نص قصصي قصير " يوم عادي جدا..!"الكاتبة المغربية تورية لغريب

 

نص قصصي قصير

 " يوم عادي جدا..!"

بقلم الكاتبة المغربية 

 تورية لغريب 

    مسائيات 


▪️وأنا ألج عيادة الطبيبة، تفاجأتُ بأعداد المنتظرين لدورهم، قلت في قرارة نفسي " مرغمة مرة أخرى على الانتظار...هذا أسوأ ما أفعل في يوم بارد كهذا " ، كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الزوال، وهو التوقيت الأنسب لأخذ قيلولة أعوّض بها ساعات نومي المتقطّع، لكنّني مضطرّة لأن أتنازل عنها اليوم.

قاعة الانتظار، باحة شاسعة ،أثاثها بسيط مكوّن من عدّة كراسي هادئة الألوان، وطاولة فارغة من المجلات و الجرائد، التي عادة ما نجدها في العيادات الطبية، وهو الأمر الذي لفت انتباهي... لا شك أنّ الأمور تغيّرت كثيرا بعد وباء كورونا...باستثناء التخلي عن مطهّر الأيادي الفارغ تماما عند مدخل الباب...

اتّخذتُ ركنا قصيا في الغرفة، رفعت عيني فإذا بالمكان مزود بكاميرات مراقبة ( لا يمكنني الجزم بأنها تعمل )..

معظم الوافدين نساء وفتيات من مختلف الأعمار، اللهم ثلاث رجال فضّلوا الوقوف أمام باب العيادة ( ربما يتحاشون الاختلاط بالنساء) ، الساعة تشير إلى الثالثة والنصف، البعض بدأ يتأفف من الانتظار، وفتاة الاستقبال تبدو هادئة وهي تطمئن الجميع بقرب حضور الطبيبة المختصة، فجأة ظهرت امرأة ستينية أنيقة المظهر، برفقة رجل يبدو أنه تخطى عتبة السبعين منذ سنين قليلة، كان يتشبت بذراعها كأنها أمه، وهي توبخه بسبب تأخره عن الموعد...

 لم تَسلم المرأة من نظرات النساء المحجبات، وهن ينظرن إليها بامتعاض، لذلك فضّلتِ الانزواءَ في ركن داخلي لم أتعيّنهُ مِن قبل ...لا بد أنها زبونة هنا...وما إن ولجا الرّكن حتى سمعتُ الرّجل الذي علت نبرة صوته فجأة وهو يتوسّل إليها لكي تهدأ :" الله يخليك أغزالي لما سكتي باركا عليك ، راه الطونسيو غادي يطلع عاود ونوليو في مشكل..."

غرستُ ناظري في شاشة الهاتف، وسط همهمات النسوة اللائي تصيّدن الفرصة لتفجير البوح بطبيعة العلاقة مع أزواجهن، قالت واحدة  إن زوجها لا يهمّه وضعُها الصحي، رغم أنها تعاني من ارتفاع الضغط، ثم مالبثت أخرى في سرد تفاصيل حياتها الصّعبة مع زوجها، وسرعان ما انخرط رجل في الحديث وهو يلبس عباءة الواعظ... وكأنّ الكل يلفظ ركام أنينه الخافت، كأنه يتعرى في غفلة من الزمن... يتحرر من  المعيش اليومي المطبق على الأنفاس...

وجدتُني أقرأ قصة قصيرة لخورخي لويس بورخيس "وسم السيف"...أنهيت القراءة تحت وقع ضجيج خافت، ثم دخلتُ في إغفاءة تراءت لي خلالها أحداث القصة، ولم أستفق إلا على سماع اسمي للدخول إلى الطبيبة، التي نسيت سبب زيارتها اليوم...


▪️تورية_لغريب


▪️عين على النص -

                            ع.الرحيم هريوى


سرد مترابط وبذكاء ..وهذا هو المهم مع علاقته بأسلوب أدبي جميل، زد على هذا، أنه يمتد من الواقع المعيش واليومي للمغاربة ،وإذ ظلت النهاية ببداهة بسلطة رمزية ما.. وقد أعطت صورة أخرى عن الكاتبة عينها ،وتتجلى في مصاحبتها للنص القصصي القصير ..لأن أحمد بوزفور سئل ذات مرة عن تاريخ بداية كتابته للنص القصصي القصير ،فأجاب لما قرأ ما يكفي من النصوص،وحان الوقت كي يبحث له عن شخصية أحمد بوزفور ليس كقاريء ينهم النصوص بالليل والنهار،ويعيش في غرفة واحدة بالدار البيضاء، وسط عائلة من الكتب بل صار يبحث له عن شخصية الكاتب، الذي يصنع المقروء النصي ٱنطلاقا مما راكمه وجمعه من ثقافة في مجال النص القصصي القصير،ومن خياله الأدبي .. 

  لذلك تقول الناقدة المغربية زهور كرام ليس هناك نص بكر بالمطلق ،فدائما نحن نحمل معنا من الأفكار واللغة والتي يسميها محمد سبيلا الهالة التي تخلق الكاتب او تقتله لمركزيتها في أي نص نص..!


نعم ؛قرأناها وعشنا مع كاتبتنا كل أحداثها، ولقد كانت مبادرة ذكية..

وقد نتساءل  لماذا بالطبع؟!

 لأنه في هذا السياق


،لقد سبق وان قال صاحب محاولة عيش " محمد زفزاف" في لقاء تلفزي مع فاطمة التواتي بقناة " إثم " في زماننا القديم ونحن اليوم  نذكرها بكل خير لبرنامجها الثقافي الرائع ،كل واحد منا تقع له قصصا يومية مثيرة، لكنه يحتاج لآليات الكتابة كي يجعل منها نصا أدبيا جميلا،ولعل تورية لغريب لها من الإمكانيات الأدبية والفنية ما جعلها تشاركنا طبقها القصصي الجميل هذا..

ونحييها على صنيعها الأدبي هذا ،ونحن نشاركها كقراء متعته ..!





تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى