قراءة نصية " بقلم عبد الرحيم هريوى " قد أكون كقارئ فنجان شعر(سؤال في زمن الأفول ..!؟
قراءة نصية " بقلم عبد الرحيم هريوى "
قد أكون كقارئ فنجان شعر وذاك سؤال في زمن الأفول ..ونحن نجعل من شهر مارس بساتين وروضات من عبير الكلمات ونفحاتها الزكية !؟
01- التقديم الحواري للنص المقروء :
أشعر في دواخلي في بعض الأحيان ،وأنا أمر على هكذا نصوص شعرية، أرغب في قراءتها قراءتي الخاصة والشخصية لنفسي أولا ثم القراءة الثانية ، لكن سرعان ما أجد نفسي بأن هناك شيئا ما بدواخلي يجرني بقوة صوب النصوص الغامضة..المقنعة..ذات لبوس وقناع سحريين.. والتي بالكاد يمكن أن تتلمس فيما بين سطورها، لصعوبة كبيرة تحملها بين ثنايا عوالم متشعبة تتيه في تفكيك طلاسمها..ورغم كل ذلك، فلا تتوقف رحلة المغامرة النصية المعقدة، وأجد نفسي أتمم السير قدما نحو مصبها الأخير..هناك عند نهايتها في مصب البحر الطويل الممتدة شواطئه..فأنا الآن متواجد بالفعل على ضفاف واد رقراق، بروافد شتى، وبحماس قارئ لفنجان كأس شعري،الراغب بالفعل في الارتماء في مائه العذب الزلال..ولا أخفيكم سروكنه عمق النصوص الشعرية، وظلمة عمقها ، فلا تكاد تخرج يدك كي تراها، فلا ندري عمقه بالتفصيل.. ولا التيارات التي يمكن أن تجذبنا لأعماق أعماقه..!
لكن لا سبيل أمامنا إلاأن نراهن، مع مثل هذه النصوص العميقة في نبضها ومجاز تعابيرها وصعوبة تلمس مواضيعها..!
وذاك ما وقع اليوم بالفعل..
لقد قرأت للشاعرة السوسية "سعاد السبع " بعض قصائدها ، ولكن احساسي الشاعري لم يسحبني سوى إلى فضاء نص رائع وجميل، أردت أن أدخل معه في حوار أدبي وشاعري متبادل،لعلي أستقي منه أخباره الدفينة..!
هو نص متوسط تحت عنوان ((سؤال زمن أفول..!) مدونته الشاعرة التي تحمل اسم" سعاد السبع" ونتركها في تقديم هذه القراءة، بأن تعرفنا بشخصيتها الأدبية،ونعطيها كامل حريتها، ونطلق يديها للتعريف بنفسها كشاعرة تعشق عذوبة الكلمة..وتنشرمشاعرها بفضاء لغة معبرة وسليمة ،وتعطي لنصوصها الشعرية الجميلة عدة أوجه للتأويل ،لمن له حب ورغبة في قراءتها..!!
02- السيرة الأدبية للشاعرة:
تقول سعاد بصراحة شاعرة ،ألفت دفء بيت الشعر منذ زمان:
منذ نعومة أظافري وأناعاشقة لقراءة الشعر،ومع الزمن وجدتني أكتبه..لكن ظللت أحتفظ بكتاباتي لنفسي وأجدني حاليا في بداياتي..بداية التقاسم لكن سأجدني يوما تلك الأنثى الحالمة أن تكون سيدة المنصات..وسيدة الركح والحرف الوازن الأخاذ..الكلمة الثقيلة..تؤرخ لي بين بني جلدتي وأقول ما قاله ابن عربي :
ما كتبت قصد التأليف ولكن كتبت تدفق الكلام وجري الحرف على اللسان..فكلنا نعيش هذه اللحظات..لحظة البوح..فنكتب الخلجات..لا كتابة دون ألم ولا ألم دون إحساس يحدث عن وقعه ومدى تأثيره على المتألم..!
03 - قراءة النص وتأملات في عمق معانيه وحمولته الشاعرية :
في بداية هذه القراءة ، أقول إن سؤال الأفول ..؟
يذكرني في أول وهلة في كتابة كلمة "أفول " بالروائي الكبير وصاحب رواء مكة و الموريسكي وأفول الغرب..وتذكرت معه كذلك القارئ والناقد المغربي المتميز،عبد الفتاح كيليطوفي كتابه -الأدب والغرابة-وهو يغوص بنا في مكونات تحليل النصوص الأدبية القديمة، في عهد الزمخشري والجاحظ وابن رشيق والبحتري والهمداني وآمرؤالقيس وزهير والنابغة الذبياني والأعشى و المعلقات السبع وحكايات لكل من السندباد البري والبحري وحكاية ألف ليلة وليلة.. وهو يخصص تحليلا مطولا عن كلمة " الشمس" وكل ما يرتبط بها من نهار وليل ..ظلمة ونور..شروق وأفول..وهكذا اعتبرها بمثابة لغة مجازية نستعملها عادة في جل نصوصنا الأدبية والفنية عن الشمس وعالمها الأدبي ، في شروقها وأفولها وحركتها الدائمة ،مما يجعلها تظهر وتختفي حتى لا يملها النظر..
لكل ما سلف ،فها هنا قد نجد أنفسنا أمام السؤال الصعب، أي
سؤال زمن الأفول..وأوجاعه ..!
وكم يكره الشعراء،هذه الكلمة.."الأفول"
فماذا تعني يا ترى في قاموس شاعرتنا سعاد السبع حين تقول في مستهل بوحها:
سحابة عقيم...
عانقت السماء..
من يرسم لوحة هذا الغروب...
على قشة الظلال ؟
من يراقص الجراح ؟
لوحة فلكلورية؟
حلم تهاوى..!
خلف أفول الشمس
تناثرت خيوطه الغابرة
كلام هونفسه، يعبر عن أكثر من صيغة، ويعطي للقارئ العالم صورة متخيلة لدى الشاعرة سعاد، فبصرها الآن نحو فضاء السماء الواسع،وبوحها يعطينا تصويرا له، وسط عالم جراح مكتومة بين الضلوع، يرسمها شفق ذاك الغروب..أفول غروب شمس نهار، تراه من زوايا حياة رومنسية،ومعها أحلام تتهاوى وتتناثر مثل خيوطه العابرة.!
فعلا؛إنها صورة فوق صورة غروب، يتلقفه غروب ذاتي ينكسر انكسارا باطنيا بنظرة ولغة الشعر الدافئة ..!
-هو إحساس فردي عميق..!
-هو بوح لأشياء دفينة؛ ونذوب داخلية، نصرخ بها في وجه شمس ما نكاد نتلقف أفولها في حياتنا على قشة ظلال..!
-فأي سحابة عقيم لا تمطر غيثا نافعا، ينبت الأرض زرعا وأقحوانا وأزهارا مزهرة ، فتصير حياتنا بستانا أخضرا يسر الناظرين..
-هي حياة رائعة وجميلة تتمناها الشاعرة بشكل مضمر غير صريح في قصيدتها، على أن لا تغيب، وتبقى حاضرة مستمرة، حضور كل شئ جميل في حياتها..!
وتتنقل شاعرتنا بأسلوب لغة البلاغة وأساليبها من مجاز وإجاز واكتفاء و استعارة ، مما يجعلنا ندق باب بيتها الشعري لعلنا نتقصى أخباره من عند صاحبته. وإذا لم تجيبنا، فسنعمل جاهدين حينذاك، وبما في وسعنا ؛كي نفهم ما هي دلالات ومعاني سطورها الغامضة غموض لب فاكهة الرمان..!؟!؟
قالت في تسلسل قصصي مشوق، و بحمولة من الرموز نصها الشعري، لوحدها تعرف مقياس عمق غور بوحه، ونحن في وسط نهره،نرتوي بلغة شعر صافية،عذبة الأوصاف نتلمس أفكارها بشكل من التركيز،لعلنا نقنص طرائدنا بمهارة بين أغصان نصها الوارف الظلال..!
قالت عن صورة فارس قصيدتها، انتشله خيالها كفارس أسطوري مجهول الهوية والاسم،أو كجثة غريق لمهاجر سري بشواطئ الغرب العنيد..وأعود من حيث بدأت مع شاعرتنا بلغة التماس بين الذات والواقع والخيال، فهل شاعرتنا تتواجد خلف بطلها الساحر؟؟ ،وهي تنفخ في أوداجه بنفس لعل قلبه ينبض من جديد، وتعود فيه الروح،وهو بالكاد يبحث له عن مخرج بعد التصوير الشعري والشاعري الجميل..!
وهويبحث عن قوس قزح تحت الغمام
وهويحاول السباحة ضد التيار..
لفظته أمواج منتحبة ..
راوده حلم طفولة بائسة..
وهو يلبس قناع جانوس
حين سكت الكلام
و ضاع الملاح و القبطان
حين فقد الشراع والمجداف
كان فارسا أضناه التجوال
يبحث عن قوس قزح تحت الغمام
انسلت خيوطه فانوسا في السماء
عبثا حاول البحث ...
عن عقارب ساعة
ضيعها بين المد و الجزر
حاول السباحة ضد التيار...
لفظته أمواج منتحبة
راوده حلم طفولة بائسة
اللعب بفقاعات الزبد
غازل النوارس فوقه
و شاخ الكلام بداخله
تبدد الحلم السرمدي
فعن حلم سرمدي ظل الحنين الوجداني له هو المسجون والمشدود لزمانه الجميل..
زمان حلم طفولة لا يكبر فينا ونبقى نحمله طفلا صغيرا،يحيي فينا أيامنا المطمورة في الذاكرة، ومعها علاقات البراءة في زمان الصبا الجميل..
لتنهي شاعرتنا سعاد، بثبات وثقة في النفس عودتها للحياة من عالم الجراح عبرفصول تراجيدية لشعرفي مسرحيتها اليونانية أنتيغون،وكلها آهات وتنهدات وأحزان، ولهيب دموع وهي تدخل في حوار مباشر مع القارئ في تحد شاعري ساحر وهي تلوح له بمعجزات الأنبياء والرسل، في اختراق المألوف في الحياة حين تقول في بوحها الرومنسي والعميق
التفت الآهات حول الوريد
عانقت الأحداق كمد الجراح
و هناك لهب دمعة
عبرت جسر الفؤاد
واخترقت سم الخياط
ممتطية صهوة الظلال
سلوا عصا موسى، عن الثعابين
سلوا الهدهد عن عرش بلقيس
أسارير تنقرها حرقة السؤال
حقيقة تائهة عبر السراب
لا تبحث عن سطوع شمسك
في زمن الأفول...
/ سعاد السبع /
/ النص المقروء /
"سؤال زمن الأفول..!؟ "
أفول
سحابة عقيم...
عانقت السماء..
من يرسم لوحة هذا الغروب...
على قشة الظلال ؟
من يراقص الجراح
لوحة فلكلورية؟
حلم تهاوى....
خلف أفول الشمس
تناثرت خيوطه الغابرة
كان فارسا أضناه التجوال
يبحث عن قوس قزح تحت الغمام
انسلت خيوطه فانوسا في السماء
عبثا حاول البحث ...
عن عقارب ساعة
ضيعها بين المد و الجزر
حاول السباحة ضد التيار...
لفظته أمواج منتحبة
راوده حلم طفولة بائسة
اللعب بفقاعات الزبد
غازل النوارس فوقه
و شاخ الكلام بداخله
تبدد الحلم السرمدي
عانق الوهم عشقا
و لبس قناع جانوس
حين سكت الكلام
و ضاع الملاح و القبطان
حين فقد الشراع و المجذاف
التفت الآهات حول الوريد
عانقت الأحداق كمد الجراح
و هناك لهب دمعة
عبرت جسر الفؤاد
و اخترقت سم الخياط
ممتطية صهوة الظلال
سلوا عصا موسى، عن الثعابين
سلوا الهدهد عن عرش بلقيس
أسارير تنقرها حرقة السؤال
حقيقة تائهة عبر السراب
لا تبحث عن سطوع شمسك
في زمن الأفول..
سعاد السبع
تعليقات
إرسال تعليق