المعلم المغربي القديم في زمنه ، والعنف اللفظي والجسدي الفظيعين، وعواقبه الوخيمة على تكوين الطفل ونموه الشخصي/ هريوى ع.الرحيم/ الرباط اليوم المغرب
المعلم المغربي القديم في زمنه ، والعنف اللفظي والجسدي الفظيعين، وعواقبه الوخيمة على تكوين الطفل ونموه الشخصي..!!
هريوى ع.الرحيم
الرباط اليوم
المغرب
القهروالعقاب البدني من الوسائل البدائية التي-عرفتهامدارسناخلال حقبة السلطة المطلقة قراءة نقدية تاريخية لسلوك مرفوض وغيرإنساني اتجاه كائن ضعيف يحتاج منا أن نوفر له الأمن النفسي والغذائي والوجودي وإلادمرنا حياته بأيديناوأيدي مجتمعه الذي يأويه..
هناك من يقول بأن مهنة التدريس، ومباشرته بالحجرات الدراسية،من يعتبرونها من أصعب مهنة من المهن،التي يمكن أن يمارسها إنسان،في وظيفةتناسب تطلعاته وآماله ورغباته منذ الصغر،في مسار حياته..وإذ تعتبر مهنة التدريس تلك،في نفس الوقت، أنبلها أيضا؛في نظر الأرض والسماء،وقد أخبرنا سيدنا الرسول محمد صلي الله بذلك في الحديث الشريف الذي جاء فيه :
(إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت؛ ليصلون على معلم الناس الخير)
ولعله؛في بعض الدول المتقدمة والراقية عبر العالم،رغم كل التحفيزات المادية والمعنوية تعاني من نقص كبير في جلب الموارد البشرية الكفأة،للقطاع الحيوي والاستراتيجي-التعليم العمومي،وبالخصوص التعليم الابتدائي،وذلك لصعوبةالمهمة وما يتطلبه ذلك من كفايات مهنيةمن استعدادات جسمية ونفسية ومعرفية ،ولعل الكثير من هؤلاء المعلمين والمعلمات يصابون بأمراض نفسية خطيرة،جد متقدمة ،لكل ذلك نجد أنه عندهم،لا يفكر أي أحد يبحث له عن وظيفة في قطاع يصاب أطره بنوع من الجنون،لمايعانيه موظفوه من ضغوطات مستمرة من كل المتدخلين في القطاع العمود الفقري للدولة والوطن، سواء من جمعيات ومؤسسات اجتماعية و تربوية وحقوقية ..
ونحن اليوم؛ نحاول أن نعيد قراءة تاريخية نقدية،لسيرورة منظومتنا التعليمية بالمدرسة العمومية منذ الاستقلال إلى اليوم ..من خلال ما جمعته الذاكرةالجماعية لأجيال ماضية،وأمست في طريق الإنقراض..ولعل تركيزنا سيكون حول مركزيةالمعلم وسلطته المطلقة،وغياب التكوين لديه، وغياب معرفته بمزاياعلم النفس الطفل وعلاقته بـ بيداغوجياالتدريس،وكل الكوارث الناجمة عن ذلك،والمرتكبة من طرف ذاك المعلم القديم في زمنه "الفقيه"،والعنف اللفظي والجسدي الفضيعين،وعواقبه الوخيمةعلى تكوين الطفل ونموه الشخصي..!!وإنه نفسه ذاك (المدرس) الذي لم يتعرض لتكوين معين وخاص يؤهله للقيام بمباشرة العملية التعليمية /التعلمية .بمزياالعصرالمعاصرالحديث،الذي كانت تعيشه دول الشمال، وغياب اطلاعه على علم النفس التربوي، ومميزاته ومدارسه السيكولوجية،وما توصلت إليه البحوث المعرفية والعلمية في هذا المضمار(السلوكية /المعرفية التكوينية/الجشطالت /والتحليل النفسي ../ ولعل ما تمت إعادة تكراره في القرن 21 مع من تم دمجهم في التعليم بشكل مباشر ،مع سمي بالتكوين عن بعدوالمصاحبة بشكل اعتباطي،لأننا أمام جندي سيحارب على أكثر من واجهة وأخطرها آفةالأمية والجهل لدى الفئات العريضة من أبناء فقراء الشعب،ومن هم تحت عتبة الفقر.!
ولعل كل الأجيال التي عاشت العنف والقهر والتسلط والتجبر بكل مخلفاته على شخصيات الأطفال منذ الستينيات حتى التسعينيات من القرن الماضي،والصورة الأسطورية للمعلم لدى الأطفال ،وهو يتمم سلطات قهرية أخرى يعيشها بخوف وهلع خارج أسوار المدرسة،سلطة الوالدين وسلطة كل ذي سلطان ،وما المدرسة إلا صورة معكوسة للسلطة العامة التي يعرفها المجتمع برمته في جميع مؤسساته ،وما المعلم إلا صورة للذي يربي هكذا أجيال مهزوزة مرعوبة وبجمل من العقد والقلق والخوف و بسلطان الهراوة تحت شعار (العصا لمن عصا) ..
ولعل كل هؤلاء الذين مارسوا علينا العنف بشكل من الأشكال الإنسانية ضد نا ،ونحن لم نتلذذ بعالم الطفل،قد يكون راجعا لعدة عوامل وظروف يتداخل فيه السياسي والثقافي والاجتماعي والأنثروبولوجي،ومنها؛ هناك سببان أساسيان،الأول هو غياب التكوين المهم في مجال السيكو/تربوي ،وغياب علم النفس الطفل بشكل كبير لدى هذه الفئة القديمة من المدرسين،و الذين أتوا بهم كعرفاء مباشرة من المسيد( الجامع - الكتاتيب )وجعلوا المدرسة حلقة من حلقات تعليم القرآن الكريم الذي ألفوه عما ذي قبل وهم يمررونه الصبية بالفلقة ..
وهناك أيضا غياب الدولة الحديثة التي تهتم بالقطاع الحيوي،من خلال إدخال ٱستراتيجية حديثة في تكوين المعلمين في ذاك الزمان،عبر مراكز بمواصفات العصر،خاصة وأن التعليم الإبتدائي يعتبرأصعب مرحلة في التعليم العمومي لدى الدول الراقية والمتقدمة،ولا يدرس به إلا من له باع كبير في مجال التكوين والتربية العامة لدى الطفل انطلاقا من فترة ما قبل التمدرس أوالروض والطفولة المبكرة و المتأخرة،وعادة ما تجد هؤلاء المدرسون يؤلفون في مجال البيداغوجيا والتربية وعلم النفس الطفل ،هذا من جهة أما السبب الثاني فهو تمظهرات السلطة المعيبة والقهرية في مجتمعاتنا العربية المتخلفة ،وإعطاء الحق للكبار في السلطة المطلقة في البيت والأسرة والمؤسسات العمومية والإدارية والأمنية، في غياب إعطاء قيمة مضافة لحقوق الطفل خاصة و حقوق الإنسان بصفة عامة ،لأن القمع ظل هو الذي يحكم العلاقات المجتمعية في مجمل مستوياتها،وكلنا عانينا مما عانينا منه بشكل فضيع جدا،مع ثلة من المعلمين الديناصورات إن صح هذا التعبير،ولعل الكاتب والصديق وابن بلدتي المفاسيس عبد الرحمان مسحت لم يؤلف روايته من فراغ،((القيامة داخل السور) أي سرد حكائي محبوك ،بقيمة فنية وجمالية بلغة الأدب الإنساني ،كل الأحداث ظلت تجري داخل حجرات الجحيم،والتي جاءت نتيجة معاناتنا كأطفال في جهنم بمجموعة مدارس المفاسيس بإقليم خريبكة،نعيش الحرمان والقهر البيئي والإنساني معا خلال سبعينيات القرن الماضي ،ولم يتوقف الإبداع عند طفل واحد من هذا الجيل ،بل تلاه نص رائع وجميل بقلم مهندس عاش ما عاشه من ويلات مع أستاذ اللغة الفرنسية ،وهو يحكي أيام السراط في روايته (الطيور تهاجر كي تعيش ) ونص في طريقه للنشر (الشمس تشرق من الجنوب) ولكل ذلك؛ فحينما نتكلم عن الأطفال الذين يشكون العقاب والإذلال الذين جاؤوا فيما بعد،أقول لهم ما تعرضتم له أنتم من عنف لفظي وجسدي في زمنكم ،لم يساوي أي شئ ،مقارنة مما قاسيناه نحن في زماننا الغابر مع رجال فضاض غلاظ شداد،ولا مجال للمقارنة ،كما أنه لامجال لذكر أسمائهم ،ومنهم من مات ومن ما زال على قيد الحياة ،إلى يومنا هذا ،وبالمناسبة منهم من التقينا بهم قبل حصولهم على التقاعد ،وظلت صورهم كجلادين في عصرنا..ومنهم أستاذ كانت له عصا غليظة بمسك قوي . كان يسميها حلومة،وآخر كان يأمر الذين لم يستظهروا جيدا،بأن ينامون على بطونهم أرضا، ويمر من فوقهم الذين تفوقوافي الاستظهار،ولكل واحد دوره في حصة التعذيب آجلا أم عاجلا ، وهناك معلم سريالي،وعبثي بما للفظ من معاني فلسفية مستفزة ..كان يفتح فم الطفل ويدفل فيه ،فهل هناك أبشع من مثل هذه الصورة يا من يقولون بأننا تعرضنا للعنف والعقاب البدني ..
وكم من طفل هرب من مدرسة ،هي صورة من صور السجون الغابرة ،وكم من طفل كره المادة والمدرس معا..وكم من طفل ظل يراوغ أهله وزمان المعلم الغول ،وكان قاب قوسين أو أدنى على إقدامه على الانتحار.ولعل أجيال قديمة عاشت الخوف والرعب والمعاناة والألم ومأساة الحياة في زمن ما سمي بـ الجمر والرصاص ليس في عالمها السياسي والسجون المعروفة حينذاك فحسب بل حتى كل شئ يرمز للسلطة والأمن ظل يحكم ضميرنا الجمعي على حد قولة السوسيولوجي الفرنسي إميل دوركهايم ،بل ظل ذلك الخوف راسبا في ذاكرتنا الجماعية ،و يحتاج لعلاج نفسي عميق لكثرة الصور المشبعة بالترهيب والقهر والعدوان على نفسية إنسان ضعيف في بداية مشوار تكوينه الشخصي آسمه الطفل،البرئ الذي إذا ما ضرب بعنف يبكي ولا يعرف لماذا عمل بعنف،ويبقى العقاب البدني بكل أصنافه وفظائعه أسلوبا مختلفا قهريا يتنقل بقدرة قاهر بين ذي سلطان من جيل إلى جيل ولعل البرازيلي يحضرني خلال كتابة هذه المقالة في تعليم المقهورين أو أصول تربية المضطهدين
"كتاب ثوري في مجاله كتبه المعلم البرازيلي باولو فريري ونشر سنة 1968 بالبرتغالية وترجمته مايرا راموس للإنجليزية ونشر سنة 1970، واعتبر هذا الكتاب من النصوص المؤسسة لعلم أصول التربية النقدي، ترجمه إلى العربية الدكتور يوسف نور عوض ونشرته دار القلم في بيروت سنة 1980."منقول
وقد جاء دورنا كي نلج هذا القطاع عن رغبة وحب ،ورغم الظروف الصعبة في الاشتغال ،ورغم اعتبار القطاع مختبر تجارب ،تحت شعار إصلاح الإصلاح ..وبداية مشروع في ظل إيقاف مشروع ،وكنا نرقص مع كثرة المذكرات والمستجدات رقصة البجع الأخيرة على حد قولة الشاعر محمود درويش ،لكن لحكمة وقناعة دخيلة كنا نحملها بصدق مع ضميرنا وربنا ،وكنا على يقين بأن ما يستوردونه من بضاعة تربوية بيداغوجية غربية، لن تنفع مدارسنا العمومية ،الغير مؤهلة ماديا ومعنويا سواء من حيث البنية التحتية أو فضاءات الحياة المدرسية ،كي تواكب زمن عصر المعلوميات والرقمنة ..لذلك كنا نمثل صورة لذلك البريطاني الذي هاجر لدولة عربية في وطننا الكبير ،ولما سألوه :
-هل تعلمت اللغة العربية..!!؟
-كان جوابه :
بل؛ علمتهم الإنجليزية..
وهذا لا يعني بأننا لم ننفي العقاب التربوي بشكل محدود في زماننا،ونباشر العملية التعليمية التعلمية الصعبة والمعقدة،و بدون تسلط ،على قناعة بأننا كلنا نتعاون (تلميذ -مدرس -إدارة -أسرة) من أجل أن نتعلم ونقرأ ونستفيد وننجح ونرتقي ، ولابد من استعمال الوسائل التربوية والتعليمية الرسمية وغيرها، للحد من الهدر المدرسي بكل أشكاله ، وكذلك محاربة الشغب لدى الفئات المتعثرة والقيام بإنجازات بيداغوجية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بدعم منزلي /خارجي وكانت النتائج تظهر لمن لهم رغبة في تحسين مستوياتهم المتقهقرة على مستوى القسم الدراسي على الأقل..و اكتساب كفايات في القراءة والتعبير والكتابة..
تعليقات
إرسال تعليق