ظل العنوان لرواية الريح الشتوية مجازي إلى حد بعيد للكاتب مبارك ربيع...!

 الريح الشتوية- النص الروائي المغربي الذي يصور حياة الشعب المغربي تحت نير الاستعمار الفرنسي وليالي  القهر والاستبداد...!


سيرته الذاتية

مبارك ربيع كاتب وأديب مغربي .ولد بسيدي معاشو سنة 1935 عمالة سطات. اشتغل بالتعليم الابتدائي ابتداء من سنة 1952. حصل على الإجازة في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع سنة 1967، ثم على دبلوم الدراسات العليا في علم النفس سنة 1975، كما أحرز على دكتوراه الدولة سنة 1988. يشتغل حاليا قيد وما لكلية الآداب والعلوم الإنساني–بنمسيك سيدي عثمان-البيضاء.انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1961. يتوزع إنتاجه بين القصة القصيرة، الرواية، المقالة الأدبية والبحث في علم النفس والتربية.نشر أعماله بمجموعة من الصحف والمجلات: التحرير، العلم، دعوة الحق، أقلام، الآداب، الكتاب العربي، الوحدة، أبعاد فكرية، العربي 01//







كانت رحلة ليست بالقصيرة،صحبة الكاتب والمفكر المغربي مبارك ربيع.الرجل الذي ولج عوالم الأدب والفكر وعالم التربية والتدريس باكرا. ويعتبرمن جيل الحماية والاستقلال معا،لذلك عاش ما عاشه من تاريخ للحركة الوطنية وجيش التحرير وأصداء الحرب العالمية الثانية ،و بالذاكرة الجماعية و الزمانية والمكانية التي لعبت دورها في دفعه لكتابة هذا النص: الريح الشتوية .وهذا العنوان نفسه؛ الذي ظل هو المبهم الغامض في ما سنعيشه  من أحداث تاريخية للشعب البدوي المغربي في هجمة شرسة للمستعمر على وجوده الإنساني والطبيعي على أرض وطنه.وتغيير نمط حياته القديمة واستغلال أرضه وأشجاره ومياهه، التي سلبت منه بطرق يراها الاستعمار الفرنسي أنها تخدم مصالحه،في كل أرض سيحط الرحال فوقها. خاصة وأن المستعمر الغربي في بداية القرن 20 كان يعرف الثورة الصناعية الأولى، وهو في حاجة للمواد الأولية، كي يبني حضارته المرتقبة، من مستعمراته التي سوف يحتلها عبر العالم وإفريقيا بالخصوص؛ نموذجا للغطرسة الفرنسية التي قال عنها المجاهد الريفي عبد الكريم الخطابي، لما طلب منه المقارنة بين دولتين استعماريتين هما فرنسا وإسبانيا فقال :

-فرنسا رأس الحية بالفعل فرنسا شبيهة بالاحتلال الصهيوني ،همها بطنها وما يحويه وما يضمن لها العيش الكريم لشعبها على حساب دول شعوب بدائية في العمق الإفريقي. وما الاستغلال لأطفال إفريقيا في مناجم الذهب والفضة ببعيد ..!

-وما تشغيل المفاعلات النووية يورانيوم النيجربغريب..والذي تتوفر إفريقيا على 60 في المائة من الاحتياطي العالمي!

-فهل حان رحيل الإمبريالية الظالمة لشعوبها والمساهمة في إبادتها .وترسيمها لسياسة تفقيرية. تخدم مصالحها الكبرى للأبد، حتى جاءها المنافس الأكبر روسيا،و التي وضعت أمام زعمائها هذه المعادلة الجديدة، كي تساهم في تنمية غرب ووسط القارة، التي تعيش كل أشكال التهميش والفوضى والحروب والنزاعات العسكرية. واليد الخفية للغرب، في كل مكان..

 ولا حل لشعوبها أمام كل  تلك الكوارث إلا الهجرة والرحيل نحو طريق المجهول..وما لنا من صور اليوم لغزو شعوبها لمدننا الكبرى والمتوسطة إلا نتائج لتلك السياسة الاستعمارية الظالمة، في غياب تنمية محلية تمتص جيش من المهاجرين عبر العالم..!



رواية الريح الشتوية؛ من الحجم المتوسط ،شبه واقعية، بلمسات تاريخية تغلب عليها البساطة في تناول الموضوع الأساسي ،وهو معاناة الشعب المغربي في عهد الحماية مع الفرنسيين سواء في البوادي والقرى والأرياف أو بالمدينة الاقتصادية  الكبرى" الدار البيضاء" المركز، بالنسبة للمستعمر في تمرير سياساته وهضم حقوق الشعب المغربي، والعمل على تطويعه بلغة الاضطهاد والسجن والقتل والتعذيب…


لذلك كانت الرواية مغربية تحكي عن حقبة انتقالية من تاريخه المعاصر،وهي التي تحكي لنا بالصور من تعابير وحوارات وتفكير لما يدور في خيالات الشخصيات المعتمدة وفضاءات وزمان ومكان من وقائع اللإنسانية بسرد حكائي  من واقع حياتي،يحمله الكاتب في دواخله كواقع، وكأنه قد عاشه بالفعل،وبكل تفاصيله .وخاصة بالمكان الذي تدور فيه جل الوقائع في النص" بكريان سنطرال" وما دام الكاتب عينه ،قريب جدا من المدينة، وهو يصور لنا عبر هكذا شخصيات، جلها ممن هربوا من البادية نحو مدينة الدار البيضاء، كي يعيشوا لهم فترات فراغ مخيف بين الحياة والموت،و في أزمنة عجاف على زمن الخبز الحافي،من قطعة خبز يابسة وكأس شاي بارد في غياب السكر، والرذيلة بكل أصنافها من تسول وعمل يومي في عبودية مقنعة للميز العنصري الفرنسي بين رعاياه والبسطاء المقهورين، بمعامل الجير والأسمنت والسكر والسمك،وبرواتب جد هزيلة خدمة للرأسمالية الجنينية، التي بدأت ملامح بوادرها تكبر في مراحلها الأولى. عبر هكذا مصانع،ومستعمراتها الجديدة،التي شرعت تنقل منها ثرواتها الباطنية والبحرية والنباتية، وحتى البشرية منها لم تسمل من عدوانيتها ،في محاربة النازية الألمانية بعساكر المغرب والسينغال (فرنسا نموذجا).


نعم؛ وفي سرد حكائي جد بسيط إلى حد ماوعادي ك .ومن خلال دمج اللغة العامية المغربية في سياقات عديدة من المشاهد والجمل السردية. بما فيها كلمات لبعض الأغاني الشعبية الحماسية ضد الاستعمار الفرنسي، والأرض والوطن ،والتي تبقى لسان حال الناس في زمن القهر الاستعماري الغشمم..


يا الله ياسي علي…ا

عطنا ريح البلاد 

أمي أنا على بلادي

أنا ،وبلادي مول الحصايد

أنا،النخل والجريد والحجل نايض

وأمي انا على بلادي


ومعه بعض الاقتباس من القرآن الكريم .وبلغة سهلة وسلسة تعطينا صورة عن الثقافة الأدبية  والمعرفية للرعيل الأول لأبناء هذا الوطن،أولئك الذين تعلموا في جامعة القرويين أو البعض من مدارس المقاومة، والمدارس القرآنية .ولقد تم الاهتمام بلغة القرآن مقابل لغة المستعمر، التي حاول فيما بعد تمريرها لفئة من أبناء المتعاونين أو الفئة المحظوظة من فئة النبلاء   والأسر الغنية المغربية الذين سوف يحكمون لزمن طويل،فيما بعد، بعد حصولهم على دبلومات فرنسية في مجال هندسة القناطير ..


  • كانوخماسين في أرضه لفترات طويلة أو قصيرة.

  • الأرض قطعة من كبد المرء،فكيف يعيش ببقية كبد؟

  • ومن داخل الرحبة تعالى شخير مطحنة تدفع دخانها الكثيف إلى السماء،وقد تربعت على الأرض حولها نسوة ينخلن الزرع،ويصفينه قبل طحنه للراغبين.

  • أيكون ذلك جزاءا وفاقا لكل بما جنى على نفسه أو على غيره؟

  • لعدالة السماء على الأرض.

  •  كانت حياة المرأة مواسم مستمرة من عاشوراء إلى القديدة إلى شعبانة إلى غير ذلك من ذكريات العفاريت والشعوذة والأولياء.

  • الله يسترنا حتى يسترنا التراب..

  • أسراب القمل فوق جلباب الرجل مضطربة ذهابا وإيابا كخطوط النمل،باحثة. دون شك عن مهرب من رائحة الموت.


وفي الختام نقول : بأن الرواية المغربية  في زمن كتابة  نص الريح الشتوية، لم تعرف بعد نهضتها الكبرى، المؤجلة حتى ثمانينات القرن الماضي، والتأسيس لها عبر نصوص كبيرة . مؤسسة لبوادر رواية وطنية جديدة.لعلها تواكب عصرها الواقعي بدل الرواية الخيالية والرمانسية.و بعدما كنا ننتظر لسنين حتى يرى النور نص من النصوص هنا وهناك، يحمل اسما مغربيا دفنا الماضي و المعلم علي لعبد الكريم غلاب و الريح الشتوية لمبارك ربيع..!!






01//



https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9

تعليقات

في رحاب عالم الأدب..

سي محمد خرميز أيقونة من أيقونات المدينة الفوسفاطية.. بقلم عبد الرحيم هريوى الدار البيضاء اليوم/المغرب

عزيزة مهبي؛ المرأة الفوسفاطية بخريبكة ، العاشقة لمهنة التعليم على السياقة، وسط الكثير من الرجال..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

ماذا أصابك يا إعلامي زمانه و يا جمال ويا عزيز الصوت واللحن..!! بقلم عبد الرحيم هريوى

العين التي أعطت ضربة الجزاء للفتح الرياضي بدون الرجوع للفار هي العين نفسها التي ألغتها بنفس القرار بعدما شوهد الفار- بقلم الكاتب الفوسفاطي /:عبد الرحيم هريوى

"السوليما" الإفريقية بخريبكة بين قوسين..!ومحمد درويش يقول على هذه الأرض ما يستحق الحياة..!! عبد الرحيم هريوى..!

كلمة عن بعد ؛ عبر العالم الافتراضي كمشاركة منا في حق تكريم أستاذ لغة الضاد الأخ مصطفى الإيمالي بالثانوية التأهيلية عبد الله بن ياسين بٱنزكان - عبد الرحيم هريوى

ياسين بونو توأم لبادو الزاكي حارس مايوركا في زمانه..!! بقلم عبد الرحيم هريوى