أحزان فراق صديق وأخ ورفيق ،بكل تجلياته الحزينة، في موت بنيس الشاعر الكبير في زمانه،وبذلك يكون النص يتكلم لغة المداد ،وتحضر انت بصفتك القارئ الضيف الغابر،وإلى حد يكون النص لغة.كان أمين منصرفا إلى حالة بنيس ،يستنطق جسدا خائرا، في بوح مضطرب ، اختلطت فيه الأزمنة،فإذا الأقدار تضعه وجها لوجه،لحالة مغايرة ،تطفح بالحياة ،ولكنها تشكو الانفصام…غنوصية على أرضية دينية .هيام على خلفية عدائية .حب عارم لامرأة غاض منها الشباب .توجه هوياتي من مرجعية كونية..كان كل من بنيس واستير معبرين عن عالمين …كان بنيس معبرا عن عالم غلب عليه الشعر والغناء والحنين ،ثم أصيب بحادثة أفقدته الحركة ،وأدخلته الاضطراب واختلاط الأزمنة،وكانت إستير وهي موزعة بين الرغبة والاستحالة ،معبرة عن عالم يشكو الإنفصام…ولم يكن أمين يرى أن الحالة المرضية لكل منهما منفصلة عن الآخر.ذهاب سوليكا ما بث في بنيس الاضطراب وتداخل الأزمنة ،وإعراض إستير عن حبها الأول ما حكم عليها بالانفصام…
-لم يعد ننتظر شيئا من العالم العربي للأسف.قرن من الزمن من أجل لاشئ كما قال غسان تويني،ردد أمين بأسى الوطن العربي لا يوجد
أمين :
-لنبق في إسرائيل.قانون عنصري يزري بعرب إسرائيل .من كانوا هناك لآلاف السنين قبل أن يحل يهود العالم ،من أصقاع نائية ؟ إسرائيل دولة احتلال ودولة ابارتهايد.
-أستير اليهودية المغربية تجيبه
-اسمع يا أمين لو غيرك قال ما قلت لصفعته على وجنتين
-نريد أن نكون طبيعيين.أناس ككل الناس .أن يكون لنا ،كما قال مرة "هرتزل"منتشلون وعاهرات ..لم يفهم العرب مصطلح التطبيع ،مما أخذوه عنا .يفهمون التطبيع على أنه إقامة علاقات مع إسرائيل .التطبيع مصطلح صهيوني،وهو التطبيع مع الحياة// في حوار بطلة من أبطال" أستير"
تعليقات
إرسال تعليق