ما سبق لي أن عشت بعواطفي الصادقة والعميقة مع كتاب قرأته كمثل هذا" بقلم عبد الرحيم هريوى- خريبكة اليوم- المغرب
"أحببتك أكثر مما ينبغي..!!"
01 - " مقاربة عامة للنص الروائي "
-الكاتبة السعودية " أثير عبد الله النشمي " من مواليد 1984 مقيمة بالرياض وصدر لها أيضا:-
-" تنتهي كل الأحلام " 2011-
-" فلتغفري " 2014-
-لعلي أجد نفسي اليوم ولأول مرة في حياتي الأدبية ، أشعر فيها بشيء غريب يسري في دواخلي ، و يراود إحساسي الباطني . و أنا على مشارف الصفحات الأخيرة من هذه الرواية العاطفية المثيرة والشيقة ، التي خطت كلماتها بأنامل كاتبة رقيقة المشاعر ، و لها من قوة الذكاء في الكتابة الأدبية للرواية القصصية ما يجعلها ، قادرة بكفاءة مميزة أن تنسج خيوطها الرقيقة نسيجا فنيا و إبداعا راقيا بتعابيرها الجياشة، وبأسلوبها النقي و المتماسك و ببلاغة لغوية متميزة وفصاحة وبيان بليغين ، وهي تحمل قاموسها الضخم من التعابير الباطنية العميقة عن أحاسيس و مشاعر رقيقة للمرأة العربية الأديبة ، التي تجعلك تنصت لكلماتها ورناتها كأنها بجانبك ..؟!-
-وكأنها جالسة بالقرب منك تشكوك هم حالها ، تبكيك و تتنهد من أعماقها ، وهي تتألم و تكابد و تعاني، لما شربته من مرارة و حنظل في زمن العشق و قهره ،و بكؤوسه المرة. وساقيها لم يكن إلا ذلك الطالب الجامعي و الكاتب والشاعر، الذي سمته الكاتبة أثير عبد الله "عبد العزيز" لعزته في قلبها ، وإنه سوى ابن جلدتها في بلد الثلج و برودته و الغربة و وحشتها..في وقت كانت تترجى منه أن يأخذها على جناح بساط الريح لعوالم الأشواق والسعادة و الأماني الجميلة .. و إلى مصيرهما المشترك في بناء عش العشق كزوجين سعيدين في يوم من الأيام.
-لكنه استعبدها ..قهرها..استبلدها..أهانها..واسترخص مشاعر ابنة بلده البدوية جمانة ، لأنها أحبته بقلبها ، حب ليلى لقيس في بيداء الصحراء في زمن العشق والشعر والخيمة والنخل..وظنت بأن المرأة في عرفهم البدوي -التقليدي لا تعشق إلا رجلا واحدا في عمرها.. يكون هو الأب والأخ والصديق والحبيب والسند والمتكأ.
-فكم تمنيت أن تطول صفحاتها عند مشارف نهايتها ، بكثير وتتجاوز الآلاف المألفة من الصفحات . وكم كانت قصيرة بل قصيرة جدا ؛رغم أن حجمها فاق الثلاثمائة صفحة .
-فما سبق لي أن عشت بعواطفي الصادقة والعميقة مع كتاب قرأته كهذا،إنها رواية عجيبة ، طبع منها أربعة عشر نسخة، و هو دليل على الإقبال الكبير على قراءتها وانتشار صيتها بين مجتمع القراء بالوطن العربي كاملا..ولعلها جعلتني أتحول كصحافي أو مخبر متنكر وراء الستار يلازم كالظل كل أبطالها ..؟!-
- إنها رواية العشق العذري والسرمدي ، الصادقة المشاعر لكاتبتها " أثير عبد الله "سعت من خلال فصولها أن تحكي لنا بتفاصيل دقيقة ومشوقة و مثيرة عن تاريخ ومحطات هذه العلاقة التي ربطت بين قلبين ،كل و احد يراها من زاويته الخاصة ، و بشخصيته و تفكيره و طموحه ،حاولت أن يعرف القاريء مناصفة عن كل جديد بشتى التفاصيل الدقيقةعن مسارعلاقة الحب القهري والظالم الذي ربط بين قلبين عاشقين في بلد الغربة هناك بمدينة مونتريال بالأراضي الكندية بين :" جمانة و عبد العزيز " الذي يكبرها بعشرسنوات، وهي في عمر الزهور..و في تحد صارخ لكل التقاليد و الأعراف المحافظة والمتحجرة لعالم بدوي تربت فيه أجيال كاملة على احترام طقوسه و عاداته بدون أن تعارضه أو تثور عليه في زمن ما.
--وكم مرة شعرت بأنني أمثل بين شخصيات هذه الرواية الحكم العدل بحيث يمتد خيالي لأحلام رومنسية بعيدة التحقق في الواقع و تأخذني أفكاري البهيمية المفاجئة لأهيم في التعمق في كل شخصية على حدة .
-وكم مرة امتد بي السهر لساعات متأخرة من الليل وأنا أعايش أحداث الرواية كحقائق على الأرض وأنا أتصور كل الأمكنة التي تمر منها جمانة صحبة عبد العزيز ،و هي تجلس فيها أو تنزوي في ركن من أركانها .. أو في مكالمة هاتفية طيلة الليل في حوار طويل بين عاشقين ببلد الغربة .
-أتخيلها وهي تبكي مرة و تتألم لوحدها في بيتها بسبب كل جرم عاطفي وقهري كان سببه قيس زمانها عبد العزيز .. ويا ما تعاطفت مع هذه الكاتبة في شخصية "جمانة "!! وما عانت من عذاب وآلام تجرعته في مكابدة عبر السنين لوحدها . و كان السبب هو حبها العذري بقلب طيب و صادق...؟!-
- - وهي تقول :-
-"لا تحزني..-
-فالآن يرحل عن ربوعك..-
-فارس مغلوب.
-فاروق جويدة.
02 - المعنى العام لأحداث الرواية وشخصياتها ومكانها وزمانها.
-إنها رواية رائعة و جميلة وشيقة ، و قد لا أجزم القول ، لأقول لعلها عبارة عن مذكريات شخصية للكاتبة السعودية"أثير عبد الله النشمي " و موضوعها الأساسي ، قصة عشق عذري من طرف واحد.. تجري أحداثها المثيرة في بلد الغربة بكندا خلال ثمانينيات القرن الماضي.. بطلاها طالب جامعي وطالبة.. كلاهما من موطن السعودية و هما يعيشان قصة حبهما المثالي بين برودة الأجواء الكندية و حرارة العشق المنفصم بين الرياض ومونتريال في تحد صارخ للعادات والأعراف والتقاليد المحافظة للمجتمع السعودي في ذلك الزمان..-
-ولعله قد يكون أول عمل أدبي للكاتبة أثير عبد الله ، لذلك جعلت منه متنفسا لها الوحيد الذي باحت فيه بحقائق حميمية وأجابت فيه عن عدة أسئلة معلقة في بيئة اجتماعية محافظة جدا و معقدة تعيش على طقوس من الماضي في كل شيء. وتناهض كل تحرر و تجديد . قد لا يتماشى مع حياة المجتمع السعودي التقليدي. فلا بد للقاريء والقارئة أن يطرحاها ليعرفا هل تعتبر كاتبتها الأدبية " أثير عبد الله "وهي في تحد للمجتمع السعودي المنغلق الذي لا يؤمن بعلاقة عشق من هذا النوع قبل الزواج ما دام هذا العمل الأدبي يعتبر البكر في انتاجاتها في عوالم الكتابة الرواية . و يحمل حقائق واقعية عن ذاتها ، ومهما حاولت أن تتفادى ،فإنها تقول الحقيقة بقلمها وليس بفمها جهارا وسط الأسرة والمجتمع وما دامت الكتابة كانت على الدوام هي الوسيلة التي نبحث من خلالها على توزناتنا الذاتية وتفريغ نوعي عن همومنا وأحزاننا ومكبوثاتنا العميقة وهي وسيلة نصدع من خلالها بأمل في تحررنا من قيود وسلاسل كبلونا بها بأسماء شتى نتناقلها كموروث اجتماعي رغم عدم رضانا عنها .
-"جمانة " بطلة الرواية ، إنها ابنة البادية من أسرة محافظة شاءت الأقدار أن تكون الوسطى بين إخوتها الأولاد والبنات ومن أب ميسور الحال ،ظل يكن حبا خاصا" لجمانة "التي رخص لها في الذهاب بعيدا في دراستها الجامعية ، هناك بالديار الكندية لتدرس هندسة المعلوميات مع ثلة من أبناء الشرق وتلتقي بصديقتها الكويتية "هيفاء " وباقي زملائها في الكلية زياد طالب في طب الأسنان، و عبد العزيز الكاتب و الشاعر والطالب في التسيير المقوالاتي والأعمال.وكانت " جمانة " محط أنظار الجميع لجمالها العربي المثير... و الكل يحاول أن يفوز بعلاقة متميزة معها ، وكان لزير النساء و اللعوب "عبد العزيز "ابن الرياض بالديار السعودية كل الحبال ليوقعها في شراك حبه ، فغاصت في أعماق علاقة متشابكة مع شخصية معقدة وعنيفة جعلتها تدفع ثمن حبها ، راحتها النفسية وعاشت سنوات عصيبة في تجربة دخلتها بلا نهاية ولا أمل .
-أعطت كل شيء غالي في حياتها مقابل سعادة في عالم المثل بأحلام بلورية سرعان ما ستستيقظ على استذلال وإهانة مقصودة من طرف ابن بلدها الذي أحاطها بعالم من الأوهام ومطاردة الساحرات سرعان ما انكشف أمره مع مر الزمان.. ورغم ذلك ظلت كما كانت لم تستطع أن تضع خاتمة لقصتها الغرامية ما دام العشق اختلط بدمها وكلما عبرت عن حبها.
--قالت :
- قهرني هذا الحب ،قهرني لدرجة أنني لم أعد أفكر في شيء غيره، أحببتك إلى درجة أنك كنت كل أحلامي..لم أكن بحاجة لحلم آخر..كنت الحلم الكبير،العظيم ،الشهي..المطمئن..الذي لا يضاهيه في سموه ورفعته حلم.
-03- وقد تألمت لحالها و شعرت بالجوع العاطفي والقهري الذي عاشته وعانته طيلة فصول روايتها ، فكتبت كلماتي الشاعرية التالية:
دموع القهر..
جراح الزمان أدمت قلبي الرقيق.
ودموع القهر أكثر ملوحة من سواها.
لا تجرحني مرتين كي لا تضطر للعق جراحي..؟!
سواء كنت أنا الجارح أو أنت المجروح..؟!
إني قد اعتدت على ملوحة الجراح..!
سمكة أنا في بحر الملوحة أتنفس..!
أتنفس أوكسجيني الذائب في مائي المالح..؟!
أموت لما أتنفس هواء نقيا خارج ملوحتي.
لاشيء يؤلم الصدر كدموع القهر.
تق بي إني امرأة فريدة من نوعها.
لست كباقي النساء..!
إني أشبه سمكة اعتادت على الملوحة
طوال حياتها !
تعليقات
إرسال تعليق